فكيف يتم تقدير التعويض جزاء المسؤولية.. وما الطرق القانونية المتبعة في التعويض.. وهل ثمة تعويض بمقابل..
ومتى يتناسب التعويض مع الضرر..
وهل يمكن اجتماع التعويض مع مبلغ التأمين?!
أسئلة توجهنا بها إلى المحامية ناريمان عبد الكريم الزير التي أجابتنا عنها مشكورة في الحديث التالي:
أولا: طرق التعويض: نصت المادة 172 من القانون المدني على مايلي:
1- يعين القاضي طريقة التعويض تبعا للظروف ويصح أن يقسط التعويض كما يصح أن يكون ايرادا مرتبا ويجوز في هاتين الحالتين إلزام المدين بأن يقدم تأمينا.
2- ويقدر القاضي التعويض بالنقود على انه يجوز وتبعا للظروف وبناء على طلب المضرور أن يأمر بإعادة الحالة الى ما كانت عليه أو أن يحكم بأداء أمر معين متصل بالعمل غير المشروع وذلك على سبيل التعويض, أي يمكن أن يكون التعويض عينيا أو بمقابل وقد يكون نقديا أو غير نقدي.
- التعويض العيني (إعادة الحالة إلى ما كانت عليه): وهنا يمحو التعويض العيني الضرر ويزيله تماما (كهدم الحائط المشيد بقصد منع الهواء وحجب الضوء عن عقار الجار) ويعد التعويض العيني افضل طرق التعويض لأنه يؤدي الى جبر الضرر جبرا تاما بإعادة الحالة الى ما كانت عليه وليس للمضرور أن يرفض التعويض العيني إذا تقدم به المدين وأن يطلب بدلا منه استيفاء مبلغ من النقود ذلك لأن المسؤول يعد أنه قد نفذ التزامه على وجه كامل, حيث يعيد الحالة الى ما كانت عليه, إلا اذا تعذر عليه ازالة الضرر الذي اصاب المضرور في الفترة السابقة على اعادة الحالة الى ما كانت عليه, وإذا لم يتقدم المسؤول بالتعويض العيني, فللمضرور الحق بأن يطلب التعويض العيني وأن يحصل عليه في كل حالة يكون فيها ممكنا.
التعويض بمقابل: والمراد أن يدخل المدين في ذمة المضرور قيمة معادلة لتلك التي حرم منها, فليس يرمي التعويض إذن الى محو الضرر بل الى جبره.
وقد يكون التعويض بمقابل غير نقدي كتحميل المدعي عليه مصروفات الدعوى أو نشر الحكم الصادر بإدانة المسؤول. وقد يكون نقديا.
- بيد أن التعويض النقدي هو أكثر طرق التعويض ملاءمة لاصلاح الضرر المترتب على العمل غير المشروع ذلك لأن المضرور يحتفظ به ويستخدمه بالوجه الذي يحلو له والأصل في التعويض النقدي أن يكون مبلغا معينا يعطى دفعة واحدة للمضرور وليس ما يمنع أن يكون مبلغا مقسطا أو ايرادا مرتبا مدى الحياة وذلك يعود لتقدير القاضي دون توقف على طلب المضرور (مثلا إذا كانت اصابة المضرور تعجزه عن العمل مدة معينة جاز للقاضي أن يحكم له بتعويض مقسط خلال هذه المدة وان كان العجز عن العمل كليا أو جزئيا بصفة دائمة جاز الحكم له بإيراد مرتب مدى الحياة).
ثانيا: تقدير التعويض: يقدر القاضي التعويض النقدي بقدر الضرر مع مراعاة الظروف ويشمل ما لحق المصاب من خسارة وما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك نتيجة للعمل غير المشروع وسواء كان الضرر متوقعا أو غير متوقع.
وإن التعويض يقدر بقدر الضرر المباشر أي ما كان يستطيع المصاب أن يتوقاه ببذل جهد معقول.. يشمل ما يعد ضررا مباشرا سواء أكان خسارة ألمت بالمصاب أو كسبا ضاع عليه, مثال: كإتلاف شخص سيارة لغيره وكان صاحبها قد اشتراها بعشرين ألف ليرة سورية وكان ينوي بيعها بمبلغ وقدره خمسة آلاف ليرة سورية, فإن التعويض يشمل مبلغ العشرين ألفا وخمسة الآلاف ليرة سورية وهي مقدار الكسب الذي فاته.
التناسب بين التعويض والضرر: على القاضي حين تقدير التعويض أن يقدر كامل الضرر ولايجوز له تقديره بأقل من قيمة الضرر إلا إذا كان ثمة ما يسوغه كما في إصابات العمل حيث حدد المشرع التعويضات المختلفة تحديداً جزافاً قد لا يفضي إلى جبر كل الضرر, وكما في حالة الخطأ المشترك حيث يتعين خفض التعويض بقدر مسؤولية المصاب إذا ما اشترك في إحداث الضرر.
ويجب أن يراعي القاضي في تقدير التعويض الظروف الشخصية للمضرور كأن يكون شخصياً يتعيش من عمله أو أن يكون ثرياً, أو يكون هو العائل لأسرته أو يكون عازباً لا يعيل إلا نفسه.
كما يراعي القاضي الظروف الشخصية للمسؤول ولا سيما ظروفه المالية كأن يكون غنياً أو فقيراً, وكذلك يراعي القاضي جسامة الخطأ الصادر من المسؤول.
والعبرة في تقدير التعويض هو ليوم الحكم, ولكن يجب التمييز بين حالة استفحال الضرر وحالة تناقص الضرر بعد صدور حكم مبرم, فهل يجوز تعديل التعويض فيما بعد في حالة تفاقم الضرر أو تناقصه?
حالة استفحال الضرر: هنا يكون للمضرور أو ورثته المطالبة في دعوى جديدة بالتعويض عما استجد من الضرر مما لم يقدره القاضي عند تقدير التعويض الأول ولو اكتسب الحكم الدرجة القطعية ذلك لأن الضرر الجديد لم يسبق أن حكم بتعويض عنه فهو بمثابة ضرر جديد.
حالة تناقص الضرر: قد يقدر القاضي التعويض ثم يحدث بعد ذلك أن يتناقص الضرر على خلاف ما قدره وقت الحكم بالتعويض فهنا لا يجوز أن يعاد النظر في تقدير التعويض لإنقاصه لأن حكم التقدير قد اكتسب الدرجة القطعية.
ويجب ألا يزيد مقدار التعويض عن الضرر, ولكن هل يجوز الجمع بين تعويضين: كما إذا كان المضرور قد أمن على نفسه جسدياً أو على ماله أو كان العمل الضار الذي ألم به قد أنشأ له حقا في مكافأة أو معاش, فهل يستطيع المضرور أن يجمع بينهما?
الأصل أنه لا يجوز الجمع بين تعويضين عن حادث واحد, لأن التعويض يجب أن يكون بقدر الضرر وليس وسيلة لإثراء المضرور على حساب مسبب الضرر, على أن الجمع بين التعويض ومبلغ آخر جائز ما دام لا يصدق عليه وصف التعويض.
1- اجتماع التعويض مع مبلغ التأمين: ينبغي التمييز بين حالتين:
- فاذا كان المؤمن له هو المسؤول فلا يقبل من المضرور الذي حصل على تعويض من المؤمن الرجوع بعد ذلك على المسؤول بتعويض آخر إلا اذا كان التعويض الذي حصل عليه غير كاف.
- واذا كان المؤمن له هو المضرور, فينبغي التمييز بين الاشخاص, حيث يجوز الجمع بين التعويض والتأمين, والتأمين على الاشياء حيث يمتنع الجمع.
- واذا كان المضرور مؤمنا على حياته أو ما يقع له من حوادث كان له أو لورثته الجمع بين مبلغ التأمين ومبلغ التعويض.
- اجتماع التعو يض مع حقوق أخرى: كالنفقة كما لو تسبب عامل في مصنع في إصابة عامل آخر, فإنه يستحق نفقة ممن تجب عليه النفقة له لعجزه عن العمل وبالتالي لايستحق التعويض, فإذا رجع المضرور على المسؤول (مسبب الضرر) بالتعويض الكامل فليس له الحق في النفقة لأن أساس النفقة هو الحاجة وقد سدت بالتعويض المحكوم به.
- ولا يجوز اجتماع التعويض مع التعويض الجزاف: كما إذا استحق العامل المصاب تعويضاً كاملاً بسبب إصابته من العامل المسؤول عن الضرر ومبلغاً جزافاً (غير محدد) من رب العمل بمقتضى قانون التأمينات الاجتماعية, فإنه لايجوز له ذلك فإذا رجع العامل المضرور على زميله المسؤول بالتعويض الكامل فليس له الحق في تعويض من رب العمل.
- ويجوز الجمع بين التعويض ومكافأة نهاية الخدمة: فالتعويض الذي يناله المصاب ممن أحدث له الإصابة يختلف عن التعويض المعطى للعامل من التأمينات بانتهاء عمله.
- ولا يجوز الجمع بين التعويض والإعانة الحكومية التي تعطى للموظف المصاب بحادث أثناء تأدية وظيفته.
- يجوز الجمع بين التعويض وراتب التقاعد: نظراً لأن راتب الموظف يشبه التأمين والذي يستحقه بمقابل أقساط التأمين التي يدفعها إعمالاً لعقد التأمين.