ففي هذا الإطار كشفت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن وجود شبكات تمويل سرية تقوم بجمع الأموال والتبرعات عبر شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية لدعم المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية وتمويل الإسلاميين المتطرفين الذين يقاتلون داخلها.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وشرق أوسطيين قولهم ان دفعات مالية ضخمة تجمع عن طريق خلايا وشبكات صغيرة من المتبرعين العرب الذي يرون ما يجري في سورية بوصفه «خطوة تجاه صعود متزايد وأكبر للحركات الإسلامية في المنطقة» ويستخدم هؤلاء المتبرعون مواقع الكترونية مثل تويتر وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي لجمع الملايين من الدولارات التي تشكل دعما قويا للميليشيات الإسلامية الموجودة في سورية.
وأوضح مسؤولون استخباراتيون يتابعون هذه العمليات ان المبالغ التي يتم جمعها عبر شبكة الانترنت تنقل إما عبر حسابات مصرفية مرتبطة بهذا الشأن أو تسلم باليد عبر وسطاء ويتم ذلك على الأغلب في مدن وبلدات حدودية مثل مدينة غازي عنتاب في تركيا التي تبعد نحو 30 كيلو مترا عن الحدود السورية.
ووفقا للمسؤولين يضع بعض المتبرعين شروطاً خاصة من أجل تغطية ثمن سلاح معين مثلاً أو تمويل عملية ما إذ يمكن لمتبرع أن يدفع مبلغا قدره 2400 دولار أميركي كتكلفة لسفر وتدريب وتسليح مقاتل أجنبي واحد يدخل إلى سورية كما يمكن «الحصول على فيديو فيما بعد يظهر للمتبرع ما الذي دفع أمواله عليه» وذلك بحسب مسؤول استخباراتي رفيع المستوى.
وأشار المسؤولون إلى ان تدفق الأموال الخاصة للمتطرفين في سورية ساعد على احتفاظهم بمكانة ميدانية على الأرض في الوقت الذي اعتمدت تنظيمات إرهابية أخرى مثل «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و»جبهة النصرة» و»لواء أحرار الشام» طويلاً على التبرعات الآتية من دول الخليج.
وقد أقر مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بوجود تدفقات من الأموال الخاصة لدعم المجموعات المتشددة في سورية وبأن ما سموه الجهود المبذولة لوقف أموال التبرعات تلك تعقدت نتيجة جامعي التبرعات المتنصلين من الرقابة المالية.
إلى ذلك قال ديفيد كوهين وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية «ان الكثير من التمويل يأتي من مواطنين في الخليج ولاسيما الكويت التي شكلت مصدرا لتمويل الجماعات المتطرفة خلال الحربين العراقية والأفغانية ولا تزال تشكل حتى الآن بيئة ملائمة لجمع التبرعات الإرهابية».
وفي هذا السياق أعرب مسؤولون أميركيون وشرق أوسطيين عن قلقهم إزاء نزعة جديدة بين جامعي التبرعات تتمثل في سعيهم للتأثير على المجموعات شبه العسكرية الموجودة في سورية والتي يقومون بدعمها وقد قام بعض هؤلاء المتبرعين بتبني ميليشيات خاصة بهم ويحاولون إملاء كل شيء على أفراد هذه الميليشيات بما في ذلك الايديولوجية والتكتيكات.
كما قال مسؤول استخباراتي كبير في الشرق الأوسط رفض الكشف عن اسمه «ان هؤلاء المتبرعين وجامعي الأموال يؤمنون بالإيديولوجية ولديهم أموال كافية لمساعدة المجموعات التي تشاطرهم آراءهم في سورية» مضيفا «ان هؤلاء الأشخاص يعتقدون انه من المسموح ومن الأفضل دعم الجهاديين بدلاً من دفع أموال الضرائب لحكومات بلدانهم ولسوء الحظ فإنه ليس بالإمكان السيطرة على هذه المشكلة بشكل كامل».
ووفقا لمسؤول أميركي رفيع المستوى فإن شبكات التبرع الخليجية جمعت «مئات ملايين الدولارات» لتمويل «المتمردين» في سورية لكن حجم الأموال التي تذهب لدعم المجموعات يتم حجبه عن عمد من قبل المنظمين لهذه الشبكات وهم بارعون في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك للتواصل مع الجهات المانحة والمجموعات المسلحة التي تدعمها.
وأوضح المسؤول «ان مواقع التواصل الاجتماعي تسمح لجامعي التبرعات باجتذاب الأموال من داعمين في بلدان عدة ولاسيما السعودية ويقوم بعضهم بإجراء جلسات روتينية خاصة لجمع التبرعات».
بدوره قال وليام ماك كانتز المستشار السابق في وزارة الخارجية الأميركية ان بعض الشبكات سعت في الآونة الاخيرة لجمع التبرعات من أجل إعادة تشكيل الأزمة في سورية بطرق أكثر عمقاً وأنشؤوا ميليشيات خاصة بهم وقاموا بتوزيع وصرف الأموال على نطاق واسع لتوسيع نفوذهم بين العشرات من مجموعات الإسلاميين.
وفي تأكيد على استمرار تدفق الأموال والاسلحة التي تقدمها دول أجنبية وعربية عبر تركيا للمجموعات الإرهابية المسلحة في سورية قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية ان مدينة غازي عنتاب القريبة من الحدود مع سورية شهدت في الأشهر الماضية وجود تيار مستقل من الأجانب المتجهين إلى القتال في سورية وبحسب أحد السكان المقيمين هناك فإن «رجال أعمال خليجيين يتجهون نحو الحدود مع سورية وبعضهم يأتي محملاً بأكياس من النقود التي تفيد في إيجاد وشراء السلاح».
وأضافت الصحيفة ان عمال الإغاثة الموجودين على الحدود السورية سواء مع تركيا أم الأردن لاحظوا أيضا قدوم وافدين جدد إلى المدن والقرى الحدودية ووفقا لمدير عمال الإغاثة في شمال الأردن علاء الحديد فقد أسست عشرات من الجمعيات الخيرية الصغيرة لمتبرعين عرب في مدن مثل المفرق والرمثا قرب الحدود مع سورية وبعض النقود تستخدم لتجنيد الشباب المهجرين كمقاتلين.
السعيد: قطر حاولت شراء الذمم وتدخلت
في شؤون الدول لإسقاطها عبر دعم الإرهابيين
وفي هذا السياق قالت الكاتبة والإعلامية المصرية سناء السعيد إن « دويلة قطر أنفقت ثلاثة مليارات دولار على المسلحين في سورية وتم هذا بأريحية وطيب نفس منها لفتت بها الأنظار كأكبر داعم للمجموعات الإرهابية المسلحة» .
وأضافت في مقال نشرته صحيفة الاسبوع المصرية بعنوان الصفعة لمن يستحقها.. إن دويلة قطر حاولت شراء الذمم وتدخلت في شؤون الدول عبر الاموال ودعمت المتمردين والإرهابيين لإسقاط الدول تنفيذا للأجندة الأميركية التي تتطلع إلى نشر الفوضى الهدامة ورسم شرق أوسط جديد مقسم ومفتت يصب في مصلحة الكيان الصهيوني.
وقالت السعيد.. «المفارقة إن تدخل دويلة قطر في سورية جاء نتيجة نهمها في الحصول على الاعتراف الدولي بأهمية دورها وبكونها لاعباً رئيسياً في المنطقة فغدت أكبر مصدر للأسلحة التي ذهبت إلى المسلحين والإرهابيين» مشيرة إلى ما ذكره معهد أبحاث السلام في استوكهولم الذي يتابع نقل الاسلحة والذي أكد ان قطر أرسلت أكثر من 70 شحنة جوية من الاسلحة إلى تركيا خلال عامي 2012 و 2013 لتمريرها إلى المسلحين في سورية.
كما أكدت الكاتبة المصرية أن دور قطر التخريبي في سورية لم يقتصر على السلاح بل سلطت المسخ الشيطاني المتمثل في آلتها الاعلانية الجهنمية المسماة بالجزيرة على سورية العروبة لتنال منها عبر تزييف الوقائع والارتهان إلى فبركة الأحداث ونشر الشائعات.
وفيما يخص تدخل قطر بالشأن المصري أيضا قالت السعيد إن «مصر الكبرى تعاملت مع دويلة قطر بما تستحقه عندما أعادت لها وديعة الملياري دولار فمصر الكبرى يتعذر عليها التعامل مع الصغار والقبول بأي عروض مالية من دويلة تآمرت عليها ولعبت دور رأس الحربة في تنفيذ استراتيجية عدائية تقطر سماً لإلحاق مصر بالمشروع الأميركي في المنطقة الذي يهدف إلى تقسيم المقسّم وتجزئة المجزّأ» .
وأشارت الكاتبة إلى أن قطر «اقحمت نفسها في الشأن الداخلي المصري وساءها خروج حليفها الإخواني الذي اعتمدت عليه في تنفيذ الدور التخريبي في مصر بوصف الاخوان كانوا أداة لتدمير الدولة وجسرا لتفعيل التقسيم وتطبيق سايكس بيكو2 فسارعت إلى وصف ماحدث في 30 حزيران بأنه انقلاب على الشرعية المتمثلة في محمد مرسي الذي تمت الاطاحة به في الثالث من تموز الماضي».
يشار إلى أن دور قطر المشبوه في المنطقة والذي لا يخدم إلا المصالح الاسرائيلية والأميركية بات مكشوفا ليس في سورية فقط بل في عدة أقطار عربية تسعى قطر لتدميرها ونشر الفوضى فيها.