تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عبد الوهاب المسيري: عَبرتها وحيداً.. 1938-2008م

شؤون ثقا فية
الأحد 6/6/2008
يمثل عبد الوهاب المسيري.. الناقد والشاعر والمفكر أنموذجاً للعقل البناء الفاعل والمتفاعل مع محيطه والمستفيد من معطيات العلم والتاريخ أينما كانت.. فهو كما أسلفنا يجمع بين أكثر من موهبة وقضى حياته يقرأ ويكتب, يبحث وينقب ويحلل وكأنه لم يكن يحلم بيوم راحة على الاطلاق..

العام الماضي زار دمشق وكرّم فيها من قبل دار الفكر السورية وصدر عنه كتاب هام بعنوان: عبد الوهاب المسيري في عيون أصدقائه ونقاده,.. كان الرجل مريضاً ومتعباً ومع ذلك أبى إلا أن يأتي الى دمشق التي يرى فيها ملاذاً لكل العروبة, وحين صدرت موسوعته الشهيرة حول اليهود واليهودية كانت دمشق عوناً له حين لم يقف حوله من يشد أزره ويسانده...‏

برحيل عبد الوهاب المسيري نفتقد مفكراً قدم للمكتبة العربية دراسات وأبحاثاً هامة ستبقى مرجعاً أساسياً لكل من يبحث في قضايا الصراع العربي الصهيوني, ففي سلسلة عالم المعرفة الكويتية قدم عام 1983م أشهر كتاب: الأيديولوجية الصهيونية.. دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة, ويقع في مجلدين.‏

بعد ذلك تتالت أعماله حول اليهود واليهودية والصهيونية.‏

جرّاح ثقافي..‏

من الكتاب الهام الذي أصدرته دار الفكر تحت عنوان: علماء مكرمون.. عبد الوهاب المسيري في عيون أصدقائه ونقاده.. نقتطف أقوال بعض المفكرين الذين ساهموا في إعداد هذا الكتاب.. ومن بحث كرمة سامي نقتطف قولها: د. المسيري »جراح ثقافي« محنك لا يستنكف أن يعمل مبضعه في أي جسد ينهض نموذجاً ومن ثم فهو يراه قابلاً للتدخل الجراحي, وهو لا يقترب من هذا الجسد -المنتج الحضاري- بدافع المزاح أو التعالي بل يحلله بجدية واضحة لا يمنع عمقها الأكاديمي أن تتخللها خفة ظل مصرية.. وتضيف: جوهر مشروع المسيري هو التعمير الحضاري, وهو يود ألا يرى العالم غابة كتلك التي التقى فيها في الماضي بذئب الثروة وذئب الشهرة وذئب المعرفة, والمسيري يعري المشروع الحضاري الغربي بقوله: شكل من أشكال جهنم وتسمى الاستهلاكية العالمية, -وحسبه- فإن مرض أمريكا الآن هو التخمة وليس ضعف التغذية, لذا يتمثل المشروع الحضاري الغربي في تكوين ونشر قيم المجتمع الاستهلاكي المتمثلة في محاولة تحقيق الحلم الأمريكي: بيت وزوجة وسيارة وطفلان وكلب ومستوى معيشي مرتفع ومستوى أعلى من الملل واللامعنى واللامعيار...‏

ذئب التلفزيون..‏

وفي تحليله للمجتمع الأمريكي يرى المسيري أن ذئب التلفزيون هو ذلك الوحش المخيف بكتيري الانتشار اللاعب بالعقول وبالمصائر والهويات, إن الشعب الأمريكي ليس لديه عقيدة في أي شيء ويأتيه اليقين من التلفزيون لذلك تستطيع السلطة الحاكمة هناك السيطرة على هذا الشعب بالاعلام, ومن ثم تتخذ قراراتها الاحتلالية نحو العالمين العربي والاسلامي بسهولة لأنها غيبت الذاكرة. تروج هذه البرامج لازدواج المعايير ومفهوم أن آخر صيحة وزيادة الاستهلاك هي القيمة الأعلى والأبقى.‏

والأمر المؤسف هو كون برامجنا على الفضائيات العربية تقليداً ممجوجاً لبرامج البطة القبيحة والأخ الأكبر, وستار أكاديمي مع تزايد الهوس ذاته بالتصويت ومقياس المشاهدة, وهي حرب من نوع آخر بين أبناء القبيلة الواحدة لا هدف لها سوى تفريقهم تحت رايات وهمية.‏

الإنسان الآلي..‏

يقول حجاج علي في بحثه: المسيري والفكر المعاصر.. تداخلات وتقاطعات: إن المسيري يعترف بأن الفلسفة العقلانية المادية الصلبة قد نجحت رغم ماديتها الصارمة في تأسيس نظم معرفية وأخلاقية تستند الى نقطة ثبات مثل العقل والطبيعة البشرية والقوانين العلمية. لكنه يرى -المسيري- أن المادية العقلانية الصلبة أفرزت نتائج أهمها هو: تحول الانسان الرباني كما يسميه -المسيري- الى إنسان آلي أو بالأحرى الحيوان الآلي أو الانسان الاقتصادي والانسان الجسماني, ويرى المسيري أن الابادة النازية هي واحدة من أبرز العواقب التي أفرزتها الحداثة الغربية.‏

سمات المفكر..‏

يتسم المسيري بالشجاعة في طرح أفكاره غير مبال إلا بالاخلاص للحقيقة الأمرالذي تبين -كما يقول عمار علي حسن- في تفريقه بين اليهود والصهيونية وإسرائيل في وقت كان كثيرون مخلصين للتفكير القديم الذي يضع الثلاثة في سلة واحدة وحسب عمار علي حسن فإن من سمات تفكيره:‏

- بناء الأسطورة الذاتية: أي بنى شهرته الذاتية على مهل خارج المواقع الرسمية وبعيداً عن بلاط السلاطين وعوّض إخفاق المؤسسات عن استيعابه بإقامة مؤسسته الشخصية وجمع حوله نخبة من الباحثين والمترجمين والكتاب المتميزين.‏

نقد الذات ومراجعتها..‏

هذا الأمر جعل المسيري يعيش في حالة من الجدل المستمر مع الأفكار يقلبها على وجوهها كافة مسلحاً بالاخلاص للمعرفة ومنحازاً الى الحقيقة والحكمة فأنى وجدهما فهو أولى بهما. وهذا النقد الذاتي جعل المسيري ينتقل من الماركسية الى الرؤية الحضارية الاسلامية ومن المادية القحة الى المزاوجة بين المادية والروحانية.‏

- الاحاطية: فهو من الموسوعيين في زمن تراجع فيه تواجد المثقفين الموسوعيين في حياتنا الفكرية بدرجة كبيرة..‏

- التفكير الهدف الرسالي.. هذا البعد هو الذي جعله يتحمل عبء الانفاق على موسوعته (اليهود واليهودية والصهيونية) والأمر الذي جعله يتجاسر أمام التهديدات الصهيونية له بالقتل.‏

المسيري شاعراً..‏

في الثامنة عشرة من عمره أي عام 1956 كتب المسيري قصيدة بعنوان:‏

أربعة سطور الى الكرة الأرضية يقول فيها:‏

لو كان لي ألف ذراع‏

لو كان لي ألف قدم‏

لضممت الأرض الى صدري‏

وأغمضت عيني في شغف‏

وفي العام 2002م يكتب قائلاً:‏

عبرتها وحيداً‏

عبرتها شريداً‏

عبرتها كسيراً‏

عبرتها أسيراً‏

عبرتها سجيناً‏

عبرتها حزيناً‏

......‏

عبرتها جميعاً‏

صحارى الظلام..‏

ومبدعاً للأطفال..‏

قدم للأطفال سلسلة بعنوان: (حكايات هذا الزمان) نذكر منها:‏

1- نور والذئب الشهير بالمكار.‏

2- سندريلا وزينب هانم خاتون.‏

3- الرحلة الأسبوعية الى جزيرة الدويشة.‏

4- سر اختفاء الذئب الشهير بالمحتار.‏

5- معركة كبيرة صغيرة.‏

6- ما هي النهاية.‏

7- ثلاث حكايات وثلاث نهايات من هذا الزمان.‏

***‏

من مؤلفاته‏

1- موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية-رؤية نقدية.‏

2- الايديولوجية الصهيونية-دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة.‏

3- الصهيونية والعنف.‏

4- موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية /5/ مجلدات.‏

5- إسرائيل وجنوب أفريقيا, تطور العلاقة بينهما.‏

6- الشعر الرومانتيكي الانجليزي. النصوص الأساسية وبعض الدراسات التاريخية والنقدية.‏

7- العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة.‏

8- الصهيونية والنازية ونهاية التاريخ.‏

9- العالم من منظور غربي.‏

10- في أهمية الدرس المعرفي.‏

11- رحلتي الفكرية.‏

12- أغاني الخبرة والحيرة والبراءة.‏

13- في أهمية الدرس المعرفي.‏

14- دراسات في الشعر.‏

15- فريدريك نيتشه فيلسوف العلمانية الأكبر..‏

- سلسلة أدب الأطفال (حكايات هذا الزمان) وقد صدر منها /7/ أعمال.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية