وهذه اول مرة يصلنا صوت معينة الشعري, باستثناء بعض القصائد التي استمعتها منها خلال زيارتي لجبلة والمجموعة التي صدرت عن دار التكوين بدمشق ضمت مجموعة من القصائد الشعرية النثرية . وفي الحقيقة ليس هناك شعر منثور او نثر مشعور هناك اما شعر او نثر وطالما ان الكلام جميل, لا يبقى ا ي اهمية للتسمية والمجموعة ضمت مجموعة من المقطوعات الجميلة التي كتبتها معينة بلغة رقيقة جميلة.
بدأت معينة مقطوعتها بمقطوعة ( وجه ابي) ومنذ الكلمات الأولى نلمس تأثير البيئة على كتابات معينة عبود.
هذه البيئة التي تتوزع ما بين البيئة البحرية حيث الشاطىء والأمواج والأشرعة, وما بين البيئة الريفية الجبلية. فجبلة تتكئ على سفوح الجبال الخضراء التي توحي بالكثير من الصور الادبية الجميلة.
ومن مطلع قصيدة ( وجه ابي) نستنتج ان والدها كان فلاحاً يعمل في الارض حيث يقول مطلع القصيدة.
سألت عنك الارض
اجابت المعاول
الحقول ترفل دروباً
تزغرد ثمراً وزهراً
من المهم جداً ان يكون الاديب وفياً لبيئته , منتمياً اليها. اذا اراد ان يكون صادق الشعور. واذا اراد ان يكون ادبه صادقاً وليس مصطنعا ومعينة عبود حققت بمقطوعاتها الجميلة اخلاصها لبيئتها البحرية فكل من يقرأ مجموعتها سيعرف انها تعيش بجوار البحر تشاهده يومياً بل تتعايش معه, حتى غدت والبحر شيئاً واحداً واذا استعرضنا صفحات المجموعة سنقرأ الكثير من العبارات والكلمات المرتبطة بالبحر مثل (الموج, الشراع, الرمال, الافق..) ,ففي مقطوعة ( نحو الخلود) تصور معينة حياتها كمرحلة بحرية في بحر الزمان حين تقول :
عمري وجع
أبحر هموماً في بحر الزمان
والزمان سفن وهم اشرعة بلا شطآن ويتضح تأثير معينة عبود ببيئتها البحرية اكثر من مقطوعة ( شجون الصقيع) , حين تطالب قارب حياتها ان يتوغل في البحر هرباً من وهم الحب الذي ارهقها, وها هي تقول :
توغل... توغل ايها القارب
الشاطئ يضج بالظلمة
والرمل صقيع
مازال الموج يحاول ان يسبقني
هذا على صعيد اللغة اما على صعيد المضمون, فباستثناء مقطوعة ( وجه ابي) فان جميع المقطوعات الاخرى ذاتية المضمون, تتحدث عن هموم القلب كغدر الحبيب وتعاليه, وهجره.
وما خلف في النفس من مشاعر الاحباط, وهذا ما جعل مقطوعات المجموعة ( احتراق الرماد) تسير على نسق لغوي واحد.
وكان من الافضل تنويع المضامين لأن ذلك يساعد على تنوع لغة الكتابة.