تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لأنه رجل.. وهي امرأة

مجتمع
الاربعاء 9/11/2005م
ايمان ليلا

(س) فتاة بعمر الورد..انهت دراستها الجامعية والتحقت بالوظيفة.. صبية تضج بالحياة..لها أحلامها وطموحها ولكن جميعنا لانحقق إلا ماكتبه لنا القدر, تعرضت لحادث أليم أقعدها عن الحركة وأصبحت تنقلاتها محدودة من خلال كرسي متحرك,

لكن صاحب الطموح والإرادة لا يكف ولا يهدأ, لم تستلم للمرض مادامت تملك أعضاء سليمة وعقلا متزنا, انتسبت إلى إحدى الجمعيات التي تضم مجموعة من المعوقين أو ما يسمى باللغة الدارجة عليهم(ذوو الاحتياجات الخاصة) هناك مارست بعض النشاطات التي تناسب ميولها الأنثوي كالأعمال اليدوية واللغة بالإضافة إلى دورات الحاسوب, أصبح لها عالمها الجديد.. وكونت صداقات جميلة مع زملائها في الجمعية كانت تضم عددا من الشبان والشابات من ذوي الاحتياجات الخاصة والأصحاء أيضاً.‏

إلا أن هناك موضوعا لفتت انتباهها,لاحظت أن أكثر صديقاتها عازبات بالرغم من أن أمراضهن كانت أقل منها أو مثلها ويقابلها عدد من الشبان المتزوجين..بالرغم من معاناتهم الصحية.‏

هاهو السيد (ز) يعاني من شلل أطفال..استطاع أن يرتبط بفتاة أحلامه التي اجتمع بها من خلال الوظيفة..وزوجته صبية جميلة,تتمتع بصحة جيدة تحبه وتحترمه,وراضية به ورزقا بطفلين.‏

أما السيد(ه) لم يكن وضعه أفضل من السيد(ز) أصيب بحادث منذ صغره ,أثر على حركة يده وقليلاً في مشيته,تعرف إلى السيدة (ن) في إحدى الندوات الثقافية, ارتبط بها.‏

والسيدة (ن) جميلة,مثقفة جامعية,أصيبت منذ الطفولة بالجنف إلا أن ذلك لم يؤثر على علمها وعملها, وإنجابها لعروس جميلة.‏

أما الحالة الثالثة التي لفتت انتباهها,حضور شاب وسيم وأنيق, نشيط بأعماله وثقافته ولكن الذي لفت نظر الآنسة(س) مرافقة شابة له دائماً,هي عضو في هذا النادي ,لكن تلازمه دائماً,تمسك بيده, أينما ذهب,لقد أثر في نفسها,لأنها علمت أنه كفيف .وهذه الفتاة هي عينيه التي يرى بهما,ورفيقة دربه.‏

أما السيد (م) كانت مشكلته مثل الآنسة (س) رفيق كرسي متحرك, تخرج من الجامعة وتوظف, وتعرض لحادث سير, ما أقعده في هذه الكرسي- متزوج من قريبة له.‏

كل هذا جعلها تتساءل لماذا?‏

هؤلاء الفتيات الجميلات.. يتمتعن بخلق ودين وثقافة,وأغلبهن درسن في الجامعة,ولم يجدن شريك حياتهن, ألا يحق لهن أن يمارسن حياتهن بشكل طبيعي?.‏

وأحست (س) أنها في طريقها لأن تنضم إلى جمعية تلك الفتيات,ليس العملية فهي عضوة بهذه الجمعية,إنما جمعية تلك الفتيات اللواتي لا نعلم من الذي رفضهن..‏

الرجل أم المجتمع أم حكم ا لقدر عليهن? ولا سيما بعد أن علمت قصصاً على النقيض تماماً من قصص هؤلاء الشبان التي تبعث بالتفاؤل ولا نجد بها إلا الحق وكل الحق..كل واحدة منهن تطوي بين جناحيها قصة مؤلمة.‏

أخبرتها صديقتها (ر) التي أصيبت بشلل أطفال..شابة في 29 من عمرها جذابة أنيقة,تعرضت للخطوبة ثلاث مرات.وكل مرة تبوء بالفشل والسبب في المرة الأولى أن الشاب بعد أن أحبها وكان يؤكد لها كل مرة أنه أحبها كماهي.ووجد بها فتاة أحلامه ,لاحظت تغيره مرة إثر مرة..وعندما سألته ,حاول أن يتكلم كثيراً..ويتكلم ..فهمت منه أنه يريد التراجع ,ويخجل أن يمشي مع امرأة مثلها..أعادت له الخاتم لم يتردد بأخذه.‏

وفي المرة الثانية: كان صادقاً وهدفه واضح ولكن كلما زارت عائلته,سمعت منهم تلميحات,ورأت منهم غمزاً .ولن ترى منه ردة فعل تمنع هذه الحركات والكلمات ,فأنهت الموضوع.‏

أما المرة الثالثة: وكانت المفاجأة,بعد ارتباطها بالشاب أحست أن هذه المرة لامانع ولا مبرر لأي شيء.‏

لاحظت عدم موافقة أهلها وتخوفهم ,ولاسيما الأقارب وتلميحاتهم ألم تتوب ,غداً يغير رأيه ويتركها أو يتزوج عليها.. وإذا أحبت الارتباط عليها أن تأخذ شابا له مشكلة ليكون هناك توافقا بالطرفين..كثرة الصراعات جعلتها تنهي الموضوع.‏

أما السيدة(م) لم تنقص قصتها حزناً وألماً عن الآنسة (ر) وعندما روت لها الحكاية اعترضت واعترضت ..لا تعلم بوجه من تصرخ.. إلى من تلجأ.‏

قالت لها السيدة (م) وتبلغ من العمر 35سنة: قصتي تبدأ من بعيد..أنهيت دراستي الجامعية ومارست مهنة التدريس وتعرفت إلى مدرس,اتفقنا أن نكافح في هذه الحياة ونعيش على الحلوة والمرة,فرش لي الطريق بالورد..وباتفاق الأهل على الزواج, تزوجنا كنت له حبيبة وصديقة وزوجة صالحة. شهر إثر شهر ومرة أثناء عملي في المنزل ..سقطت عن (السلم) فتعرضت لكسر في فقرات الظهر,ما أدى إلى ماترينه اليوم( كانت أجمل من رأيت على الكرسي المتحرك) هنا ازداد فضول الآنسة(س) وعلقت :من المؤكد كان يعاني معك ويتألم معك. أجابتها لا..عندما ذهبت إلى المشفى وعلم من الأطباء ما هو الوضع حاول أن يقبل الموضوع,لكنه رآه كبيرا جداً, وصعبا, وحاول أهله أن يخففون عليه بوعده بتزويجه من أخرى..!‏

عندما خرجت من المشفى عادت إلى بيت أهلها لأن الوضع لم يلائم أكثر..يوم بعد يوم,قلّت زيارته لي إلى أن غاب وأرسل لي ورقة طلاقي,أنهى بها كل الوعد بيننا,لازمت المرض في بيت أهلي, وعدت إليهم مريضة ومطلقة,والناس لا يرحمون أحدا بألسنتهم الجارحة,كان رأي أغلبهم حتى بعض الأقارب أنه تصرف طبيعي.‏

لم أعد أصلح زوجة.. ولم يكن سوى أهلي كرماء معي, حاولوا أن يخففوا عني, ويتقبلوا الموضوع وكأننا ارتكبنا ذنباً,عانيت فترة حتى تعايشت مع وضعي الراهن.. ولولا إرادتي ووضعت أمام عيني أن أقبل الحياة الجديدة كما هي,لما وجدتني اليوم هنا,أمارس الأعمال اليدوية,تملأ فراغي,وتعينني ببعض المال,بعد هذه القصة لم يعد للآنسة(س) أن تسمع أي قصة قد تظنون أنه مبالغ بها..لا ..إن بحثنا سنجد كثيرات مثل السيدة(م) والآنسة(ر).‏

ولعدم التحيز: قد نجد شبانا يعانون بمن لا يرضين بهم, ولكن قلائل..وقلائل جداً بالوقت الذي نجد فيه أن رجلاً لا تنقص أهميته عن المرأة بل وأكثر,لماذا لم يكن حظ السيدة(م) مثل السيد( ع) الذي يعاني نفس حالتها,ولم يكن حظ الآنسة (ر) مثل أي شاب ذكرناه,من المسؤول عن كسر خواطر هؤلاء السيدات.وإلى متى سنبقى نقول لأنه رجل وهي امرأة,ألم يحثنا القرآن الكريم على العدل والمساواة,ألم يأمرنا بالإحسان بقوله عز وجل (وما جزاء الإحسان إلا الإحسان).‏

هل المرأة تتقن الإحسان والرجل لايستطيع ,وكذلك بالآية الكريمة يثبت (لهن مثل الذي عليهم بالمعروف) وقوله صلى الله عليه وسلم (يعجبها منه ما يعجبه منها) أيضاً المرأة تحب صفات معينة في الرجل.‏

وإذا حاولنا في قصة السيدة(م) قلب الأدوار,فأصيب بما أصيبت به,هل كان عدلاً أن تتركه?!‏

هل سينصفها المجتمع بتصرفها?! هل تملك الحق بذلك?‏

لا يوجد قانون أو شريعة تمنع الزواج من امرأة تعاني من مشكلة صحية وإلا كان القانون والشرع عندما سمح للرجل بالزواج غير عادل وهذا مستحيل.‏

وبالرغم من الندوات التي عرضت في محطات كثيرة تدرس حالات وسعادة الأزواج من ذوي الاحتياجات الخاصة والمسلسلات التي تلمح إلى هذه المواضيع واعتبارها أمورا طبيعية لا تدعو إلى الغرابة,لكن ما الفائدة إذا وجدوا سيدة من ذوي الاحتياجات الخاصة متزوجة برجل سليم,كانت هناك علامات استفهام أو حتى اعتراضات .‏

ولا ينظرون هذه النظرة عندما يرون العكس لأنه رجل يحق له مالا يحق للمرأة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية