تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أحلام الأجيال

أبجد هوز
الأحد 6/7/2008
معتصم دالاتي

في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي كنت بين الإبتدائي والإعدادي, وكنا نحصل على شهادة السرتفيكا أي الإبتدائية من الصف الخامس, و ننتقل إلى الإعدادي التي كنا نسميها التجهيز, وكان السؤال الشخصي الذي نتداوله فيما بيننا عن المستقبل.

فكان أحدنا يسأل زميله عما يود أن يصبح عندما يكبر? وكانت الإجابات تتراوح بين دكتور أي طبيب, أو مهندس, أو محامي, وكان عدد هؤلاء أقل من القليل, ويشار إليهم بالبنان, غير أن مهناً أخرى كانت تثير شهية وأحلام الآخرين, فالبعض كان يأمل أن يصبح ممثلاً في السينما,فعماد حمدي وشكري سرحان وفريد الأطرش ويوسف وهبي ومحمد عبد الوهاب هم نجوم وأبطال, وقصص الحب والغرام التي يعيشونها في الأفلام تجعل القلب يزقزق مثل العصفور, وفريق ثالث من جيلنا كان يميل إلى الأدب فمنهم من كان مأخوذاً بأحمد شوقي وحافظ ابراهيم وعنترة بن شداد والمتنبي والحمداني من خلال النصوص الشعرية التي نحفظها غيباً من كتب القراءة ونسميها مادة الاستظهار, أما العاطفيون الذين قرؤوا العبرات والنظرات ومجدولين للمنفلوطي, ودمعة وابتسامة والأجنحة المتكسرة لجبران, ولقيطة لمحمد عبد الحليم عبد الله وكانت تسيل دموعهم مدرارة على خدودهم فيمسحونها بكم القميص أو ما يشبه الجاكيت, إذ لم يكونوا قد اخترعوا محارم الكلينكس أنذاك , فكان هؤلاء ينوون أخذ طريق الشعر أو الرواية, فهذه مهنة تحقق الشهرة وتشبع عواطف الآخرين, وفريق رابع كانت تأخذه المناصب, فيصرح بأنه سيصبح في المستقبل وزيراً أو رئيس وزراء أو نائباً في البرلمان أو ضابطاً في الجيش يحمل النجوم على كتفيه والأوسمة على صدره ويحرر فلسطين, وقلة قليلة منا كانت تبوح بأحلامها في رئاسة الجمهورية, وكان واحد من هؤلاء يسأل المقربين منه عن المنصب الذي يريد أن يعينه فيه عندما يكبر ويصل إلى مبتغاه.‏‏

في ثمانينيات القرن الماضي, ومع تفاقم الأزمات لبعض السلع والمواد التي تهم احتياجات المواطن الحياتية, كانت الأمنيات كما أظن تتراوح بين فران أو صاحب فرن, بائع مازوت أو صاحب كازية, متعهد, مهرب, أو مدير مؤسسة استهلاكية.‏‏

ترى بماذا يحلم أطفال هذا الجيل? لست واثقاً, ولكني اعتقد وأنا أراهم يملؤون الحارات وكل ثلاثة أو أربعة يشكلون فريقاً لكرة القدم, ويملؤون الملاعب ويتحلقون حول التلفزيون عند كل مباراة, ويحفظون أسماء الأندية والفرق ولاعبيها..ترى هل يحلم كل واحد من هؤلاء الأطفال أن يصبح في المستقبل نجم كرة القدم تتابعه الملايين على الشاشات الصغيرة والعملاقة وهو يسجل (الكول في مرمى الخصم), فتضج له هذه الملايين بالهتاف وتلتهب أكفهم له بالتصفيق .‏‏

تعليقات الزوار

أيمن الدالاتي - الوطن العربي |  dalatione@hotmail.com | 06/07/2008 12:48

وأنا أيضا كنت صغيرا أتطلع لرؤية الدنيا وأعيش الحياة بكل جوانبها سلبها وإيجابها لأختار مايروق لي كمستقبل ينتظرني, فرافقت الكبير قبل الصغير, وقبل أن أسلم بالفاسق أنه فاسق كما يقول الناس عنه , كنت أعاشره لأتاكد بنفس وأحكم بذاتي, وهكذا دخلت المسجد والمسرح والملهى والعلم والفن والإعلام والثقافة والرياضة والسياسة والأدب, وفي كل مجال كان لي مؤشر واعد, لكني ضيعت الجميع من كثرة النطوطة ولاحتى نطوطة جنبلاط النطاط, وفي سن الجامعة تأكدت ألا مستقبل لي في بلدي سورية العربية لأنني لاأحب الإنتماء لأية مؤسسة ترعاني أو حزب يتبناني, فطرت وحيدا بطائر الحرية فارغ الجيب وبقيت هكذا أشقى بقسوة الحياة وأسعد بواحة الحرية, وكلما نظرت لطفل لاأسأله عن أصله وفصله إنما أبعده عن الطريق الذي سرت فيه ودفعت ثمنه باهظا مع الناس جميعا بما فيهم فلذات كبدي, إنما رصيدي عند الله كبير وكبير فالحمد لله رب العالمين.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية