فمازال التخبط والارتباك يشل حراك الأميركيين ويسقطهم أمام الدبلوماسية الروسية، بعد أن سحبت منهم الذرائع وسيف الكيماوي.
لقد قالها وأكدها صراحة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن أميركا تبتزنا وتخدعنا.. فعلى الرغم من أننا اليوم على أعتاب مؤتمر جنيف مع ذلك تستمر الولايات المتحدة وحلفاؤها بممارسة الضغوط لإصدار قرار عن مجلس الأمن، يهدّد باللجوء إلى الفصل السابع إذا تراجعت سورية عن قرارها بإزالة السلاح الكيماوي، بينما أكدت روسيا رفضها لأي قرار يقترب من الفصل السابع، مع أن موسكو أظهرت استعدادها ومعها الصين إلى استخدام «الفيتو» إذا أصرّت واشنطن وحلفاؤها على طرح مثل هذا القرار على مجلس الأمن.
فالعملية مد وجزر في المواقف الأميركية، ولها أسبابها، ومنها أن إدارة اوباما تحاول جاهدة أن تبرر لحلفائها ما أقدمت عليه من اتفاق أميركي - روسي بشأن الوضع في سورية وهي لذلك تعمد إلى تصعيد النبرة بين الحين والآخر لجعل هؤلاء الحلفاء يتكيفون شيئاً فشيئاً مع هذا الاتفاق.
أما إذا كان المجتمع الدولي يسعى منذ سنين لتفكيك السلاح الكيميائي السوري فلمَ هذا الجدال في الأروقة والزواريب وتحت الطاولات وفوقها، بعدما صارت سورية عضواً في معاهدة منع انتشار واستعمال هذا السلاح؟.
وإذا كانت «إسرائيل» تنتحب ليل نهار خائفة من الغضب الكيميائي السوري فكيف نفسّر رعبها من تدميره؟.. لأن «إسرائيل» بكل بساطة تعرف أن العالم سيطالبها يوماً بتدمير ما تختزنه من كيميائيات وأسلحة دمار شامل وبوضع ترسانتها النووية تحت إشراف دولي.
أما الضجيج الأميركي-الغربي حول سورية ما هو إلا محاولة يائسة لترميم الهيبة المهدورة بعد إفلاسها وفشل عدوانها، وكل هذا سوف يتساقط عند أول إنذار روسي وسنسمع صراخهم، لما لم نتكلم بهذه الدبلوماسية من البداية.
أوباما، بين «مكانك راوح» و»إلى الوراء دُر»، بانتظار أن تجد أميركا حلاً مع حلفائها قبل خصومها، على مائدة تبادل المصالح التي ليس من ضمنها مراعاة خاطر حَكَم يؤتمر أوباما بأمر صفّارته، وينتظر منه كلمة «هيّا أوباما»، ولا بشرذمة معارضين سوريين أقاموا حفلات الدبكة على الشاشات قبل أوانها بانتظار النصر.
daryoussi@hotmail.com