مرت خلالها الشركة بظروف قاسية عانت فيها الكثير من ضعف في الاستثمارات ونقص في الترويج الإعلامي وخوف لا مبرر له استبد بالمستثمرين فأقلعوا.. ظروف عصيبة تجاوزت فيها الشركة عدة مراحل ومطبات كادت تودي بها برمتها لولا التصميم الحكومي على متابعة المشوار حتى النهاية والابتعاد ما أمكن عن اليأس وفقدان الأمل في إقلاع هذه الشركة ووقوفها من جديد لتكون حقا موقعا مهما للاستثمارات واجتذاب رؤوس الأموال واستثمارها بمشاريع حيوية تخدم مصلحة البلدين. وكان العقد الأول أي السنوات العشر الأولى من التأسيس هي الأصعب, أما الثانية فكانت للانتكاسات والتجارب غير المشجعة للمستثمرين, وأما الثالثة فهي نوعا ما مرحلة البداية الحقيقية والازدهار المحدود لهذه الشركة التي ما زلنا نشعر أنها وليدة اليوم رغم مرور ثلاثين عاما على تأسيسها وهو العمر الافتراضي للشركة, إلا أن ربع قرن من هذا الزمن كانت عبارة عن سنين عجاف لم تشهد فيها الشركة تطورا يذكر من جانب البلدين حيث كانت عبارة عن شكل وهيكل اكثر منها مضمون وفعل, ويبدو أن ذلك ناتج عن التداعيات الكثيرة السياسية والاقتصادية التي مرت بها المنطقة العربية.. وتعتبر الولادة الحقيقية للشركة في العام 2000 أي قبل خمس سنوات حيث شهدت دعما حكوميا غير مسبوق من الجانبين السوري والأردني, ما يعني ولادة حقيقية شهدت اقبالا من المستثمرين وتهافتا على الاستثمارات المختلفة وأصبح لدى الشركة أمانة جمارك وكوة للمصرف التجاري وغير ذلك من خدمات مرافقة تكميلية لانجاح المشروع.
في طريقي لزيارة الشركة التي تقع على الحدود بين البلدين في بلدتي نصيب السورية وجابر الأردنية. ومن الجانب السوري تحديدا وقبل وصولي إلى مقر الشركة على بعد يزيد على ال 4 كيلو مترات صدمت بطابور من الشاحنات يمتد الى ما لا نهاية يكاد يغلق الطريق الضيق أصلا والذي لا يتجاوز عرضه الامتار الخمسة المؤدي الى مقر الشركة واستثماراتها. عانيت كثيرا في الوصول وأكثر من مرة ترددت بالعودة الى حيث اتيت بعد مطبات وقعت بها السيارات وكادت ان توقعني معها, انه طريق سيىء وبداية غير مشجعة للوصول الى الشركة والحديث عنها وعن تطورها وانجازاتها وكأنني عرفت النتيجة مسبقا, فإذا كان الطريق المؤدي الى الشركة المفترض أن تكون دولية ونموذجية بهذا السوء وعلى هذه الشاكلة فكيف بالشركة ذاتها انه عنوان سيىء لمشروع مقال يفترض أن يحمل بصمات ايجابية بعد طول انتظار وعناء كانت الاحلام فيه هي المسيطرة والرؤى هي الغالبة والواقع لا ينم عن شيء قادم.
وصلت الشركة وعشرات الأسئلة تدور في ذهني, لماذا هذا الطريق? لماذا كل هذه الشاحنات? لماذا لا تدخل مباشرة الى أرض الشركة وساحاتها الكبيرة والتي تمتد على ملايين الامتار المربعة.
سألت أحد السائقين بالقرب من باب الشركة منذ متى وانت واقف أجاب: منذ البارحة ليلا, سألته ورفاقك في آخر الطابور قال لا أدري لكن من يأتي أولا يحجز الدور الأقرب سألته لماذا كل هذا الانتظار? قال: لا يسمحون لنا بالدخول حتى يأتي موظفو الجمارك ويبدؤون بادخال السيارات واحدة تلو الأخرى بعد أخذ البيانات والتأشير عليها, سألته: ومتى يأتي الموظفون, أجاب: لا أدري أتوقع بعد قليل فالساعة الآن التاسعة والنصف صباحا, بالعادة هذا هو الوقت المناسب لحضورهم.
دخلت الشركة وبذهني اجراء تحقيق عن الاستثمارات والتطورات الايجابية التي طرأت على الشركة وخطة الشركة في جذب الاستثمارات وتقديم الخدمات التشجيعية للمستثمرين, إلا أنني وجدت نفسي في محور مختلف تماما عما اتيت من أجله بعد ذلك المشهد للسيارات والطريق السيىء الذي واجهني قبل وصولي الى أرض الشركة, وبعد لقاء قصير مع المدير العام واستقبال حافل رافقني مدير التخطيط في الشركة بجولة على بعض النقاط الاستثمارية والمنشآت الصناعية وهي الأقل من بين أصناف الاستثمارات وجدت أن المستودعات الخاصة بتجميع المواد المختلفة هي الأكثر على الخريطة الاستثمارية في الشركة طبعا شاهدت التطورات الكبيرة التي حصلت في البنية التحتية للشركة من ساحات وشوارع وأرصفة ومبان ومنشآت كلها تدل على نوايا جادة بالعمل ونجاح الشركة وأهدافها, وشاهدت الجانب الأردني والطريق المؤدي منه الى الشركة وكان طريقا مميزا جداً وعدت من الجولة الى مكتب المدير العام والأسئلة المزدحمة في رأسي تدور حول الطريق والشاحنات فقط تأتي, وكأنني لم أر كل هذا التطور الحاصل في الأداء والنشاط التجاري وغيره رغم أني زرت معملا للمياه المعدنية واخر للبطاريات وثالثا للزيوت, إلا أن الفكرة المسيطرة على ذهني كانت تحمل عشرات الأسئلة حول الطريق والاستهتار بهذا المرفق الحيوي الهام المؤدي الى نجاح العمل داخل الشركة ولماذا كل هذا التعقيد في الاداء وتجميع السيارات بهذا الشكل وعلى طول الطريق ولمسافة تصل احيانا لخمسة وستة كيلو مترات كما أورد بعض السائقين.
المدير العام للشركة السيد حسن مرعي الخيرات قال: وضع الشركة بألف خير ولا يعني سوء الطريق المؤدي اليها من الجانب السوري سوءاً في العمل أو التقصير فأداء الشركة جيد واستثماراتها في ازدياد مستمر والارقام تدل على ذلك.
أما بالنسبة للطريق فهو ليس من مسؤولياتنا والروتين والتداخلات الادارية ومشكلة الاستملاك وغيرها هي السبب وراء تأخير انجاز الطريق. فنحن منذ ثلاث سنوات وبالتحديد منذ بداية العام 2002 طالبنا بانجاز الطريق المؤدي للشركة من الجانبين السوري والاردني وذلك بناء على قرار اللجنة العليا السورية - الأردنية المشتركة على أن يقوم كل طرف بتعبيد وانارة الطريق المؤدية الى المنطقة الحرة وقد قام الجانب الاردني بالفعل بانجاز هذا الطريق فورا.
وبتاريخ 4/2/2002 قام السيد وزير المواصلات السوري يرافقه السيد محافظ درعا ومجموعة عمل من الوزارة بزيارة للمنطقة الحرة وتم الاتفاق خلال هذه الزيارة على دراسة الطريق ومن ثم تنفيذه وحتى الآن لم يتم أي شيء علما أن الطريق بوضعه الحالي خطر جدا وتعبره آليات ثقيلة كل يوم.
وقمنا بمراسلة وزارة الاقتصاد والتجارة والسيد محافظ درعا وهيئة تخطيط الدولة والمؤسسة العامة للمواصلات الطرقية ومع ذلك ما زلنا على الواقع ننتظر التنفيذ, الكتب التي تردنا على مراسلاتنا تشعرنا بأن الطريق تم انجازه أو يكاد والواقع لا يدل على شيء مطلقا بل الأمر يزداد سوءا يوما بعد يوم ونحن على أبواب موسم الشتاء. وبناء على طلب وزارة الاتصالات تمت دراسة المشروع من قبل مديرية الخدمات الفنية بدرعا وارسلت الاضبارة التنفيذية للمشروع عن طريق السيد محافظ درعا منذ العام 2003 وتم استكمال الاضبارة التنفيذية للاستملاكات الواقعة على توسيع الطريق وارسالها للمؤسسة العامة للمواصلات الطرقية بالكتاب رقم 2668 تاريخ 23/5/2004 أي منذ عام ونصف العام.
فقامت هيئة تخطيط الدولة بإدراج المشروع ضمن خطة المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية وبناء على طلبها للعام 2005 علما أن المشروع له صفة الاستعجال ومع ذلك حتى الان لم يتم التنفيذ والمراسلات ما زالت متواصلة.. رغم أن المؤسسة اعلمتنا بأن التنفيذ سيتم في بداية شهر نيسان الماضي وذلك بكتابها الموجه لوزارة الاقتصاد رقم 2220 تاريخ 22/2/2005 وبتاريخ 5/9/2005 قمنا بتصدير مذكرة للسيد وزير الاقتصاد والتجارة أبلغناه فيها عن حال الطريق والمراسلات التي تعد بالعشرات بين كافة الجهات المعنية والوعود التي لم تنفذ من قبل المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية واخر ما سمعناه من المؤسسة أن الاضبارة الخاصة بالاستملاك والمودعة لدى رئاسة مجلس الوزراء منذ شهر آذار في هذا العام ما زالت قيد الدراسة ولم تصدر فيها القرارات اللازمة للاستملاك علما أن هذا الأمر اجرائي ويمكن تجاوزه فيما بعد لأن الطريق الاساسي مستملك.
لأن 90% من الطريق هو ملك للشركة وبإمكاننا أن نعمل بهذا ريثما تستكمل الاجراءات الأخرى, خاصة وأن الاعتمادات مرصودة لهذا العام ونحن في آخره ولا ندري بعد ذلك ونحن نشهد المعاناة اليومية لنا ولآلاف السيارات التي تردنا كل يوم من جانبنا والتي يزيد عددها على الألف سيارة شاحنة يوميا تعبر هذا الطريق.