وذلك من خلال السياسة التجارية التي بنيت على أسس الانفتاح الاقتصادي، مع جهود لتعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية ولاسيما من خلال اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والثنائية،
وتم توقيع عدد من اتفاقيات حماية وتشجيع الاستثمار ومنع الازدواج الضريبي إلى جانب اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتجاري مع الشركاء التجاريين في مناطق جغرافية أخرى مختلفة.
وأدت هذه الجهود إلى زيادة معدلات نمو التجارة الخارجية وبالتالي نمو الناتج المحلي، لكن وفي ظل التحديات التي يضعها هذا الانفتاح والتجارة الخارجية أمام الاقتصاد الوطني وخاصة في ظل المنافسة الشديدة والمتزايدة للمنتجات الوطنية من سلع وخدمات مع مثيلاتها فإنه لابد من دراسة علاقة الاقتصاد الوطني بالعالم الخارجي وتطور التجارة الخارجية والحاجة لوضع استراتيجية وطنية للتجارة الخارجية تتكامل مع السياسات الوطنية للمساهمة أكبر في تعزيز التنافسية في آلية عمل الاقتصاد الوطني.
واقع التجارة الخارجية
مصادر هيئة تنمية وترويج الصادرات ومن خلال نظرة تحليلية للتجارة الخارجية خلال السنوات الست الماضية/2006-2012/ وعلاقة الاقتصاد الوطني مع العالم، ودرجة أهمية الصادرات وتطورها وكذلك المستوردات والبيانات التي تم التوصل إليها ترى أن حالة الاقتصاد تتضح أكثر من خلال مقارنة إجمالي قيمة التجارة الخارجية إلى إجمالي قيمة التجارة العالمية، وتشير البيانات إلى انخفاض أهمية الدول العربية في التجارة الخارجية حيث لم تتجاوز النسبة في أعلى مدلولها 2% فقط لأن حوالي 59% من المستودرات متركزة على الدول الأوروبية والآسيوية، و30% من الصادرات متركزة إلى الدول الأوروبية..!!
وقد انخفضت بشكل ملحوظ أهمية الدول العربية في سلم التجارة الخارجية خاصة في العام 2012 نتيجة الموقف السياسي لبعض هذه الدول وتجاوبها مع العقوبات الاقتصادية التي تم فرضها ظلماً وعدواناً..!!
كما أن إجمالي قيمة التجارة الخارجية إلى إجمالي قيمة التجارة العالمية لم تتجاوز 0.3 % بسبب تراجع قيمة الصادرات من المواد الأولية والنفط كما أن درجة انكشاف الاقتصاد قد ارتفعت بشكل واضح.
وهذا يعود إلى تراجع عام في الأهمية النسبية للتجارة الخارجية من الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي الأثر الذي تركته الأزمة الحالية على واقع التجارة الخارجية.
الصادرات والمستوردات
مصدر مسؤول في الهيئة قال: بالنسبة لواقع التجارة الخارجية فإن قيمة الصادرات شهدت ارتفاعاً ملحوظاً عام 2010 حيث بلغت قيمتها 11.35 مليار دولار بنسبة ارتفاع تجاوزت ال17%عن العام 2009.
وفي ظل الحرب الكونية المفروضة وجرائم العصابات الإرهابية التي تشهدها البلاد، فقد شهدت الصادرات أكبر نسبة تراجع كبيرة في العام الماضي، وهذا يعود إلى الدمار والتخريب التي تعرضت له البنى التحتية والتجهيزات الصناعية وتوقف عدد كبير من الشركات عن العمل، كذلك الأمر بالنسبة للمستوردات حيث تراجعت بنسبة أقل من الصادرات الإجمالية وساهمت الإجراءات والبرامج المالية التحفيزية لدعم الاقتصاد في مواجهة الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية بتخفيف حدة تراجعها، لكن هذه المستودرات شهدت ارتفاعاً ملحوظاً عام 2010 بلغت قيمتها أكثر من 17 مليار دولار بنسبة ارتفاع تجاوزت ال 13٪ عن العام 2009 لتنخفض في العام 2011 بنسبة 5% عن عام 2010 لتسجل أكبر نسبة تراجع في العام 2012 كما الصادرات ولم تصل قيمتها إلى ال ٤ مليارات دولار، وهذا يعود إلى الانخفاض الشديد في الطلب المحلي عليها.
الشركاء التجاريون
في العام 2011 احتلت العراق المرتبة الأولى بالنسبة لحصة الشركاء التجاريين الرئيسيين بنسبة تجاوزت ال18٪ من إجمالي الصادرات وجاءت إيطاليا في المرتبة الثانية بنسبة تجاوزت ال12٪ ثم ألمانيا ب11٪ وفي المركز الرابع هولندا ثم فرنسا، وتراجعت حصته تركيا بنسبة 8٪.
أما لناحية المستوردات فجاءت الصين في المرتبة الأولى بنسبة تجاوزت ال33٪ من إجمالي المستوردات وروسيا ثانياً بنسبة 17.5٪ ثم تركيا 14٪ ورابعاً كوريا ثم فرنسا وتجدر الإشارة هنا إلى أن أكثر من 96٪ من إجمالي المستوردات تركزت في أهم عشرة شركاء.
مؤشرات لتمكين التجارة الخارجية
يقيس مؤشر النفاذ للأسواق المحلية والأجنبية درجة حماية البلدان لأسواقها وجودة النظام التجاري فيها ومستوى الحماية التي يواجهها المصدرون في الأسواق المستهدفة، ويأخذ بالاعتبار العوائق الجمركية وغيرها المفروضة على جميع السلع المستوردة ونسبة المعفاة منها من التعرفة الجمركية، ويشير هذا المؤشر إلى تراجع سورية، ما يتطلب مزيداً من الجهد للتقدم على سلم درجات المؤشر العالمي المهم وبالتالي فإن تصحيح درجة هذا المؤشر سيساعد في تحسين ترتيب سورية في تقرير التنافسية نوعاً ما، كما أنه لاتزال معدلات التعرفة الجمركية لدينا مرتفعة مقارنة مع دول العالم إذ بلغت 12٪ في حين هي /0/صفر ٪ في هونغ كونغ وسنغافورة وتتراوح من 4-4،5٪ لدى دول الخليج.
أما في نطاق النفاذ للأسواق الأجنبية فتحتل سورية المرتبة59 من 132 في مؤشر التعريفات الجمركية المطبقة على الصادرات، أما في نطاق النفاذ للأسواق المحلية فإن نقاط القوة تتركز في عدد التعريفات الجمركية المميزة المطبقة على المستوردات والتي تبلغ 12 تعرفة جمركية وبالتالي أخذت سورية المرتبة 37 من أصل 132 كما أنه لايوجد أي تعريفات جمركية كمية ما جعل سورية تحتل المرتبة الأولى مقابل ذلك فقد، تراجعت بشدة في مؤشر كفاءة إدارة الجمارك، حيث لايزال عبء الإجراءات الجمركية مرتفعاً في عملية تسهيل دخول وخروج السلع ما جعلنا نحتل المرتبة الأخيرة والمركز 119 من أصل 132 في مؤشر الخدمات الجمركية وبقيمة مؤشر منخفضة بلغت 1،3 بمقياس من 0-12، كما أننا تراجعنا في مؤشر كفاءة إجراءات الاستيراد والتصدير 4 مراتب عام 2012 و19 مرتبة في مؤشر كفاءة عمليات التخليص الجمركي.
دلالات ونتائج..
إن الميزان التجاري يعاني من عجز نتيجة عدم قدرة الصادرات السلعية على تغطية المستوردات والتي يعود سببها إلى خلل في هيكلية الاقتصاد الوطني وانخفاض مرونة المستوردات من السلع الوسيطة والاستثمارية التي تتطلبها عملية التنمية الاقتصادية وتظهر المؤشرات أن التجارة الخارجية تعاني من خلل واضح إذ تتميز بتركز سلعي في جانب الصادرات يناظره تركز سلعي في المستوردات وبالتالي سلع أولية(زراعية- استخراجية) في جانب الصادرات مقابل مدى واسع من المستوردات الاستهلاكية والاستثمارية ما أدى إلى ربط الاقتصاد الداخلي بالموشرات والمتغيرات العالمية المتعلقة بالعرض والطلب من هذه السلع، كما أن القيمة المضافة التي تحققها الصادرات تنخفض مقارنة مع القيمة المضافة للمستوردات وبالتالي فإن ربحية الاقتصاد الوطني سلبية خلال الفترة 2006-2012 أي إن هناك خسارة من التجارة الخارجية.
من هنا فإن إعادة تأهيل الاقتصاد الوطني شرط أساسي لمواجهة التحديات التي تفرضها جماعات الضغط الاقتصادية الدولية من خلال القدرة على المنافسة والنمو في الأسواق الدولية..
خلل هيكلي
مديرعام هيئة تنمية الصادرات ايهاب اسمندر اوضح ان من المهام الاساسية لدعم العاملين في الشأن التصديري والمعنيين به بشكل عام هو تقديم دراسات كمية وتحليلية في كل ما يتعلق بالتجارة الخارجية للاستفادة منها في رسوم معالم ما يمكن العمل عليه لتحسين واقع التجارة الخارجية.
وفي هذا الاطار جاءت الرؤية التحليلية التي تؤكد ان الميزان التجاري يعاني عجزا واضحا وكبيرا قام في السنوات الاخيرة وهذا ناتج في بعض جوانبه عن اختلال هيكلي بين الصارات والمستوردات التي تتصف مرونتها بالانخفاض،ما يقتضي زيادة في حجم الصادرات لردم الفجوة في الميزان التجاري.
وأكد اسمندر ان الصادرات مازالت تعتمد في قسمها الاكبر على النفط ما يتطلب احداث تعديل في هيكليتها بحيث تصبح اكثر تنوعا وضرورة ان تعتمد على سلع ومواد أخرى كما انه لابد من تحسين نسبة تركز هذه الصادرات بتقليله لتتمكن من زيادة قدرتها التنافسية كافة الى اهمية البحث عن اسواق جديدة ووجهات تصديرية اضافية وضرورة زيادة القيمة المضافة للمنتجات التصديرية مما يسهم في تغيير موازين حجم المستوردات.
والارقام المذكورة يمكن اعتبارها نقطة في اطار البحث عن تطوير متكامل لمفاصل التجارة الخارجية.
وبخصوص معدل الانكشاف الاقتصادي بين مدير الهيئة ان هناك تطورا في هذا المؤشر خلال 2010 تراجع في العام الذي يليه الى نسبة اكثر من 32% في 2012 وهذا يمكن تبريره بتراجع حجم التجارة الخارجية اكثر مما كان عليه الناتج المحلي الاجمالي كما ان التراجع الكبير للصادرات ناتج عن انخفاض حجمها وبالتالي تراجع في متوسط الميل للاستيراد وهذا كله من منعسكات الازمة الراهنة.
وبالتالي وما تم التوصل اليه من ارقام يحتم الانتقال الى وضع البدائل لعلاج ما افرزته من اثار سلبية.
البدائل والعلاج
ومن اهم هذه البدائل كما يرى اسمندر وضع مؤشرات جديدة من خلال تعديل آليات واجراءات الاستثمار القائمة حاليا وتشجيع وتنويع الانتاج الموجه للتصدير مع تحسين التوازن في الاسواق المستهدفة والعمل بفاعلية اكبر على الحماية المؤثرة من خلال زيادة نسبة القيمة المضافة للمنتجات التصديرية وقدرتها التنافسية.
وان اكبرالآثار الناتجة عن الظروف الراهنة تراجع معدل نمو الصادرات خلال العام الماضي الى اكثر من 95% حيث توقفت العديد من المؤسسات الانتاجية وتأثر ظروف النقل الى منافذ التصدير اضافة الى العوامل الخارجية التي ازدادت على مجمل التجارة الخارجية.
وختم اسمندر باننا امام واقع راهن تم تشخيصه من خلال احصائيات وبيانات وارقام تتحدث عن نفسها وبعدها يجب الاستعداد للانتقال الى مراحل المعالجة وهذه تتطلب السرعة وليس التسرع وتكاتف وتضافر جميع الجهود والمبادرات لايجاد البدائل المناسبة وفتح اسواق جديدة لعملية التنمية والنمو.