تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بعــــد مئـــــة عـــــام علــــــى صــــــدروها.....دي. إتش. لورنس..يفلش سر حياته عبر (أبناء و عشاق)..‏



فضاءات ثقافية‏
الثلاثاء 24-9-2013‏
لميس علي‏

من حياته استمدّ جذراً ألهب مختلف أعماله.. فكانت روايته الأشهر (أبناء و عشاق) الأكثر نبضاً بواقع سيرته الذاتية.‏

‏‏‏

في الذكرى المئة لكتابة هذه الرواية، عملت دار (فوليو سوسايتي. كوم) على إصدارها بطبعة جديدة مع مقدمة للكاتب الإيرلندي كولوم تويبين.. وهي الرواية الثالثة للكاتب، الكثير من الأحداث والتفاصيل فيها تنحدر من واقع عاشه لورانس.. تتحدث عن حب جمع بين مسز لوريل، شخصية أساسية في العمل، وبين أحد أبنائها.. تلك السيدة التي فترت رغبتها بزوجها بعد إنجابها ابنها الثاني.. ولهذا وصف النقاد عمله بالإباحية. اعترف الكاتب ذات مرّة لصديق (أحب أحدنا الآخر حب الزوج والزوجة تقريباً).. وهو ما منعه من إقامة علاقة مستقرة مع أي من الفتيات اللواتي قابلهن.. فترك صديقته الأولى جيسي تشامبرز التي كشف لها أنه أحب أمه كعشيقة.‏‏‏

كان على شجاعة أن يعلن أن عقدة (الأم- الحبيبة) التي عانى منها بطله (بول)، يعبّر ضمنياً عنه، تمثّل عقدةً للكثير من الشباب البريطانيين. تقصّد اختيار اسم غرترود للأم وهو اسم والده هاملت (الأوديبي).. وتؤكّد زوجته فريدا ويكلي، التي كانت قبلاً زوجةً لأحد أساتذته، أن زوجها لورنس عاش عقدة أوديب.‏‏‏

(أبناء و عشاق) تدور حول امرأة قوية لكن مرهفة تفقد انجذابها إلى زوجها الذي لا تشعر معه بالرضا.. فتجعل من ولديها عاشقين.. الأمر الذي يتسبب بعجزهما لاحقاً عن حب الأخريات.‏‏‏

ولد ديفيد هربرت لورنس في الحادي عشر من أيلول عام 1885، في قرية إيستوود بمقاطعة نوتنجهام- انكلترا.. من أسرة متوسطة الحال. لم يكن والده متعلماً إنما عامل في المناجم، على العكس من والدته التي نالت درجة من العلم والثقافة مكّناها من متابعة تعليم أبنائها ودفعهم إلى متابعة دراستهم.‏‏‏

انفصل الزوجان لشدة اختلافاتهما ونزاعاتهما.. وتبدو واضحة في عمله (أبناء و عشاق) التي تناقش ذاك النوع من التمزّق والاضطراب العاطفي الذي يصيب الأبناء بسبب خلافات الوالدين. توفي أخوه فارتبط بوالدته أكثر.. وهو ما أثر على علاقاته العاطفية لاحقاً.‏‏‏

بعد حصوله على منحة دراسية انتسب إلى جامعة كولدج.. ولم يتزوّج حتى توفيت والدته، وهو بعمر السادسة والعشرين من الألمانية فريدا ويكلي، تنقّلا معاً ما بين إيطاليا وألمانيا (1912- 1914) ثم عاد إلى بلاده انكلترا خلال الحرب العالمية الأولى.. التي لم يرغب بالعيش فيها بسبب عدم تقبّل القرّاء لأعماله. جاب مع زوجته مختلف أنحاء الأرض.. زواجه من فريدا أثّر على بقية حياته فاستثمر علاقتهما خلفيةً اعتمدها في الكثير من أعماله.‏‏‏

بدأ حياته بكتابة الشعر والقصة القصيرة.. روايته الأولى كانت الطاووس الأبيض ثم أصدر العديد من الروايات التي كان أبرزها (أبناء و عشاق- 1913).. وأشهر الأعمال التي ألحقها بها كانت (نساء عاشقات- 1916)و (عشيق الليدي تشاترلي- 1928).. يُعتبر لورنس بهذه الأعمال الثلاثة من أبرز كتّاب الرواية الإنكليزية إلى جانب وولف وجويس وكونراد.‏‏‏

حين صدور (أبناء و عشاق) نالت نقداً سلبياً لاعتبارها إباحية بالإضافة إلى بعض الآراء التي وجدتها متفلّتة لا ضابط لجريان الأحداث فيها.. لكن فيما بعد نظروا إليها وكأنها العمل المعاصر الوحيد الذي فيه تلميحٌ لاستعادة حياة الطبقة العاملة من أيدي الطبقة الوسطى.. وهي وإن لم تنجح تجارياً حينها لكنها ضمنت لكاتبها الشهرة.. حيث عالج فيها العلاقات الأسرية والغرامية لشخصيته الرئيسية، الشاب بول موريل، رافق ذلك اهتمامه بالمشكلات التي تنجم عن التطور الصناعي والاقتصادي.. ليؤكّد دائماً الأساس الذي ارتكزت عليه معظم أعماله المتمثل بنقاش التأثير السلبي للحضارة الحديثة على حياة الإنسان وتجريدها من بعدها الإنساني.‏‏‏

كتب لورانس ما هو أكثر تعقيداً وإباحيةً من هذه الرواية وهو رواية (قوس قزح- 1915) منعتها الرقابة لإباحيتها.. فذلك الزمن كان لم يزل يعتمد القيم المتزمتة.. تتحدث عن ثلاثة أجيال من عائلة برانغوين والعلاقات التنافسية بين رجال منطوين على أنفسهم وبين نساء منفتحات على الحياة.. أيضاً (نساء عاشقات) هاجمتها الصحافة الإنكليزية بشدة.. و(عشيق الليدي تشاترلي) آخر رواياته التي أعاد كتابتها غير مرة، تسببت بملاحقة دار بنغوين التي نشرتها لجرأتها.. ومع ذلك كان لها أثر تثقيفي لجيل ما بين الحربين العالميتين.‏‏‏

لم تكن الإباحية مقصد لورنس إنما رصد العلاقات الزوجية بكل تفاصيلها وأبعادها.. هدفه الدائم كان نقد المجتمع الصناعي الذي شل قدرة الإنسان على إقامة علاقات إنسانية صحية حسية طبيعية.‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية