لكن ليس لمصلحتها دائماً، بل لمصلحة الأشخاص الذين يديرون الجهات المُعلنة عن بعض المشاريع، وهناك الكثير من الملفات المفتوحة في هذا الإطار، ومنها ملف تأجير الأبنية الحكومية مثلاً، فالشرطي يمكن أن يخالف أي سيارة والحجج كثيرة، والإدارات يمكن أن تضغط بكل الأشكال بحجة المصلحة العامة، فيما المصلحة العامة تكون آخر الاعتبارات، وهذا الأمر دفع الكثيرين للإحجام عن مشاركة القطاع العام وإقامة الاستثمارات المشتركة، وعندما يعترض المستثمر على أي شيء يكون الجواب أمامك القضاء، وعندها لا بد للمستثمر من الانصياع لضغوطات ومطالب ومصالح خاصة للإدارات لا للمصلحة العامة، والطامة الكبرى إذا تغير الوزير أو المدير، فكل شي يكون في ذمة الإدارات السابقة، وما على المستثمر الذي دخل بشروط خاصة جداً وعلى مقاسه إلا أن يتحمل ويحاول الدخول من جديد مع الإدارة الجديدة.
اللافت في معظم استثمارات القطاع الخاص لدى القطاع العام نشوء خلافات بين الطرفين، وأروقة مجلس الدولة تغص بالملفات الخلافية بين المستثمرين لدى القطاع العام، وما سبق ليس له علاقة بتنفيذ مشاريع الجهات العامة من قبل القطاع الخاص وإنما بالاستثمارات فقط.
الموضوع يمكن برمته أن يتم حله من خلال هيئة الاستثمار التي تُرسَل لها كل المشاريع المطروحة لدى القطاع العام للاستثمار، ويتم الإعلان عن هذه المشاريع دفعة واحدة، والقطاع الخاص يتنافس لتنفيذ هذه المشاريع وفق شروط وعقود واضحة وقواعد تحكيم لحل الخلافات دون أن يُترك أمر العلاقة بين الجهتين لمزاج الإدارات وتوافق مصالح الأشخاص في كلا الطرفين، وتكون مصلحة الدولة مُستبعدة وتُستخدم سلطتها لتحقيق مزيد من المكاسب للأطراف المتعاقدة.
استخدام سلطة الدولة من قبل الأشخاص لتحقيق مكاسب شخصية أمر لا بد من وضع حد له ومعالجته وفق قواعد تمنع تسلط الإدارات وتُلزم المستثمر بتنفيذ تعهداته، كما تحمي المستثمر من تغير الإدارات.
الأمر يحتاج إلى حسم في كلا الاتجاهين، فهناك أشخاص يستثمرون مؤسسات ويتسلطون عليها بحماية أشخاص وليس بقوة القانون أو العائدات الكبيرة على هذه المؤسسات، البلد يحتاج إلى كل الجهود والمستثمرين كما هو بحاجة للتخلص من كل الانتهازيين وسارقيه الذين سلبوا كل شيء ولم يعطوا شيئاً ويمننون البلد بوجودهم.