في تقرير لمجلة الايكونوميست نشرته الاهرام الاقتصادي تناول هذا الموضوع والبعد الاقتصادي لقضية الهجرة غير الشرعية والاقتراحات الخاصة بالتصدي لهذه المشكلة يقول التقرير إن العمالة هي الحلقة المفقودة في قضية العولمة نتيجة لمعوقات تحرير سياسة الهجرة , فالسعر العالمي لرأس المال يتم تحديده في أمريكا وسعر البترول يحدد في السعودية ولكن لايوجد سعر عالمي للعمالة .
ويشير واقع الامر الى اختلاف الاجور بصورة مذهلة اعتمادا على جنسية العامل وان تحرير العمالة ولو قليلا سيؤدي الى مكاسب كبيرة .
ففي دراسة اجراها داني رودريك استاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد توصل الى انه بمقتضى السماح للعمالة الفقيرة بالهجرة انه لو تم السماح للعمالة الفقيرة بالهجرة للعمل لفترة محدودة في الدول الغنية بأرقام متواضعة تصل الى ثلاثة بالمائة من قوة عمل الدولة المضيفة لتوفر للدول الفقيرة حوالي 200 مليار دولار سنويا , ويتساءل رودريك بتعجب عن أسباب انفاق كل هذا الوقت والمال لتحرير التجارة ورأس المال والقليل جدا لتحرير العمالة .
وقد قام الامين العام للامم المتحدة بإنشاء المفوضية العالمية للهجرة الدولية عام 2003 ومن توصياتها التي صدرت حديثا ضرورة السماح بمزيد من الهجرة المؤقتة من الدول الفقيرة الى الدول الغنية للاستفادة منها كأيد عاملة رخيصة وكفاءات عالية ايضا في بعض الاحيان, بالاضافة الى ان فتح قنوات جديدة للهجرة الشرعية سيحد من تدفق الهجرة غير الشرعية ولكن ذكريات الماضي عن برامج استضافة العمال لا تدعو لمثل هذا التفاؤل بسبب فشل بعضها ومنها البرنامج الالماني لتشجيع الهجرة من تركيا ويوغوسلافيا ودول اخرى بسبب حاجتها الى الايدي العاملة الرخيصة للوفاء بمتطلبات الثورة الصناعية بعد الحرب العالمية الثانية حيث لم ترحل العمالة الوافدة نظرا للمكاسب الاقتصادية الكبيرة التي يحصلوا عليها واصبحت عمالة دائمة بل ولحقت بها عائلاتهم فيما بعد ايضا وقد استطاعت كوريا الجنوبية التغلب على مشكلة بقاء العمالة المؤقتة عن طريق صندوق خاص تساهم فيه العمالة المؤقتة المهاجرة وتستعيد ما دفعته فيه عند الالتزام بميعاد رحيلها ويتم الحسم في حالة التباطؤ في العودة للوطن الام .
ويلاحظ تقرير الايكونوميست ان الدول الغنية تسعى الى تدوير دائم للعمالة فهي في حاجة الى العمالة المهاجرة الرخيصة ولكنها تريدها شابة فقط , حيث تقوم بترحيل العمال عندما يكبروا حتى لا تتحمل اي عبء مالي تجاه كبار السن ونريد ايضا تفصيل قواعد تنظيم الهجرة وفقا لاحتياجات اقتصاداتها ويتناول التقرير ايضا موضوع الهجرة غير الشرعية باعتباره (بيزنس) مربحا لعصابات تهريب المهاجرين والاقتراحات المقدمة للتصدير له .
فيذكر انه وعلى الرغم من خطورة الهجرة غير الشرعية وحوادثها الكثيرة والاجراءات الصارمة على الحدود الى ان هناك حوالي 350 ألف مهاجر غير شرعي ينجحوا في التسلل الى امريكا من المكسيك سنويا و800 ألف يتسللوا الى الاتحاد الاوروبي , ويحقق المهربون من عمليات تهريب المهاجرين غير الشرعيين اوروبا فقط حوالي 4.7 مليار دولار سنويا وفقا لارقام المركز الدولي لتطوير سياسة الهجرة وتقوم بعض عصابات التهريب بمنح ضمان , فإذا لم تنجح محاولة التسلل الاولى تعطى الثانية مجانا مع ضمان باسترداد المال في بعض الاحيان حتى أن بعض الخبراء يقولون إن الهجرة غير الشرعية أصبحت صناعة خدمات متطورة وفي محاولة للتصدي لهذه الظاهرة يقول الخبراء إن أفضل طريقة ليس مجرد حظرها ولكن أيضاً منافستها , فهناك اقتراح بأن تقوم الحكومات ببيع تأشيرات اقامة مؤقتة تبلغ مدتها عامين أو ثلاثة في أفضل أسواق المهربين وأن ينافس سعرها أسعار المهربين ويمكن اعادة ثلث رسوم التأشيرة للمهاجر عند عودته الى وطنه مع السماح بشراء تأشيرة اخرى في أي وقت بشرط عدم انتهاكه للقوانين
يقول التقرير انه لا يمكن التكهن بمدى نجاح هذا الاقتراح وبالتالي من المفيد اختيارها بين اوروبا ودولة صغيرة مثل البانيا مع الاخذ في الاعتبار احتمال ان تؤدي هذه الفكرة الى زيادة اعداد المهاجرين .