تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


روح الشرق..وتحية السلام الأبدي..

ثقافة
الثلاثاء 24-9-2013
هفاف ميهوب

«لقد كان الإسلام، أول دينٍ يبشِّر بالديمقراطية ويمارسها، وقد أدهشتني الوحدة الإسلامية التي تجعل الأمير والفقير يركعان ويسجدان كتفاً إلى كتفٍ.. الوحدة الإسلامية التي لا انفصام لها، والتي تجعل المرء أخاً بالفطرة»..

إنها الوحدة التي استمدَّت منها «ساروجيني نايدو» معنى الديمقراطية والأخوة والعدالة الإنسانية, بل معنى السلام الأبدي.. ذاك الذي استمدته من روح الشرقِ التي جعلتها تخشعُ ومن ثمَّ ترتِّلُ:‏

«يقول الناس إن العالم مليء بالخوفِ والضغينة.. يقولونَ إن حقول غلالِ الحياة التي تنضج تنتظر منجل المصير الذي لا يرحم... ولماذا أبالي بما في هذا العالم. أنا التي عرفت الأجنحة الذهبية التي تومضُ وتنسلُّ، لتسبِّح بالسلام الذي باركه الإسلام»..‏

نعم، هذا ما رتَّلته «نايدو» الشاعرة الهندية التي لم تكن قد بلغت الخامسة عشرة من عمرها، عندما بدأت بالكفاح الذي كان السبب في كونها، الأكثر شهرة في كلِّ أرجاء الهند، وكمناضلةٍ حرّة وجريئة في تحمُّل المسؤولية.. أيضاً، كشاعرة جابت أنحاء المفردات لتتمكَّن وبعد أن امتلكت زمام مصيرها من تدوين ما أرادته صوت السلام الناطق بالعدلِ والأخلاق والإنسانية..‏

أما عن قصة ذلك الكفاح، فقد كانت مّذ عشقت رجلاً رغم مكانته المرموقة وعراقته إلا أنه لم يكن ينتمي إلى طائفة البرهميين العليا التي كانت تنتمي إليها، وهو ما كان سبباً في اندلاع المعارضة مابين عائلتها وعائلته، وبما نجم عنه قيام أسرتها بإجبارها على السفرِ للدراسة في انجلترا، البلد الذي أكسبتها إقامتها فيه من الخبرات ما أعادها إلى بلدها «حيدر آباد» بإرادة أقوى وأشدُّ إصراراً على تحقيق أهدافها التي كان أولها الارتباط بمن أحبَّت ودون أن تبالي بآثار هذا الحدث الذي هزَّ الهند بأكملها وبما تركه من انعكاسات..‏

بيدَ أن الفترة التي قضتها في انكلترا لم تترك أشجع الأثر على حياتها وتفكيرها فقط، وإنما أيضاً على إبداعها، حيث انطلقت ملكاتها الشعرية وتوالت إصداراتها التي وبالرغم من أنها كانت باللغة الإنكليزية إلا أنها كانت مسكونة بالروح الهندية.. أيضاً، كان لالتقائها بالزعيم الهندي «المهاتما غاندي» الدور الأكبر والأكثر تأثيراً على جموح روحها وتطلعاتها وعلى وتوجيه طاقاتها للكفاح من أجل الحرية.. حرية الهند واستقلالها.. ذاك الاستقلال الذي انطلقت في سبيله تجوب طول البلاد وعرضها وبهدفِ بثِّ الحماس لدى أبناء وطنها ممن شجعتهم على الوقوف في وجه الاستعمار الانكليزي.. شجعتهم بصوتِ ضميرها وأخلاقها وإصرارها، وبقصائدها التي حرَّضت لديهم الآمال والتطلعات النضالية..‏

أيضاً، كان لها دور كبير في إيقاظ الهمّة والإرادة النسائية، وقد سافرت إلى الولايات المتحدة حاملة معها رسالة «غاندي» المطالبة باللاعنف.. تلك الرسالة التي جعلتها تقف مع هذا المناضل جنباً إلى جنبٍ، وإلى أن ألقي القبض عليها أثناء الاجتماع الذي رفعت شعاره «اتركوا الهند».. ودون أن تتوقف عن مثابرتها في النضال بأشكاله، وإلى أن كان الاستقلال وأصبحت حاكمة لإحدى الولايات الهندية.‏

هذه هي «ساروجيني نايدو» الشاعرة والسياسية المناضلة في سبيل حرية واستقلالِ بلدها.. الشاعرة الجريئة في قدرتها على إيقاظ الحياة بمفرداتٍ حمَّلتها معنى حرية الإنسان والسلام، وبما استحقَّت أن تنال عليه الاحترام والمكانة التي استرجعتْ وبعد أن امتلكتهما ما كان قد سلبه المحتل من حقوقها مثلما حقوق شعبها ووطنها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية