تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إسرائيل تجهض التهدئة

شؤون سياسية
الثلاثاء 25/3/2008
توفيق جراد

(التهدئة) المفاجئة التي قيل إنه تم التوصل إليها في قطاع غزة وتم هدمها بعمليات الاغتيال التي نفذت في (بيت لحم) جنوب الضفة الغربية, وبلدة صيدا الواقعة إلى الشمال من طولكرم,

اعتبرت رغم ما حف بها من تساؤلات تناولت أسباب ودوافع الأطراف المعنية بها, وكأنها (اتفاق أمر واقع), بيد أن إسرائيل باغتيالها خمسة من المقاومين الفلسطينيين: أربعة في مدينة بيت لحم ينتمون إلى (حركة الجهاد الإسلامي), والخامس عضو في حركة حماس لقي مصرعه في بلدة صيدا إلى الشمال من طولكرم الأسبوع الماضي, تكون قد وجهت ضربة شديدة لجهود تبذلها القاهرة بهدف التوصل إلى اتفاق تهدئة اشترطت حركة حماس أن يكون شاملاً الضفة الغربية أيضاً,ولا يكون قاصراً على قطاع غزة, والحركة الإسلامية, جريا على القاعدة الفقهية التي تقول (كلما ضاق الأمر اتسع) رأت في التوسيع الذي طالبت به أن يكون مدخلاً لترتيب ما خاص يعيد فتح المعابر على أن تكون إقامة المراقبين الدوليين في رفح أو في العريش.‏

لكن عملية الاغتيال التي نفذتها وحدة من المستعربين في الوحدات الخاصة الإسرائيلية وسقط فيها خمسة من المقاومين, قلبت الأمور رأساً على عقب, ما حمل حركة (الجهاد) على التوعد بعملية في العمق الإسرائيلي.‏

الصحف الإسرائيلية الصادرة يوم الخميس الماضي 13 آذار 2008 أجمعت على أن من شأن عملية الاغتيال هذه أن تفجر (التهدئة) في قطاع غزة الذي شهد إطلاق صواريخ القسام باتجاه المستوطنات, وكان الأكثر إيلاماً في العملية أن القذائف وجهت نحو (عسقلان) المدينة ذات المئة وعشرة آلاف نسمة, ما أثار داخلها حالة من الهلع, أعرب كثيرون معه عن رغبتهم في مغادرة المكان إلى الولايات المتحدة, وفي ذلك تأكيد جديد أن إسرائيل ليست البلد الذي يشعر فيه اليهود بالأمن, بل هي أقل البلدان أمناً بالنسبة لهم, ولو لم تكن لعملية إطلاق الصواريخ إلا هذه النتيجة لكفى, ذلك أن أحداً منا لا يريد القتل لأحد باعتباره محرماً شرعاً إلا في حال التعرض للقتل, وكانت مصادر أمنية إسرائيلية أعلنت أن التفاهمات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس بخصوص التهدئة ستنهار, وهذا في تقدير صحيفة (هآرتس) منسجم مع ما يرمي إليه وزير الأمن الإسرائيلي إيهود باراك الذي واظب على الإعلان عن عدم وجود اتفاق ولا حتى تفاهمات من أجل التهدئة خلافاً لما ذهب إليه ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي, وما أشار إليه رئيس الحكومة إيهود أولمرت بقوله: (إذا أوقفوا إطلاق الصواريخ فسنوقف العمليات العسكرية).‏

وإذا كانت تصريحات باراك تنسجم مع مقولة بن غوريون الشهيرة (لا يوجد شريك نتفاوض معه) و (إن وجد الشريك فلا شيء نتفاوض عليه), وهما مقولتان اشتق منهما بن غوريون (قاعدة عنصرية) قالها وهو يحاور ابنته, التي كانت حتى وقت قريب تعمل في مجال أبحاث الكيمياء في معهد روخوبوت: (ليس مهماً ما يقوله الأعداء عنا, المهم هو ما نفعله نحن اليهود), فإن باراك كان يرنو بعينيه إلى المستوطنين الذين أسمعهم بأنه (مهتم فقط بأمنهم, وما تقوم به القوات الإسرائيلية غايته إعادة الأمن لسكان المستوطنات), كل ذلك في إطار تجميع أوراق انتخابية بين يديه ليوم انتخابي تراه مصادر باراك قريباً, ما هو جدير بالملاحظة هنا هو أن إسرائيل لم تلتزم قط باتفاق للتهدئة, ولا باتفاق للهدنة, متذرعة بأنها ليست طرفاً في هذا الاتفاق, وبالتالي فهو ملزم لمن توصلوا إليه.‏

كان بالإمكان قتل المقاومين الخمسة أثناء عمليات الغزو التي نفذتها القوات الإسرائيلية في الضفة,وقد سبق لها أن أبلغتهم بأنهم سوف يقتلون غيلة (هآرتس 14/3/2008), ولكنها احتفظت بهم في ما يسمى (بنك الأهداف) لعمليات اغتيال لاحقة, فهل كان ضرورياً اغتيالهم وخاصة أن المنطقة التي صرعوا فيها كانت هادئة? تساءلت (هآرتس). ولفت مراسلها المختص بالشؤون الفلسطينية إلى (أننا شاهدنا هذا الفيلم عدة مرات), في إشارة إلى أن الاغتيال تم لهدم التهدئة, أما المعلق العسكري لصحيفة (معاريف) فقد رأى أن إسرائيل استغلت مطالبة رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية بأن تسري التهدئة التي كانت مصر والولايات المتحدة شريكتين فيها, على الضفة الغربية أيضاً, فسارعت إلى الاغتيال بهدف هدم التهدئة في القطاع, وهي تعلم أن الصواريخ البدائية التصنيع لا تطلق من الضفة.‏

المصادر الإسرائيلية قالت: إن وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس, التي رأت أنها خلال زيارتها للمنطقة الأسبوع الفائت قد أسست لحالة من السكينة الأمنية, ليس خوفا على المسار التفاوضي وإنما لغايات أخرى أكبر من ذلك, منها (ضرورة الهدوء على الجبهة الجنوبية بانتظار تطورات قد تحدث في الشمال) كانت ترى, على ما يقوله ديفيد ماكوفسكي (مدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) في أحداث غدت عرضاً من أعراض الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الأكبر في المنطقة, وهي تدرك أن إطلاق الصواريخ والعمل الثأري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين جعلا مهمتها لا تتقدم قيد أنملة منذ مؤتمر أنابوليس الذي عقد أواخر تشرين الثاني الماضي, وهي التي وضعت الثنائية (أوقفوا الصواريخ, تتقدم العملية السلمية), وكانت رايس في محادثاتها مع المسؤولين الإسرائيليين, كثيراً مع استخدمت مصطلح (خطوات ميدانية) في إشارة منها إلى الحواجز والمستوطنات, معربة عن استيائها من خرق إسرائيل لتعهداتها بتسهيل حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية, غير أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني التي أقرت بما يتعرض له الفلسطينيون من ضيق وخاصة في المناطق التي يوجد فيها مستوطنون, قالت (إن المستوطنات لا تشكل عائقاً على طريق السلام), وكان باراك قد فاخر بأنه أنجز ما قد وعد, فإذا به يزيل حاجزاً ترابياً واحداً متذرعاً للإبقاء على الحواجز التي يبلغ عددها 600 حاجز بضرورات أمنية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية