تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المنظمات غير الحكومية منفذ واشنطن لخرق سيادة الدول

 بقلم جوليان تيل
عن موقع اتلانتيكو
متابعات سياسية
الاثنين 17-11-2014
 ترجمة: دلال ابراهيم

حينما قررت روسيا اصدار تشريعات حول مسألة المنظمات غير الحكومية الممولة من الخارج , صورت هذه المنظمات غير الحكومية ومعها وسائل الإعلام الغربية مشروع القرار المتخذ في هذا الخصوص بأنه بمثابة ( قانون مناهض للمنظمات غير الحكومية )

وأعلنوا أن هذا القرار يشكل ضربة ( لحرية التعبير ) مستغلين القرار من أجل فبركة الكثير من الأكاذيب حول غاياته . وقد شاركت هذه المنظمات غير الحكومية في أعقاب الدفاع عنها في وسائل الإعلام بعد وضعها ضمن أطر من قبل حكومة الرئيس اوباما في حرب سياسية حقيقية ضد القرارات الروسية ذات السيادة . وباسم هذه الحرب التي تخوضها المنظمات غير الحكومية , ألقى الرئيس اوباما خطاباً كشف فيه الدور المنوط بتلك المنظمات ضمن الدبلوماسية الأميركية مؤكداً ما أكد عليه العديد من الباحثين لفترة طويلة : علماً أن الولايات المتحدة تسعى إلى إخفاء علاقاتها المالية مع تلك المنظمات في العالم وأنها تتدخل فعلياً في الشؤون الداخلية للدول عبر هذه البوابة .‏

منذ نحو ثلاثين عاماً رفعت الولايات المتحدة يافطة تقول أن ( احترام حقوق الإنسان ) يشكل ( الحجر الأساس للسلام في العالم ) ومن خلال هذا المصطلح قدم الرئيس رونالد ريغان الالتزام الدبلوماسي الأميركي أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 22 أيلول عام 1986 . وفي عهد الرئيس ريغان تم إنشاء « الصندوق الوطني للديمقراطية « ومهمته الأساسية تتركز وفق ما يشير على موقعه الالكتروني في « نشر الديمقراطية على المستوى العالمي «, ويمتلك الصندوق شبكة عالمية من المنظمات غير الحكومية ذات التأثير الكبير المستفيدة من مساعدات سخية . ولكن هذه المنظمة الممولة كلياً من قبل الكونغرس الأميركي اشتهرت بتدخلاتها المتكررة في العمليات السياسية الخارجية . وقد صرح آلان وينشتاين أحد مؤسسيها في عام 1991 قائلاً :» ما نفعله الآن مع تلك المنظمة كنا نفعله مع السي أي أيه قبل عشرين عاماً « والسؤال كيف لا نتوقع ردود فعل معارضة من دول ضحية لتلك المنظمة لما تمتلكه من آفاق وتمويل لمئات من المنظمات المرتبطة بها ؟‏

في عام 2012 تبنى مجلس الدوما الروسي مشروع قانون صنف المنظمات غير الحكومية التي تتلقى أموالاً من الخارج وتقوم بنشاطات سياسية ( بعملاء الخارج ) ووضعها تحت إشراف الدولة . وقد رأت المؤسسات التي استهدفها هذا القانون أنه يهدف إلى الحد من أي انتقاد للحكومة الروسية . ولكن هذه المنظمات لم تقل شيئاً في أن هذا القانون في جزء منه يحاكي قانوناً أميركياً قديماً يدعى قانون ( تسجيل العملاء الأجانب ) ولم يروا فيه أي شكل من أشكال الرقابة . علاوة على أن القانون الروسي لا يمس حرية التعبير لتلك المنظمات غير الحكومية . بل فقط فرض عليهم وضعاً خاصاً دون وضع أي قيود على نشاطاتهم . فرض عليهم بكل بساطة التصريح عن مصادر تمويلهم من الخارج في حال تلقوها . وفي الوقت الحالي , هناك ما لا يقل عن عشرين دولة في العالم تفكر بوضع تشريعات خاصة بهذا الموضوع وبعضهم وضعها . وهذا يعني أن القضية ليست ظاهرة روسية وحصرية , وإنما جاءت نتيجة حالة تشبع عانت منها الدول الضحية لتلك المنظمات .‏

منذ عام 2012 والقانون الروسي ضد المنظمات غير الحكومية يتفاعل . فمن جانبها وصفت منظمة العفو الدولية هذا القانون بأنه ( مخيف ) بينما مفوضية حقوق الإنسان نشرت تقاريرها عنه , واجتمعت المنظمات غير الحكومية وأنشأت تحالفات ضد هذا القانون . ولكن أي من هذه المنظمات في روسيا لم تنبس ببنت شفة عن الاستراتيجية السياسية التي تعمل بها الولايات المتحدة ومنظماتها غير الحكومية مع تابعيها من أجل الالتفاف على هذا القرار . لأن المنظمات غير الحكومية لا يمكنها عبر كتابة التقارير والخطب في وسائل الإعلام مواصلة تدخلها في الشؤون الداخلية للدول التي بدأت تسن التشريعات لحماية نفسها . في عام 2011 وضعت الولايات المتحدة وشركائها في الخدمة مجالاً آخراً لحقوق الإنسان . وهو « الشراكة من أجل حكومة شفافة « شاركت فيه هيلاري كلينتون بشكل خاص . يتكون من زمالة بين الحكومات ممولة من قبل الدول الأعضاء ومن قبل مؤسسات أميركية مثل ( مؤسسة فورد ومعهد المجتمع المفتوح .. الخ ) والهدف المنشود هو جمع أكبر عدد من الدول حول رؤية صاحبتها الولايات المتحدة . وبنفس المناسبة , تضمن أن يتم الدفاع عن مشروعها من قبل جميع الأعضاء في المؤسسات والهيئات الدولية .‏

وذكر الرئيس باراك اوباما خلال ندوة المائدة المستديرة حول المجتمع المدني عقدت في مدينة نيويورك عام 2013 للمجتمعين بالجهود المبذولة من قبل 60 عضواً في المنظمات غير الحكومية الرامية إلى « تعزيز المؤسسات الشفافة , الفعالة والمسؤولة بالتشارك مع المجتمع المدني « . وكانت القرارات « المناهضة للمنظمات غير الحكومية « موضوعة على جدول الأعمال , حيث لم يخف اوباما الأهمية المعقودة على المنظمات غير الحكومية في سياق الدبلوماسية الأميركية , مؤكداً « عملياً , في كل مرة أسافر فيها إلى الخارج , أسعى لتوفير الوقت للالتقاء مع المواطنين المتطوعين الذين يواجهون كم من المشاكل . وأسعى لتثمين جهودهم والتأكيد لهم أن الولايات المتحدة تدعم جهودهم .» أي دعم تقدمه الولايات المتحدة لهؤلاء المتطوعين ؟ وأي حل يمكن أن يقدمه لهم اوباما في مواجهة القوانين التي تقمع التدخل الخارجي عبر المنظمات غير الحكومية ؟ إن تلك المنظمات تنتظر قبل كل شيء الإجابة عن تلك الأسئلة المعلقة منذ صدور القانون الروسي . فيما أكد باراك اوباما « صحيح أنه بإمكان العديد من الدول الساعية للحد من نشاط المنظمات غير الحكومية تبني قوانين ومن ثم تدعي أن تلك المنظمات لا تلتزم بتلك القوانين . ولذلك أرى أنه من الضروري تطوير الهياكل المؤسساتية المقيدة لتلك القوانين الحكومية .» وهذا يعني أن الولايات المتحدة تسخر من القرارات القانونية الصادرة عن دول أخرى . وتفضل أن « ترغم « تلك الدول على السير وفق رؤيتها .‏

ليس هناك من جديد , طالما أن الرئيس اوباما قد أقر بهذه الممارسات ووجد المبرر المتعمد لإخفاء المصادر التمويلية . بشكل عام يرغب اوباما بتأميم المساعدة المالية للمنظمات غير الحكومية لكي لا تستطيع تحديد مصدر الأموال , أما بالنسبة « للشراكة من أجل حكومة شفافة « ألا يهدف إلى توحيد الدول ضمن مؤسسات دولية تتحدث بصوت واحد للدفاع عن مشروع اوباما وهيلاري كلينتون , حتى « تطوير الهياكل المؤسساتية التي تعيق تطبيق القرارات الحكومية ؟ « وما الذي يجبر دولة على إخضاع نظامها القانوني إلى إرادة الولايات المتحدة تحت شكل « شراكة « من أجل « حكومة شفافة « ؟ مثلما سعى الناتو إلى عولمة قوته العسكرية من خلال تطبيع الأنظمة السياسية في الدول الأوروبية عبر الاتحاد الأوروبي , ألا تسعى الولايات المتحدة إلى تطبيع الأنظمة القضائية لدول أخرى لكي تجعل من نموذجها القضائي والاجتماعي والإنساني شمولياً ؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية