الفيلم مزيج صاعق من التسجيلي ,الرسوم المتحركة ,اليوميات الخاصة ووقائع الحرب . يناقش حكاية جندي اسرائيلي - مخرج الفيلم ذاته - مع الألم والندم والإحساس بالذنب .فقد كان شاهدا على مذبحة صبرا وشاتيلا حين شارك في الغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982 والفيلم كله هو »كابوس « مرعب يقطع أنفاس المشاهد منذ اللحظة الأولى . حين يلتقي مخرج الفيلم في أول مشهد بصديق له في حانة ليلية فيحكي له صديقه عن كابوس مرعب ينتابه في منامه كل يوم وهو يشاهد في الكابوس قطيعا من الكلاب المتوحشة وهي تركض في أحياء المدينة وينشرون الرعب والفوضى في طريقهم ثم يتوقفون خارج داره وينبحون وهو يتطلع إليهم مرعوبا من نافذته في الليل وقد اعتبر هذا المشهد من أشد المشاهد رعبا .لقد أوكلت إلى هذا الجندي عند اجتياح لبنان مهمة قتل هذه الكلاب التي كانت تحرس مداخل القرى وبنباحها كانت تلفت انتباه المقاومين إلى وصول الجنود الاسرائيليين .غير أن هذه الكلاب صارت أشباحا لكلاب ضارية بأنياب متوحشة مسعورة تطارده كل ليلة وتطارده في منامه وفي اليوم التالي على ذاك اللقاء يبدأ »آري « مخرج وبطل الفيلم أيضا يستعيد ذاكرة تلك الحرب العبثية التي شارك فيها مع القوات الاسرائيلية في لبنان وتبدأ صورها تتشكل في وعيه وضميره وتخرج من كهوف الذاكرة بعد سبات عميق وتصحو فجأة, كان فولمان جنديا في الجيش الاسرائيلي عندما غزت لبنان . وسمح الجيش الاسرائيلي لرجال الميليشيا المتعاونة معها بدخول المخيمين ووقف ساكنا بينما عاث هؤلاء الرجال قتلا . ولأن ذلك الكابوس يطارده فإنه يبدأ في استدعاء ذاكرته. ومجموعة الأصدقاء الذين عاش معهم أيام شبابه وخدمته العسكرية. وكان قد لف ودار بالفعل ليستجوب زملاءه من الجنود لكي يستمع إلى حكاياتهم وهو غير مصدق أنه كان موجودا وحاضرا معهم ,وبعد أن أخرج فيلما تسجيليا قام فيه بجمع شهاداتهم حول الفيلم فيما بعد إلى الرسوم المتحركة إنه فيلم جمع فيه كل ذكرياته صوره وشخصياته معترفة بشيء واحد هو تورط »اسرائيل « في تلك المجزرة التي راح ضحيتها مئات الأبرياء .
اعترافات من أجل تطهير الذات .اعترافات وشواهد وذكريات بل و تفاصيل تذهب إلى دقائق الأمور والملاحظات ..والهوامش .
جملة الشخصيات التي يقوم المخرج برسمها تدور حول تعميق وتفتح نوافذ الذاكرة التي أوصدت منذ زمن بعيد ,ولكنها تظل تطارد أصحابها مثل تلك الكلاب الشرسة التي تترقب الثأر .
لقد تم تغييب الذاكرة عن تلك المرحلة كما يقول فولمان إلا أنه بالبحث تتكشف الحقائق وتتأكد الاتهامات وهي اتهامات لا تقبل الشك ومواجهات ستحمل لهذا المخرج الكثير من المواجهات والاتهامات ..
هذا ما يذهب إليه الفيلم باحتراف وكم من الوثائق لعل أبرزها تلك الصور الوثائقية التي تأتي في نهاية الفيلم الذي ظل يتعامل مع المشهديات الكارتونية , إلا مشاهد المجزرة وآثارها ويصور الفيلم أيضا مجندين شبانا وهم يقاتلون في لبنان حيث قتل وأصيب الكثير منهم والاحلام والهلاوس التي ظلت تنتاب الكثير منهم بعد مرور أكثر من 20 عاما على الحدث .
اللقطات الحقيقية الوحيدة في الفيلم عرض وجيز لصور جثث رجال ونساء ملقاة في شوارع مخيمي صبرا وشاتيلا بعد المجزرة .
قال فولمان للصحفيين في »كان « لم أكن أريدكم كجمهور أن تخرجوا من العرض بعد مشاهدة »الرقص مع بشير « وأنتم تفكرون في أن هذا فيلم رسوم متحركة ظريف وأضاف :»هذه الأشياء حدثت ...آلاف الناس قتلوا ...لكي يوضع الفيلم في نصابه كانت هذه الثواني الخمسون ضرورية بالنسبة لي ومن أهم العوامل المفاجئة في هذا الفيلم هو المقارنات التي عقدها طبيب نفسي بين مذبحة صبرا وشاتيلا ومحرقة النازي .
وقال فولمان »رد الفعل « ازاء المذبحة في اسرائيل كان ضخما لأنه بعد ذلك فورا نشرت أولى صور للمذبحة ...بالنسبة لنا نحن الاسرائيليين كانت »للمذبحة « صلة مباشرة بتاريخنا اليهودي .لكن وعلى الرغم من اصراره على أن فيلمه شخصي إلا أن هذا لا يمنع من اضفاء الطابع السياسي على الحدث وإذا كان المخرج والمجتمع الاسرائيلي قد ألقى اللوم على الميليشيات اللبنانية لكن الفيلم يكشف أيضا إلى أي مدى كانت السلطات الاسرائيلية متورطة .لقد ختم فولمان كلامه بالقول » الجنود مجرد بيادق في لعبة الزعماء التي يلعبونها « .