تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


البزورية...أشهر أسواق دمشق..فهل نحافظ على خصوصيتها?

أسواق
الاحد 14/1/2007
بشار الحجلي

تشتهر دمشق بأسواقها التقليدية التي أصبحت علامة مميزة من علاماتها الاقتصادية والاجتماعية

لدرجة أن زيارة دمشق لا تكتمل بغير الوصول الى هذه الأسواق للوقوف على ما فيها من خصوصية تميزها عن الكثير من الأسواق المعروفة في العالم.‏

وسوق البزورية الذي يعد من أشهر أسواق دمشق تقلبت أسماؤه بحسب ما يباع فيه من بزورات ومكسرات وتوابل وغير ذلك..فهو سوق العطارين في العهد العثماني وهو سوق القيمرية نسبة الى موقعه وهو سوق البزورية صاحب الشهرة الواسعة.‏

والسوق لمن لا يعرفه جيدا يمتد على طول نحو كيلو متر في دمشق القديمة ويحوي 150 محلا تجاريا بنيت من الأخشاب ثم الحديد مع المحافظة على الطراز القديم, وتم سقف هذا السوق منذ نحو 150 أى بعد بناء السوق ب250 سنة.‏

يمتد من منطقة الدقاقين والشاغور يمينا وينفذ حتى الجامع الأموي, وله خصوصة كبيرة لدى الدمشقيين جاءت من تقاليد البيع والشراء فيه ومن سلوكيات أصحاب هذه المحال الذين وصفوا بالورع والتقوى وتجارة الحلال.‏

يقسم سوق البزورية الى ثلاثة أقسام هي سوق العطارين ويشمل القسم الأول منه قسم سوق الغذائيات في الوسط والسكاكر والحلويات والمكسرات في نهاية السوق, وفي السكر والرز والشاي وتجارتها مال قبان قديمة قدم هذا السوق.‏

وفيه البهارات والتوابل المختلفة ذات المنشأ المحلي أو القادمة من الهند وشرق آسيا, حيث تستقبلك الرائحة الزكية قبل دخولك السوق كهوية تدل عليه.‏

كما لوحظ وجود العديد من الأعشاب والنباتات الغذائية والطبية وتستطيع أن تطلب ما تريد منها حسب وصفات العطارين ومنها أسماء لا تخلو من الطرافة مثل: جزر الرباص والحنظل والروزميري طيب الرائحة, وفيه الكمون والعصفر والزهورات المختلفة وفيه مادة التمر الهندي والعرق سوس وغير ذلك الكثير.‏

ويقصده الناس لشراء هذه المواد اضافة الى الأطايب والبهارات المختلفة, كما تلقى فيه الزعتر وحبة البركة والغار واللوز والجوز والخردع وغير ذلك..ودخلت الى السوق جذور نباتات مختلفة تستخدم للغذاء وللدواء في آن واحد.‏

أما صناعة الحلويات والسكاكر فهي أيضا تعود الى عهد الصناعة اليدوية وتطورت مع دخول الآلات هذا الميدان.‏

وتعددت أشكالها ونكهاتها وألوانها وأساليب تغليفها وخلال المناسبات والأعياد تحديدا تشهد هذه السوق عرضا ملفتا ومهما ومتنوعا لكل هذه المواد, كما تشهد حركة بيع وشراء لا تقل خصوصية عما ذكرنا.‏

وقد يختلف الناظر لهذا السوق في رأيه بأسلوب العرض البدائي لكننا نرى فيه شيئا خاصا للغاية يميز السوق إذ لا بد من المحافظة عليه لأنه يمثل تقليد البيع والشراء الذي اختصت به أسواق دمشق, كما أن المفردات التي يرددها الباعة تبعث على الراحة والتفاؤل والاطمئنان.‏

ولعل الألوان التي تشكلها المعروضات تعطي للسوق خصوصية أخرى تجعلك تعيش حالة خاصة فأنت في دمشق القديمة.‏

ولكي لا يفوتنا شيء من وصف السوق فقد توسعت معروضاته لتشمل الشموع أيضا التي أخذت أشكالا وألوانا ومقاييس تجعل المرء يحتار في اختياراته لكنه لا بد وأن يتوقف عندها ليشتري تذكارا من هذه السوق.‏

كما لوحظ أن تلبية رغبات الزبون صارت سمة مهمة لهذا السوق, فتجد في كل دكان من المحال المئة والخمسين كل ما تريد لدرجة فيها الكثير من التنوع وهذا أمر جيد لكنه يتعارض مع فكرة السوق التي قامت أساسا على التكامل بين محاله.‏

ولهذا صار طبيعيا أن تقف عند بائع الصابون مثلا لتجد عنده البن والقهوة المحمصة وتجد القلوبات والبهارات وربما السكاكر أيضا, كما تجد لديه القمردين والتمر الهندي وحبة البركة والزيوت المختلفة ولا بأس أن يوفر لك طلبك من السكر والرز والسمن وغير ذلك.‏

هذه الحالة كانت في القديم غير ذلك فكان البائع يرسلك الى جاره كي تشتري مادة ربما هي موجودة لديه لكنه من باب التسبب ولا بأس بهذا السلوك الذي يوزع الفرص بين الجميع.‏

والأغرب من ذلك أن التحول باتجاه لغة السوق والاستهلاك غزت هذا السوق مثلما غزت غيره من أسواق دمشق فمن باعته من يزين لك شراء سلعة ما لا تتمتع بالمواصفة المطلوبة على مبدأ زبون طيار ومثل هذا السلوك لم يكن مسموحا به على الاطلاق, فالتاجر تهمه سمعته أولا وهي أغلى من مال الدنيا لكن الأمور تبدلت وصار هم التاجر على معدلات النقود التي تدخل صندوقه خلال النهار.‏

المهم أن سوق البزورية وإن اختلفت مقاييس العمل فيها ما زالت تتمتع بالكثير من الخصوصية وهي سمة مهمة من سمات دمشق القديمة يقصدها الناس للتزود بجميع لوازم المطبخ.‏

ويتجولون في أرجائها لتنشق الرائحة التي تبعثها التوابل والبهارات المختلفة ويتفرجون لتسعد عيونهم بألوان مختلفة ترسم جميعها صورة هذا السوق.‏

إنها أشهر أسواق دمشق التاريخية وهي تنجح باستقطاب الزائرين العرب والأجانب إليه, ولن تفقد هذا البريق رغم اتساع دمشق وإقامة السوبر ماركات الضخمة والحديثة جدا والأسواق المشابهة لكن هذه الخصوصية لا تعطى لغير هذا السوق.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية