لأن ذلك اليوم المجيد من عام 1974 الذي يحمل دلالات ومعاني وطنية وقومية بالنسبة لأبناء سورية لها أهميتها في تاريخ نضالهم من أجل تحرير الأرض المحتلة واستعادة الحقوق المغتصبة شهد دحر المحتل الصهيوني عندما رفع القائد الخالد حافظ الأسد العلم السوري في سماء القنيطرة، وشكل البداية والأرضية الصلبة لتحرير كل الأراضي العربية المحتلة.
ويبقى ذلك اليوم حاضراً في ذاكرة السوريين الذين بإرادتهم وتضحياتهم حرروا المدينة كما يحرر جيشنا العربي السوري بتضحيات شهدائه اليوم أراضي سورية من دنس الإرهاب.
لقد توجت انتصارات حرب تشرين الاول 1973 برفع علم سورية على المدينة التي أظهرت للعالم أجمع همجية الاحتلال الصهيوني الذي دمرها وجعل منها مدينة أطلال، كما يفعل إرهابيوه اليوم في المدن السورية التي دخلوها، مستخدمين نفس النهج الصهيوني في الدمار والدموية وجرائم الحرب، وضد الإنسانية.
ومنذ مطلع القرن الماضي والاستعمار يعمل على العودة إلى المنطقة، فصنع الكيان الصهيوني لينسينا معركة حطين التي انطلقت من الجولان العربي السورية لتحرير القدس من الصليبيين، وعندما دخل الجنرال الفرنسي غورو إلى دمشق محتلاً أول ما ذهب إلى ضريح صلاح الدين ليقول :ها قد عدنا يا صلاح الدين»، أجل عادوا ليفتتوا الامة العربية وليفصلوا المشرق عن شمال إفريقية جغرافياً وهذه كانت الغاية الأولى من إقامة الكيان الصهيوني الذي حاول ان يمسح القنيطرة حاضرة الجولان وعاصمته عن الخرائط ليتسنى له ضم الجولان المحتل .
وقبل العدوان الأطلسي على سورية شهدت مدينة القنيطرة حركة بناء واستصلاح للأراضي وإعادة للبنى التحتية من مشاف وخدمات وشيدت مدينة البعث وهي مدينة صغيرة وبلدية تتبع إدارياً لمحافظة القنيطرة وتقع بين مدينة خان أرنبة ومدينة القنيطرة المحررة. بنيت في ثمانينيات القرن العشرين، تضم المدينة مجموعة من المؤسسات الحكومية المهمة لصمود أبناء المنطقة.
وهي المدينة «أي مدينة البعث» التي حاول الإرهابيون الاستيلاء عليها بأوامر صهيونية شاركت من خلالها المروحيات الإسرائيلية في العملية العام الماضي ولكن نجح الجيش العربي السوري بتأمين كامل محيطها وضدّ العدوان وهزمت جبهة النصرة الإرهابية شرّ هزيمة.
آلة الحقد الصهيونية دارت في السنوات السبع الماضية لكسر ما حققته سورية في حرب تشرين التي أحبطت المشروع الصهيوني على مدى أربعين عاماً بسبب صمود سورية وخطها الوطني المستقل الرافض والمقاوم للخطط الغربية الصهيونية بجذوته المتقدة التي حملت الإرادة والتصميم على تحرير كل شبر محتل والتمسك بالحقوق وعدم التنازل أو التفريط أو المساومة بأي شبر من الأرض، والصمود في وجه العدوان ومقاومته حتى يتم تحرير كل الأراضي العربية من براثن الاحتلال الإسرائيلي.
وبعد 44 عاماً من التحرير يحتفل السوريون.. وكذلك أبناء الجولان العربي المحتل كل عام بتحرير القنيطرة رغم تعسف سلطات الاحتلال رافعين رايات النصر مذكرين الكيان الصهيوني أن التحرير قادم لا محالة، مؤكدين كل عامٍ أهمية هذا التحرير في التاريخ النضالي لسورية ليكون حافزاً من أجل تحرير الأرض المحتلة واستعادة الحقوق العربية المغتصبة.
واليوم لا يختلف المشهد عما حصل عام 1973 حيث يخوض جيشنا الباسل معارك الدفاع عن الوطن ويسطر أروع ملاحم البطولات والانتصارات ضد التنظيمات الإرهابية المدعومة من الاحتلال الإسرائيلي والغرب وأنظمة الخليج وتركيا ليؤكد كسره وتحطيمه لكل المخططات التقسيمية المعدة لسورية والمنطقة، هي معارك تحرير الجنوب من الجماعات الإرهابية التي يدعمها الكيان الصهيوني الذي كان ينوي إقامة حزام أمني إرهابي مؤيد له على تخوم الجولان العربي السوري المحتل لمنع سورية من تحرير أراضيها، وقد قدم أهالي القنيطرة وريفها تضحيات جليلة وحرروا العام الماضي مناطقهم من المجموعات الإرهابية، ولاسيما بلدات حضر وحرفا والمقروصة وعرنه التي قدمت الشهداء بأعداد كبيرة، وصمدت بوجه الإرهابيين المدعومين من العدو الاسرائيلي، ولهم التحية، ولأرواح شهدائنا الرحمة والخلود.
وتحرير هذه المنطقة، أسقط المشروع الصهيوني في إقامة «الحزام الأمني»، الذي كان يسعى إليه العدو الاسرائيلي، وأعطى مساحة أوسع للمقاومة، لتكون في مواجهته وتحرير الأراضي السورية المحتلة، في الجولان وجبل الشيخ، امتدادا إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، فتصبح الجبهة اللبنانية-السورية واحدة، وهذا ما يقلق قادة الكيان الصهيوني، في وقت نشهد فيه كيف أن الغرب المهيمن على مجلس الامن الدولي يمنع تطبيق القرارات الدولية التي نصت على إعادة الجولان إلى سورية، واتضح أن الكيان الغاصب بمشروعه التوسعي هو وحماته الغربيون لا يريدون سلاماً عادلاً بل استسلاماً.