وتتشكل لديه الرغبة في الوصول إلى ما يصبو إليه, ويحدد هذه الرغبة عوامل عديدة منها مستواه الفكري وثقافته الحياتية والثقافة الاجتماعية للوسط الذي ينتمي إليه بما فيه الأهل والمحيط, والرغبة هي أولى درجات الطموح الذي يتحول بدوره إلى هدف مع مرور الوقت, وباعتبار أن الأهداف تلزمها الوسائل لتحقيقها فإن وسيلة الطالب هي الدراسة يكرس لها سنينه وينتقل من مرحلة تعليمية إلى أخرى حتى يصل بذلك إلى أبواب الجامعات...مفترق الطرق ومفتاح باب المستقبل الذي سيدخل منه بما يتناسب مع إمكانياته وطموحه.
وتدرج أمامه الخيارات ويصل إلى المفاضلة الجامعية متمنياً أن يدخل الفرع الذي يريد , لطالما انتظره وانتظر الوصول لهذه اللحظة...لحظة اختياره وتحقيق طموحه.
وكما نعلم جميعنا إن المفاضلة الجامعية عبارة عن عملية توزيع عن طريق الحاسوب تتضمن توزيع الأعداد حسب حاجة المقاعد الجامعية المقررة بحيث تحجب بذلك رغبة الكثيرين وتخضع قبول الطالب لعملية حسابية عددية تتحكم باختياره, فإن أراد دخول كلية معينة ولم تطابق رغبته قبول الكمبيوتر فإنه يقع في حيرة أن يقبل بالرغبة البديلة المتاحة له, أو يضطر لأن يخسر سنة دراسية كاملة لإعادة امتحان الشهادة ومحاولة الحصول على رصيد أكبر من العلامات قد تزيد من المعدل بكثير تؤهله للقبول, ونقول محاولة لأنه ليس بالضروري لكل طالب ناجح ويعيد التمكن من الحصول على فارق كبير من العلامات وبذلك يكون قد أضاع سنة كاملة بدون فائدة تذكر.
بالإضافة إلى معدلات القبول التي نراها تزيد في بعض السنوات بشكل ملحوظ عما سبقها حيث إن بعض الكليات تحوي عدداً كبيراً من الطلبة لديها ولا تحتاج مقاعدها إلا لعدد معين فتلجأ إلى رفع معدلات قبولها ويصبح عالياً ليس بالسهل الحصول عليه لكل من يريد, وأيضاً يقع الطلاب في مطب إعادة امتحان الشهادة.
- إن أردنا مناقشة الموضوع من جانب آخر بعيد عن الحاسوب والمعدلات والأرقام وأتينا إلى خلية الطالب الأولى والأهم وهي الأهل لوجدنا أن لهم الدور الأكبر في تقرير مصير الابن وتحديد دخوله للفرع الذي يختارونه هم لا هو.
فقد يلجأ البعض لزرع فكرة معينة في خيال الابن ومنذ الصغر بقولهم إننا نريد منك في المستقبل أن تصبح كذا...محددين بشكل مسبق ما يجب عليه اختياره, وما أن يحصل على الشهادة الثانوية حتى يبدأ التحريض وتبدأ عملية المقارنة بالطالب الفلاني فقد سجل في الكلية كذا ويجب عليك أن تدخلها نفسها وإلا ظنك الجميع غير قادر أو لست بمستوى ذكائّه وإن مستقبلك إن فعلت سيكون أفضل ويربطون رغبة الفهم ومقدرته بموضوع الذكاء والمنافسة وتبدأ سلسلة طويلة من الارشادات والتوجيه غير المدروس ما يضعف عزيمته وثقته بما أحب وأراد.
وقد يطاوعهم مقتنعاً بعض الشيء أو مجبراً فلا يجد ذلك النجاح المنشود ولا يجد نفسه أصلاً في المكان الصحيح لأن إمكانياته مبرمجة وميوله مؤهلة للتواجد في مكان آخر, ونضيف على هذه الأسباب التي تكمن وراء خيار الطالب المجتمع وتأثيره في هذه العملية, حيث إن النظرة السائدة لدى الكثيرين أن السيادة الدراسية و القيمة العليا تنحصر وتتركز في الكليات العلمية التي تزيد مدة دراستها عن 5 سنوات وما فوق (طب ...هندسة) وينقسم المجتمع إلى أقسام فئة تهمش كل ما عدا هذه الكليات وأخرى تجد أن الدراسات الأخرى جيدة ولكن الأفضلية للاختصاصات العلمية ونرى الغالبية تحمل نظرة اعتبارية أكبر لهذه الاختصاصات ما يحرض شعور الطالب على دخولها كي يضع نفسه في موقع أعلى حتى ولو كانت امكانياته لا تسمح له بذلك.
من خلال كل هذه الأسباب والعوامل نخلص إلى نتيجة أن خيار الطالب في دخول الجامعة محكوم لأمور كثيرة وأن رغبته هي آخر ما يأتي وأن نسبة مطابقة قبول الطالب مع رغبته لا تتجاوز 5 15% كحد أعلى.