|
د. بيطار (رئيس اتحاد الشطرنج): تراجعت اللعبة بسبب قلة الإمكانات.. ونسعى لتأمين الدعم والرعاية رياضة سمعة طيبة صنعها عدد من الابطال والبطلات, ومع ذلك ونقولها بصراحة لا تحظى هذه اللعبة بالاهتمام الاعلامي المناسب.. من هنا كان لنا اللقاء التالي مع الدكتور هاني بيطار رئيس اتحاد اللعبة, وكان الحوار التالي:
- هل لك بداية أن تحدثنا عن هذه الرياضة?. الشطرنج بالأصل هي لعبة الفرسان, وهي تمثل ساحة معركة سلمية بين طرفين, ومن خلال هذه المعركة تدخل كل العناصر التي يواجهها الانسان في الحياة (مشكلات آنية لا بد من حلها- مشكلات على المدى البعيد- نقاط ضعف فيه يجب علاجها- كيفية التعامل مع خطط الخصم- كيفية حساب الأمور على المدى البعيد.. وهكذا) ولاعب الشطرنج عموما تتأثر حياته ايجابيا بشكل واضح باللعبة, فهو يحسب كل خطوة في حياته (ايجابياتها وسلبياتها) لأن أي خطأ قد يكلف باهظا وهذا ما يعلمه الشطرنج الذي يقوم على الفكر والتخطيط العلمي ومثال على هذا أن اللاعب كاسباروف بطل العالم يحفظ حوالى 900 رقم هاتف في ذاكرته دون خطأ, وهذا بسبب التدريب المتواصل وتدريب الذاكرة.. وبالاضافة الى هذا فإن الشطرنج ينمي الاخلاق ويعلم احترام الخصم.
- وماذا تقول عن الشطرنج السوري.. حاله ومعاناته?. كنا من أوائل الدول التي مارست الشطرنج رسميا, والاتحاد العربي تأسس في دمشق, وقد لوحظ في السنوات السابقة بعض التراجع بسبب قلة الامكانات المادية, في الدول العربية يقدمون الكثير لهذه اللعبة ايمانا بأهميتها, وعلى سبيل المثال قطر وبحسب كلام مباشر مع رئيس الاتحاد القطري للشطرنج دفعت مليون دولار تقريبا حتى استطاع بطلها محمد المضيحكي الحصول على لقب استاذ دولي كبير, وهذا المبلغ الذي صرف على لاعب واحد يتجاوز عدة مرات ميزانية الاتحاد السوري ولعدة أعوام.. ولقب استاذ دولي كبير لم يتمكن أي لاعب سوري من الحصول عليه لأن ذلك يتطلب مدربين اجانب ومشاركات كثيرة في العديد من البطولات على مدار السنة, وهذا صعب توفيره هنا, علما أن القيادة الرياضة ممثلة بالمكتب التنفيذي تقدم مشكورة أقصى ما يمكن. - ألم يصل الاحتراف الى لعبتكم? والاستقلالية التي منحكم إياها المرسوم 7 ألم تمنحكم حرية الحركة لتأمين الرعاة والمستثمرين لنشاطاتكم?. أولا المرسوم لم يطبق بعد, وقد كنا سعداء بهذا المرسوم الذي منح الاتحادات الاستقلالية المادية, وقد حاولنا تأمين رعاة لبطولاتنا ولكن المشكلة أن لعبتنا ليست جماهيرية, وهذا يشكل صعوبة في إقناع الشركات للرعاية. ورغم ذلك استطعنا توزيع جوائز مالية هذا العام بما يعادل 55 ألف ليرة تقريبا.. ورغم المعاناة المادية سنتابع مساعينا لتأمين الرعاية, لأنني أذكر قول بطل فرنسا وهو سوري الأصل بشار قوتلي عندما أتى دمشق وقد تكلمنا في موضوع الشركات الداعمة والراعية فقد قال: د. هاني في الفترة الأولى ستفشلون تسع مرات قبل أن تكسبوا في العاشرة وهذا ما عانيناه في فرنسا. - وماذا عن مسابقاتكم والجديد منها?. ننجز كل عام كل البطولات رغم كثرتها, وقد بقي لنا حاليا ثلاث مسابقات, بطولة أندية الدرجة الأولى التي تقام آخر هذا الشهر, وبطولة الشطرنج الخاطف والنشيط, وبطولة المخضرمين.. وهذه البطولات الأخيرة استحدثت خلال رئاستي للاتحاد منذ عام ونصف تقريبا, وقد لاقت ارتياحا كبيرا في أوساط اللعبة واللاعبين, لأنها مسابقات تحظى بالاهتمام الدولي ويجب الاهتمام بها محليا, وكاتحاد قمنا بالكثير من الخطوات للتجديد والتطوير, وهناك المزيد من الخطط قيد التنفيذ منها بطولة الجمهورية للمعلومات التي تقام في كانون أول القادم, وهي بطولة مهمة لأنها تحول ممارس الشطرنج من الممارسة بالخبرة إلى الممارسة بالعلم, ونأمل أن نتخلص من القيود والمعاناة المادية للتطوير أكثر ولتكون النتائج أفضل. - من خلال تجربتك كلاعب بطل ومن ثم رئيس للاتحاد وكيف يكون التطوير?. لا يمكن التطوير إلا بالدراسة العلمية الاكاديمية, فهي الاساس بالاضافة الى وجود المدربين الجيدين والمباريات الخارجية الكثيرة, يوجد في سورية الكثير من اللاعبين الموهوبين ولكن هذا لا يكفي لأنهم سيصطدمون باللاعبين الاجانب الاكاديميين, ومن وصل من السوريين الى المستوى العربي والدولي اعتمد على الدراسة العلمية من خلال الكتب والكمبيوتر والنشرات وهذا بجهد شخصي مثل عماد حقي وساطع الحصري وعبد الرحيم محيو وميكائيل شادرفيان. ومن خلال تجربتي كان واضحا لي منذ البداية أن الشطرنج بالدرجة الأولى هواية وليس سبيلا للعيش فنظمت وقتي بحسب الاهمية, أمارس الشطرنج في أوقات محددة لم تكن على حساب دراستي, وعند الامتحانات والاختبارات كنت أبتعد تماما عن الشطرنج, وخاصة عند الدراسة الجامعية وعند فحوص التشخيص الشعاعي الذي كان اختصاصي فيما بعد, ويمكن القول ان الرياضة كانت في أوقات الفراغ ولهذا وفقت في أنني لم أتأخر أي سنة خلال دراستي, وقد توقفت عن ممارسة اللعبة عام 1990 عند افتتاح عيادتي مباشرة, علما أنني اتحسر احيانا لأنني لم اقضي وقتا طويلا مع الشطرنج, لأنني اشعر بأنه لو تفرغت لوصلت الى المستوى الدولي, والدليل انني عام 1979 لعبت في النرويج مع البطل السوفييتي يوسوبوف خلال بطول العالم للشباب وقد فزت عليه, وهذا اللاعب حصل في هذه البطولة على بطولة العالم.. وقد اصبح هذا اللاعب محترفا واشرف عليه مدربون أكفاء, وبعد سنوات احتل المركز الرابع عالميا على مستوى الرجال.. وتلقى عرضا مغريا من ألمانيا ليلعب باسمها هو الآن بطلها الأول. - كيف يتعامل اتحادكم مع المواهب?. ممارسو الشطرنج قسمان, الأول غير مسجل رسميا في الاتحاد وهؤلاء يتجاوز عددهم عشرات الآلاف أما القسم الثاني فهم حوالى خمسة آلاف يشاركون في البطولات السنوية, والمواهب ايضا قسمان, الأول مواهب غير مكتشفة وتسبب مشكلة بالنسبة لنا لأن تطور اللعبة من هنا, وعمليا الطريقة الوحيدة لاكتشافها الدخول الى المدارس بهذه اللعبة, ولعل عدم وجود مدرسين للتربية الرياضية مختصين بالشطرنج يسبب لنا عقبة, أما المواهب المكتشفة فهي كثيرة ونعمل على دعمها, ونذكر على سبيل المثال البطل العربي ورد طربوش البالغ عشر سنوات, وكاتحاد نشركه في كافة البطولات للكبار والصغار, وهذا اللاعب لعب العام الماضي اكثر من 65 مباراة رسمية وهذا رقم جيد, وخلال عام شارك في ثلاث بطولات خارجية, وفي بطولة العالم في فرنسا حل بالمركز العاشر بين 123 لاعبا وهي نتيجة ممتازة, وقد طلبنا من القيادة الرياضية تفريغ والدته لتكون الى جانبه ومعه دائما, وذلك حرصا على توفير افضل الظروف وافضل شروط الرعاية المادية والمعنوية. وأي موهبة اخرى فنحن لن نقصر وسنقدم كل ما يلزم من امكانات واهتمام خاص. كلمة أخيرة: نتمنى من الاعلام وخاصة الصحافة الاهتمام بهذه اللعبة, لأن الاعلام عنصر أساسي للتطوير, والاهتمام سيشكل دائرة ايجابية على اللعبة حيث سيؤدي الى اهتمام الناس باللعبة وبالتالي زيادة الممارسين وهذه الزيادة ستفرز طبعا نوعية جيدة, وعندما يكون لدينا النوعية المتميزة التي تفرض ذاتها سيكون هناك اهتمام إعلامي آخر وهكذا حيث الكل يكمل الآخر.. وأؤكد في النهاية على أننا سنعمل على تأمين مصادر لدعم اللعبة ونأمل من الاعلام مساعدتنا.
|