تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رهافة الإحساس عند الأبناء .. نعمة أم نقمة؟!

مجتمع
الاثنين 29-12-2014
فردوس دياب

يعتبر الإحساس المرهف احدى الهبات الإلهية التي منحت للطفل والتي تصاحبه طوال عمره، وإذا حظي الطفل باهتمام كافٍ من أبويه وتعاملا معه وفقاً لقدراته الخاصة والمميّزة،

فإنه يمكن أن يغدو مبدعاً في المستقبل، ولكن إذا لم يتمكّن والداه من فهم طبيعته النفسية وتركيبته الشخصية المختلفة عن أترابه، سوف يعاني الطفل ذو الإحساس المرهف من مشكلات نفسية جمّة, ويشكّل الأطفال الذين يولدون بإحساس مرهف نسبة تتراوح بين15 و20 % من إجمالي عدد الأطفال.‏

بين البلادة ورهافة الإحساس ..‏

السيدة أم رامي (ربة منزل ) قالت إنها تتمنى أن يتمتع طفلها المراهق برهافة الحس لأنها تكاد تفقد أعصابها من كثرة بلادته وجموده وعدم استجابته لما تطلبه منها أو ما يطلبه منه معلموه ومدرسوه في المدرسة، مضيفة أنها غالبا ما تنهال عليه بالشتائم وأحيانا بالضرب لتصرفاته البليدة والمستفزة.‏

أما السيدة أم يزن فقالت إن ابنها البالغ من العمر 7 سنوات يتمتع بإحساس مرهف وعال فهو شديد التأثر بأي موقف من حوله وهو سريع الاستجابة لما يطلب منه، مضيفة انه يحزن ويبكي لأي توبيخ أو تعنيف من قبل احد والديه أو احد أخوته، متسائلة في ذات الوقت هل رهافة الإحساس للطفل نعمة أم نقمة سواء للطفل نفسه أم للأهل بشكل عام.‏

دور الأهل ..‏

وتؤكد العديد من الدراسات والأبحاث العلمية أن الأطفال ذوي الإحساس المرهف تعترضهم الكثير من المشكلات في حياتهم، وهو الأمر الذي يستوجب من الأهل معرفة هذه المشاكل التي تواجه هؤلاء الأطفال من خلال الجلوس معهم والاستماع إليهم وتخصيص الوقت الكافي لهم لمناقشتهم للتوصل لحل لجميع المشاكل التي تعتريهم حتى لو كانت هذه المشاكل بسيطة أو ليست ذات قيمة بالنسبة للأشخاص الأكبر منهم سنا، وذلك حتى لا يصابوا بالتوترات العصبية والضغوط النفسية .‏

كما يحتاج هؤلاء الأطفال ذوو الإحساس المرهف إلى كلمات الثناء والمديح لإثبات ذاتهم، مع الانتباه إلى عدم توجيه أي كلمات لهم من شأنها أن تزعجهم وتضغطهم نفسيا ومعنويا كالشتم والتوبيخ أمام الآخرين لان من شأن ذلك أن يسبب لهم الإحباط والتوتر النفسي.‏

التجاوب مع انفعالاته ..‏

ومن هذا المنطلق يجب على الأهل الانتباه إلى تهيئة طفلهم ذي الإحساس المرهف قبل دخوله المدرسة لأنه قد يتعرض لمواقف كثيرة قد يجد صعوبة في تقبلها، وذلك من خلال تعزيز ثقته بنفسه والتعامل معه بعقلانية وحذر شديدين والحفاظ على راحته قدر الإمكان وإبعاده عن مسببات التوتر، مع ضرورة الانتباه إلى عدم الشجار أمامه وعدم معاقبة أي من أخوته أو ضربهم على مرأى ومسمع منه، وذلك حتى لا يصاب بصدمة تضعه على حافة القلق والخوف والاضطراب النفسي، وهذا ينطبق أيضا على انفعالاته السعيدة التي يجب على الأهل التجاوب معها بكل حرص وجدية وحماسة وفرحة دون الإفراط في الشعور بذلك .‏

كما يؤكد الاختصاصيون أن الطفل المولود بحساسية نفسية مفرطة يختلف عن أترابه في شدّة التأثر وحدّة الانفعال تجاه المواقف المختلفة التي تعترضه، ما قد يجعله يبدو مبالغاً في انفعالاته في بعض الأحيان ويعود السبب إلى أنّ دماغه يتعامل مع المؤثّرات المختلفة بطريقة أكثر عمقاً، فنجده ينزعج من أي أمر يخالف ما اعتاد عليه لأنه لا يتكيّف مع المستجدّات بسهولة ويتأثّر بالألم أكثر من غيره، وقد يعاني من الحساسية المرضية، إذ أنّ جسمه شديد التأثّر بالمتغيّرات وتحدث له ردود فعل مرضية .‏

صفات الطفل الحساس ..‏

هناك بعض الصفات الخاصة التي يتمتع بها الأطفال ذو والإحساس المرهف منها انه ينتابهم الخوف بسهولة، حيث تخيفهم أشياء قد تبدو عادية في نظر أترابه، كما يلاحظ الحساس أدنى التفاصيل ويكتشف أي تغيّر ولو بسيط في مظهر أو ملامح المحيطين به، وكما يتمتّع بحسّ فكاهي وعفوية طريفة ويستيقظ من نومه مع النداء الأوّل، وقد يستيقظ مرّات عدّة أثناء الليل وينشئ لنفسه عالماً خاصاً ويفضّل اللعب بمفرده بألعابه الخاصة و يسأل أسئلة عميقة قد تصعب الإجابة عنها وأيضا يدقّق في ملابسه ويتذمّر منها إن كانت غير نظيفة أو غير مريحة له، ويزعجه بشدّة الصوت المرتفع والضوء القوي ويلاحظ الروائح الغريبة ويعاني صعوبةً في النوم خارج المنزل ويجعل الأولوية لحاجات الآخرين على حاجاته بشكل لاإرادي و يتأثّر ويبكي بسرعة عندما تجرح مشاعره أو يشعر بالظلم ويتأثّر بأحوال الآخرين في الحزن والفرح، كما قد تنتابه نوبات غضب عنيفة و يثير حيرة الأهل، خصوصاً في المواقف التي يتوقعّون منه أن يتصرّف حيالها بشكل مناسب، ولكنه قد يبدي خوفاً أو قلقاً أو خجلاً أو غضباً غير مبرّر.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية