تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الذكرى الرابعة والأربعون للحركة التصحيحية المجيدة..مسيرة رائدة يخلدها التاريخ

متابعات سياسية
الاثنين 17-11-2014
 عبد الحليم سعود

حين تتعرض أمة من الأمم إلى محنة قاسية أو تعيش أوضاعاً معقدة كما هو الحال الذي تمر بها منطقتنا اليوم تبرز وتتعاظم أهمية ودور القائد التاريخي الذي يستطيع بما يمتلكه من مواصفات قيادية خاصة استنهاض واستثمار عوامل القوة الكامنة في أمته من أجل العبور بها إلى بر الأمان،

من هذه الزاوية يمكن مقاربة حدث استثنائي مهم في تاريخ سورية الحديث كالحركة التصحيحية المباركة التي قادها القائد الخالد حافظ الأسد في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970، لأن التجارب الأصيلة في حياة ومسيرة الأمم والشعوب هي التي تعمر طويلاً وهي التي يخلدها التاريخ بأحرف من نور.‏

فمن عاش مرحلة ما قبل التصحيح وما بعده أو درسهما بموضوعية وحيادية سيدرك جيداً أهمية ما صنعته الحركة التصحيحية في سورية وأهمية ما قدمته للأمة العربية، وما الذي أضافته لمسيرة وتاريخ بلد عريق تمتد جذور حضارته بعيداً في التاريخ لأكثر من سبعة آلاف عام، حضارة يراد اليوم طمسها وشطبها ومحوها من الذاكرة على إيقاع تآمر إقليمي ودولي وحرب عدوانية إرهابية تكفيرية تنتمي إلى عصور الظلام والانحطاط والتخلف والرجعية، ولكن عندما تضع هذه الحرب أوزارها وتنتصر إرادة السوريين الفولاذية ـ وهي ستنتصر حتماً كما عودنا التاريخ ـ سيتوقف الدارسون كثيراً عند أسباب هذا الانتصار ليكتشفوا سريعاً أن البذور التي زرعتها الحركة التصحيحية على امتداد سنواتها هي التي أثمرت صموداً وبطولة وانتصاراً.‏

وباختصار يمكن القول أن الحركة التصحيحية لبّت مطالب وحاجات الشعب في مجالات عديدة يأتي في مقدمتها الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بعد أن وضعت حداً لحالة الفوضى والضياع والصراعات المزمنة بين القوى والأحزاب والمكونات المختلفة، وقدمت صيغة وطنية ومميزة للحكم وإدارة شؤون البلاد ورعاية مصالح الناس تجلت بناء مؤسسات دستورية وتشكيل أحزاب وتجمعات وفعاليات وطنية ومنظمات وأطر شعبية ونقابات مهنية وجمعيات..إلخ، لتحشد جميع طاقات الشعب في معركة واحدة هي معركة تحرير الأرض والإنسان وبناء الدولة الحديثة على أسس صحيحة وسليمة.‏

ولعل من أهم ما أخذته الحركة التصحيحية بعين الاعتبار هو بناء جيش وطني عقائدي مؤمن بقضايا شعبه وأمته، مستعد للتضحية في سبيل الدفاع عن أرضه وشعبه وصون الاستقلال والسيادة والقرار الوطني، وقد أثبت الجيش العربي السوري البطل في محطات كثيرة وخاصة خلال الحرب الارهابية التي تخاض ضد سورية من قبل قوى الشر والتكفير والعدوان أنه الرهان الرابح والمنتصر على الدوام مهما اشتدت الخطوب والمحن.‏

ولا يمكن أن ننسى دولة المؤسسات التي أرستها الحركة، من تأسيس برلمان منتخب من قبل الشعب وجبهة سياسية تضم معظم الأحزاب الوطنية، وإنشاء مجالس للإدارة المحلية ومنظمات شعبية ونقابات مهنية وأطر مختلفة للعمل الوطني، لتتحول سورية إلى ورشة عمل على كل المستويات وفي كل الميادين ما جعلها دولة منتجة ومصدرة ومكتفية بذاتها بدل أن تكون دولة تابعة تعيش تحت رحمة صندوق النقد والبنك الدولي، وهذا ما يفسر صمود الاقتصاد السوري بالرغم من كل الضغوط والعقوبات التي مورست ضده من قبل قوى الاستعمار وعملائه في المنطقة.‏

ولم تكن سورية بعيدة عن قضايا أمتها بل كانت دائما في قلب هذه القضايا وفعلت كل ما من شأنه صون الأمة والدفاع عنها في وجه الأطماع الخارجية ولا سيما أطماع الكيان الصهيوني، وبقيت على الدوام ترفع لواء قضية فلسطين وتتبنى خيارات شعبها وعلى رأسها المقاومة ما جعلها رقماً صعباً في كل معادلات المنطقة وهيأ لها مكانة مرموقة في ضمير ووجدان الشعب العربي، وباتت رمزاً من رموز الصمود في وجه قوى الاحتلال والعدوان والإرهاب.‏

ومن جملة ما أنجزته الحركة على الصعيد الخارجي إقامة علاقات وطيدة وصداقات متينة مع دول وشعوب مختلفة على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، لتنتزع سورية في وقت قصير مكانة مرموقة وموقع متميز على المستوى الإقليمي والدولي بفضل تمسكها بحقوقها ومصداقية سياستها والتزامها بالشرعية الدولية، الأمر الذي جعلها تحظى بثقة واحترام الجميع بما فيهم الخصوم والأعداء، وهو ما وفر لها في ظروف الأزمة الراهنة حلفاء وأصدقاء يدافعون عنها ويتشاورون معها ويتبنون مواقفها في الكثير من المسائل والقضايا، ولا أدل على ذلك من وقوف روسيا والصين ودول البريكس وإيران ودول أميركا اللاتينية إلى جانبها في مواجهة العدوان الدولي والإرهابي الذي يستهدفها.‏

ولأن مسيرة العطاء والانجاز والتقدم لا تتوقف عند حد معين فقد شهدت سورية منذ عام 2000 وحتى اليوم استكمالا لحركة التصحيح بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد الذي قاد مشروعاً وطنياً للتحديث والتطوير شمل مختلف القطاعات والمجالات والميادين، وهو ما ساهم بتعزيز منجزات التصحيح وأضاف إليها كثيراً، ما وضع سورية في عين الاستهداف مجدداً، ليتآمر عليها أعداء قدامى وأعداء جدد في الداخل والخارج من أجل عرقلة مسيرتها ومنع تطورها وتعطيل حركة نهوضها وتقدمها وثنيها عن مواقفها القومية وسياستها الداعمة للمقاومة ولقضية الشعب الفلسطيني المظلوم.‏

ولكن مهما اشتدت الحرب ومهما ارتكب المجرمون والعملاء والمرتزقة من أعمال تخريب وإجرام وإرهاب بحق سورية سيبقى شعبنا الوفي متمسك بنهج التصحيح يدافع عن منجزاته، وستتواصل مسيرة البناء والإصلاح والتطوير حتى تبلغ غايتها، وسيظل البناء الذي أرسته هذه الحركة صامدا في وجه العواصف والأنواء بفضل وعي شعبنا وتمسكه بوحدته الوطنية وتلاحمه خلف جيشه وقيادته ومؤسساته.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية