تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مياه جبل الشيخ لاتزال عصية.. وتحرير القنيطرة رسم أبجدية الانتصار

الثورة
دراسات
الثلاثاء 26-6-2018
عبد الحليم سعود

لم يكن احتلال الجولان العربي السوري في حزيران عام 1967 مجرد مصادفة فرضتها نكسة حزيران والتفوق العسكري الإسرائيلي في تلك الحرب العدوانية،

بل كان ذلك جزءاً من مخطط صهيوني قديم يعود إلى رغبة إسرائيل بالتوسع بين الحدود المزعومة لها بين نهري الفرات والنيل، والسيطرة على مصادر المياه في الجولان،‏‏

وتعود الأطماع الإسرائيلية في مياه الجولان إلى ما قبل تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948 بسنوات طويلة، ومن بين الأدلة على ذلك ما جاء في مذكرة المنظمة الصهيونية العالمية إلى مؤتمر السلام في باريس في 3 شباط 1919.‏‏

تقول المذكرة:»جبل الشيخ هو أبو المياه الحقيقي بالنسبة لفلسطين، ولا يمكن فصله عنها دون إنزال ضربة جذرية بحياتها، فيجب إذاً أن يبقى تحت سيطرة أولئك الذين هم أرغب وأقدر على إعادته إلى نفعه الأقصى».‏‏

كما بعث ممثل الصهيونية الأميركية لويس برانديس ببرقية إلى وايزمن في (16 شباط عام 1920) يقول فيها:»من أجل تطوير البلاد الاقتصادية في الشمال ينبغي أن تضم فلسطين منابع مياه الليطاني عند جبل الشيخ (حرمون)، وإلى الشرق سهول الجولان وحوران».‏‏

واللافت هنا أن أعين الصهاينة كانت مصوبة نحو الجولان السوري قبل استيلائهم على فلسطين بعقود طويلة ما يعني أنهم كانوا يخططون لاحتلاله قبل نكسة حزيران، وهذا دليل إضافي على نياتهم العدوانية وأطماعهم التوسعية على حساب أراضينا وثرواتنا إلى جانب العنصرية البغيضة التي تميزهم، إذ يعتبرون أنفسهم أصحاب حق وعنصر متفوق على ما عداه، بحيث يحق له السيطرة على أي أرض يطمع بها أو يزعم أن له حقاً تاريخياً فيها وهذا هو منطق أو فلسفة النازية الهتلرية التي يدعون أنهم جزء من ضحاياها ويتذرعون بجرائمها لاستدرار عطف الدول والشعوب الأخرى.‏‏

احتلال القنيطرة‏‏

نتيجة وجود هذه الأطماع الإسرائيلية في الأرض العربية ومن ضمنها جنوب سورية شن الكيان الصهيوني في الخامس من حزيران عام /1967/ عدوانه على سورية ومصر والأردن وقد أدى هذا العدوان الغادر والمباغت إلى احتلال الجولان السوري والضفة الغربية وسيناء معاً، ليتمكن الكيان الصهيوني من احتلال مساحة تفوق بأربعة أضعاف المساحة التي اغتصبها عام 1948، حيث وقعت مدينة القنيطرة السورية وبلداتها وأريافها تحت الاحتلال الإسرائيلي اعتباراً من العاشر من حزيران بعد أن أجرت قيادة الاحتلال إعادة تجميع لقواتها لتركيز جهودها على الاتجاه السوري وحشدت كل ما يمكن حشده من وسائط الدعم والتعزيز، إلى جانب التفوق الجوي الإسرائيلي والسيطرة الجوية المطلقة التي مكنت الاحتلال في نهاية المطاف من احتلال المدينة.‏‏

التحرير المجيد‏‏

أيقظت نكسة حزيران الأليمة الوجدان العربي وهزته ونبهت الشعور القومي إلى الخطر الإسرائيلي الذي بات يهدد كل العرب، وانعكس ذلك على التحرك العربي الذي أخذ اتجاهات عملية لإزالة آثار النكسة ودعم مواقع الصمود، والاعتماد على الأصالة الذاتية للأمة العربية، وتمت ترجمة ذلك خلال حرب تشرين التحريرية التي انطلقت في السادس من تشرين أول عام 1973 على الجبهتين السورية والمصرية لتحرير الأراضي العربية المحتلة في سيناء والجولان، وبعد حرب بطولية تلتها حرب استنزاف تمكن الجيش العربي السوري من تحرير مدينة القنيطرة وإعادتها للسيادة السورية، ولكن خلال الانسحاب الإسرائيلي منها وتوقيع اتفاقية فض الاشتباك قام جيش الاحتلال بتدمير المدينة لتظل شاهداً على همجيته ومرارة شعوره بالهزيمة أمام إرادة السوريين الذين أبهروا العالم، وفي السادس والعشرين من حزيران قام بطل حرب تشرين القائد الراحل المؤسس الفريق حافظ الأسد برفع العلم العربي السوري في سماء القنيطرة المحررة معلناً عودتها إلى حضن الوطن، ومؤكداً تفاؤله بالنصر بالمستقبل وثقته «بأن أي قوة على هذه الأرض لن تستطيع أن تمنعنا من استرجاع حقوقنا كاملة».‏‏

القنيطرة بين الأمس واليوم‏‏

طوال السنوات التي تلت تحرير مدينة القنيطرة وبقاء جزء من الجولان السوري تحت الاحتلال لم تتوقف الأطماع الإسرائيلية في سورية، ولكن من دون أن يتجرأ الكيان الغاصب على تجاوز الخطوط الحمراء وخط فض الاشتباك في الجولان، أو أن تتوقف سورية عن المطالبة باسترجاع أرضها المحتلة بكل الوسائل الممكنة السياسية والدبلوماسية وعبر دعم أهلنا الصامدين في الجولان المحتل، لتكشف السنوات السبع الماضية من عمر الحرب الارهابية على سورية عن تورط إسرائيلي مفضوح في دعم الارهاب وتنظيماته التكفيرية التي تحاربها سورية، حيث تحولت هذه التنظيمات الارهابية في الجنوب السوري وخاصة على تخوم القنيطرة المحررة ودرعا والسويداء إلى جيش إسرائيلي بالوكالة يفعل كل ما يطلب منه قادة الاحتلال من اعتداء على نقاط الجيش العربي السوري واستهداف مواقعه الحصينة وضرب البنية التحتية في المناطق المحررة ومحاولة الاستيلاء على مناطق جديدة لتكون بؤرة لاستخبارات العدو وعملائه من أجل إقامة منطقة أمنية في شمال الكيان داخل الأراضي السورية تكون منزوعة السلاح والمسلحين باستثناء التنظيمات الارهابية المؤتمرة بأمر الاحتلال، ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، وقد تلقى عملاء الاحتلال في هذه التنظيمات ضربات عسكرية قاسية منعتهم من تحقيق أهداف العدو المعلنة، بالرغم من دعمه العسكري واللوجستي المباشر لهم وتدخله في أحيان كثيرة لإنقاذهم ورفع معنوياتهم المنهارة، وطوال السنوات الماضية حاول الكيان الصهيوني رسم خطوط حمراء جديدة أمام تحركات الجيش العربي السوري في المنطقة المحاذية لخط فض الاشتباك، وفرض قواعد اشتباك جديدة تحمي أمنه على المدى الطويل وتحول دون إشعال جبهة الجولان مرة جديدة، ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، وها هي جبهة الجنوب تشتعل فوق رؤوس الإرهابيين على امتدادها بالرغم من الدعم الصهيوني والأميركي المباشر لهم، وبالرغم من كل التحذيرات والتهديدات التي أطلقتها إدارة ترامب مؤخراً، لتتأكد مجدداً مقولة القائد المؤسس الراحل حافظ الأسد في يوم رفع العلم العربي السوري في سماء القنيطرة المحررة بصورة جديدة، بأن أي قوة على هذه الأرض لن تستطيع أن تمنعنا من محاربة الإرهاب وتطهير الأرض السورية منه، أو تسلبنا حقنا في استعادة الجولان العربي السوري كاملاً وبكل الوسائل المشروعة.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية