يبدو أن المستشارة الجديدة أنجيلا ميركل, هي السياسية الوحيدة التي خرجت من الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد في نهاية الأسبوع الماضي محققة بعض النفوذ.
فإلى جانب رئيس الحزب الديموقراطي الاجتماعي فرانز مونتيفيرينغ, فإن موجة تسونامي السياسية في ألمانيا, أطاحت بنصف أعضاء قيادة الحزب الديموقراطي الاجتماعي, وزعيم المحافظين ادموند شتويبر وفقد الشعب ثقته بالسياسيين.
ومع رفض رئيس وزراء بافاريا ادموند شتويبر الانضمام إلى حكومة ميركل, ومع تنحي مونتيفيرينغ عن منصبه وتسليمه إلى الألماني الشرقي ماتياس بلاتزيك, فإن الأسبوع الماضي كان أحد أسوأ الأسابيع السياسية التي تشهدها ألمانيا خلال السنوات الماضية.
ووسط هذه الفوضى, أثبتت ميركل أنها مفاوض متمكن وهادئ, وكسبت احتراماً جديداً من الرأي العام الألماني الذي يعاني من خيبة أمل. كما ساهم انسحاب شتويبر من المفاوضات الائتلافية وعودته إلى ميونخ في تعزيز موقع ميركل - إذ كان قبل وبعد الانتخابات التي جرت في 18 أيلول الماضي مصدراً لعدم الاستقرار بالنسبة إليها.
تميّزت علاقة شتويبر بميركل بالتفاوت ما بين التأييد العلني والانتقادات الضمنية, وأدّى انسحابه من الحكومة إلى تعرضه لانتقادات حادة من جانب القاعدة الحزبية الوفية له, ما أدّى لزوال النفوذ الذي كان يتمتع به بصفته منتقداً لميركل.
ولا يزال مونتيفيرينغ يضع اللمسات الأخيرة على مستقبل الائتلاف الكبير بين قوى اليمين واليسار داخل الحزب الديموقراطي الاجتماعي وسوف يدخل إلى حكومة ميركل بصفته نائباً للمستشار ووزيراً للعمل. غير أن نفوذه تراجع قليلاً بسبب الخلاف الداخلي للحزب الذي نشب في الأسبوع الماضي.
أما بلاتزيك فقد تمت دعوته للانضمام إلى الحكومة بعد يوم واحد من انتخابه رئيساً للحزب.
ويقول المراقبون أنه مع إزاحة شتويبر ومونتيفيرينغ عن الخارطة, فإن ميركل تخلّصت من عدوين محتملين.
وقال غيرو نوغباور الخبير السياسي في جامعة برلين الحرة ليونايتد برس انترناشونال لقد تحطم محور شتويبر - مونتيفيرينغ الذي كان يرغب في التأثير على ميركل وسياستها الفدرالية. هذا يصب في صالح تقدّم ميركل .
وقد يكون بلاتزيك منافساً جديداً لميركل, لكنه واحداً من الذين تملك معهم قواسم مشتركة كثيرة. فكلاهما في الحادية والخمسين من العمر وجاءا من أوشيمارك, وهي منطقة جبلية في براندنبورغ في ألمانيا الشرقية الشيوعية السابقة, كما إنهما مجازان بالعلوم.
ويقول المراقبون أن ميركل وبلاتزيك سيهتما, على الأرجح, بمعالجة مشاكلات الدولة الحقيقة عوض عن الدخول في معركة النظريات الأيديولوجية القديمة نظراً لافتقار كليهما إلى خلفية الأحزاب التقليدية الألمانية الغربية.
فضلا عن ذلك ثمة الكثير من المشكلات: فالبطالة تقترب من النسبة القياسية التي سجلت في مرحلة نهاية الحرب العالمية الثانية, والركود الاقتصادي وعجز الميزانية الفدرالية وصلا إلى أرقام اخترقت السقف المسموح. ولم تتمكن جميع الخطط الإصلاحية, حتى اليوم, بما في ذلك أجندة المستشار السابق غيرهارد شرودر 2010 من تحقيق أي خرق لهذه المشكلات.
ووضع الحزب الديموقراطي الاجتماعي وتحالف المسيحيين الديموقراطيين والمسيحيين الاشتراكيين بقيادة ميركل موعداً أقصى لانتهاء مفاوضات الائتلاف في 12 تشرين الثاني الحالي.
وتريد ميركل أن يصار إلى انتخابها كأول مستشارة في تاريخ ألمانيا في 22 تشرين الثاني الحالي. ويقترب هذان التاريخان بسرعة في وقت لا يزال التوصل فيه إلى تفاهم مشترك حول المسائل الرئيسية مثل العناية الصحية وأسواق العمل وسياسة الطاقة بعيد عن التحقق.
وتمكن الفريقان حتى الان من الاتفاق حول توفير مبلغ 5018 مليار دولار في الميزانية لكي يصلا بنسبة العجز في الميزانية الفدرالية إلى المستوى المقبول من قبل الاتحاد الأوروبي في العام ,2007 لكنهما لم يتوصلا إلى تفاهم حول القطاعات التي سيصار فيها على توفير هذا المبلغ أو الطريقة التي يرفعون من خلالها إيرادات الدولة.
وقال وزير الاقتصاد المعين في الحكومة الجديدة مايكل غلوس لصحيفة بيلد الأحد الماضي أن الحكومة الجديدة لا تملك أي خيار سوى تعزيز وارداتها.
وقال إن وضع الميزانية الفدرالية أسوأ مما كان يمكن لنا أن نتخيله في أشد كوابيسنا .