هذا بعض من مفردات عرض/ أحلام شقية/ تأليف:/سعد الله ونوس/ واخراج :/نائلة الأطرش/ والأحلام الشقية جمعت امرأتين من جيلين مختلفين وبقيت تلك الأحلام واحدة تتجسد في البحث عن الخلاص, حلم يتكرر ويتجدد الأمل به مع كل ساكن جديد للغرفة العلوية من بيت /ماري/ تلك المرأة القوية الضعيفة والشقية ,العاقر التي فقدت جنينها منذ 24 عاما, جنينها الذي تحاول إحياءه في شخص الساكن الجديد, أما /غادة/ فتراه الحبيب المخلص من عزلتها والإنسان الحنون , حلم جمع نساء مقهورات ومظلومات, فالمعاناة كبيرة مع الأزواج وذلك الحلم المتوالد يتوازى مع القهرالمزمن- الساكن في حياتهن, ففرز الشخصيات عبر العرض ما بين النساء والرجال لم يكن مجانيا وذلك الاصطفاء لم يأت من فراغ ,بل تمحور حوله دلالة معنوية ربطت المظلوم بالظالم ووسعت من دلالة الأحلام نفسها فالرجلان أيضا من أجيال مختلفة ويحملان سمة الظالمين في جوانب كثيرة فالأول زوج/ماري/ يعني الإهمال والاتكال والفساد والفجور بينما زوج /غادة/ عسكري فظ, متسلط, فشكل الإثنان معا ماضيا وحاضرا وسعيا لصياغة المستقبل مع بعضهما البعض, حيث يوظف /كاظم /...زوج/ماري/ كبصاص يراقب الناس وأفعالهم ومواقفهم حفاظا على مصالحهما وفي النهاية يغتالان الحلم المشترك لتلك الامرأتين , الحلم المشترك الذي سكن الواقع فيه قسريا وبشكل رمزي يشمل مأساة جماعية, فها هو عالم الانتظار والعزلة والاستسلام يسيطر ويكون الرؤية المسيطرة على العرض ككل , فالمساحة المنعزلة -الموحشة والتي تشكل معادلا بصريا لهيمنة العسكري الذي يهمه فقط منصبه ومستقبله , مهملا زوجته ومتآمرا على الآخرين من المحيطين به متعاونا مع الزوج البليد , من هنا تتسع دائرة الطرح من المستوى الاجتماعي الى المستوى السياسي , فتلك الأحلام المشروعة والشقية أبعد من أن تنحصر فقط في العلاقة ما بين المرأة والرجل, حيث أثقلت بالظلم والانتظار وحملت دلالات متنوعة انتقلت ما بين المستويات وما بين الشخصيات لتكون أكثر بلاغة تتطابق فيها مع حياة عامة, كثرت فيها النكبات المختلفة والأزمات خصوصا و أن تلك المرأة الشابة أشارت في أكثر من موقع من تخوفها بإعلان محبتها ل /جمال عبد الناصر/ أمام زوجها, لتتقرب الأحلام من /الوحدة/ وانكسارها, خصوصا أنه تمت الإشارة الى أن زمن النص المسرحي أيام الستينات بعد الانفصال, ومثله أحلام كثيرة التي تداخلت مع الواقع الاجتماعي المطروح, وقد صيغت مستويات العرض المتداخلة والمتشابكة في آن معا عبر أسئلة فنية أتاحت البوح بتلك المأساة المشتركة مجسدة أوضاع اجتماعية وسياسية كان الحلم جوابا وحاجة وخلاصا من ظلم متعدد الأوجه عبرت عنه بنيات نفسية معجونة بالوجع الدائم وقد أفرج عنه العقل الباطن مترجما مآزقه المتراكمة ومطلقا كوابيسه وأوجاعه , مانحا شخصيات العرض وأفعالها الدرامية في مستويات الحلم والواقع إيحاءات بليغة عن أزمات إنسانية واجتماعية شاملة , كما تواجدت دلالات ورموز تنقلت متحولة بين كل تلك الفضاءات متحفة العرض بالحيوية والمقدرة على إيصال الأبعاد المختلفة الفنية والفكرية الأكثر عمقا.‏