تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الكذب بين الأزواج...ملح الرجال أم سكّر النساء?

مجتمع
الأحد 24/8/2008
محمد عكروش

الأصل بين الزوجين الصدق والأمانة لأنه لا ثقة بلا صدق, ولا أمان ولا سكن للنفس بلا ثقة بالزوج أو الزوجة,

لكن قد يلجأ أحد الزوجين إلى الكذب على الزوج الآخر إما أحياناً -ويكون لذلك دواعيه- وإما غالباً وعندها تكون المشكلة خلقية وفي صميم تكوين شخصية هذا الكذاب.‏

فهل يلجأ أحد الزوجين للكذب لمجرد الشعور بالضعف والتهرب من المسؤولية عن تصرفاته تماماً كما يكذب الطفل الصغير تجنباً للعقوبة واللوم? تحدثنا مع الدكتور محمد كمال الشريف الطبيب النفسي لنسأله:‏

> إذا كذب أحد الزوجين على الآخر واكتشف أحدهما أنه مخدوع ماذا يترتب على علاقتهما الزوجية?‏

> > إذا اكتشف الطرف المخدوع ذلك فإنه يفقد ثقته بالزوج الكاذب, وحتى لو تفهم أسباب كذبه فإنه يفقد إعجابه به لأن الضعف والهروب من المسؤولية شيء لا يثير الإعجاب أبداً, إذ النفوس مفطورة على الإعجاب بالقوة لما تتجلى من خلال تحمل الإنسان لعواقب أفعاله, وهنا يكون الصدق شجاعة وقوة وثقة بالنفس إن هو ترافق مع حسن النية والاعتراف بالخطأ لا المكابرة وإنكار المسؤولية وعندها يكون الصدق مقوياً للعلاقة الزوجية ومرسخاً لها وللأمن النفسي فيها.‏

> ما أنواع الكذب?‏

> > الكذب التخيلي إذ يعبر عند أحد الزوجين عن احساس عميق بالنقص والدونية باختلاق قصص لأحداث يدعي أنها وقعت له ويكون فيها بطلاً وشخصاً مهماً, أي حكاية محبوكة جيداً وممتعة ولا عيب فيها إلا أنها كذب ليشعر من حوله أنه موهوب وهذا النوع من الكذب يجلب المزيد من الإعجاب من الطرف المخدوع حتى يأتي يوم يفطن فيه إلى مقدار الكذب في هذه الحكايات وعندها يضعف الإعجاب ويقل الاحترام وتفقد المصداقية.‏

أما الزوجة أو الزوج صاحب الشخصية المسرحية الذي يجعل من الأحداث اليومية »دراما مثيرة« مليئة بالعواطف والانفعالات فإنه ميال للكذب من خلال المبالغة والتهويل وهؤلاء الأشخاص في البداية يكسبون الإعجاب, إلا أن من يعش معهم ويتبين مقدار المبالغة والتهويل في أحاديثهم يقل احترامه لهم ويفقد إعجابه بهم ولهذا أثره في الحياة الزوجية.‏

> أحياناً تكون الخيانة الزوجية هي الدافع للكذب وإبقاء ما هو سرسراً خشية المشكلات ما رأيك?‏

> > قد لا يكون هناك خيانة إنما زواج أحله الله, لكن ما يتوقعه الزوج من ثورة زوجته الأولى ومن صراع ونزاع معها يجعله يكذب ليخفي سره وهذا مثال يوضح كيف أن الغيرة الزائدة لدى أحد الزوجين يمكن أن تدفع الزوج الآخر إلى الكذب والكذب قد يكون رد فعل على زوج من طبيعته الشك والظن, وإن كان من الحكمة الكذب أحياناً مع مثل هذا الزوج وذلك للحفاظ على الحياة الزوجية لكن أفضل وسيلة للتعامل مع شخص ميال للشك الوضوح وتجنب كل ما يترتب ويثير شكه, فعندما يفقد الإنسان مصداقيته عند أقرب الناس إليه ولا يكون قد ارتكب كذباً أو خداعاً يستحق عليه هذا الجزاء عندها يشعر بفقد السند النفسي.‏

> الاتهام في المصداقية ظلماً ما مضاعفاته?‏

> > يثير أشد مشاعر الغيظ ممن يتهمنا لأنه يجعلنا في موقع المتهم البريء المظلوم الذي قد لا يكون لديه لإثبات براءته إلا إيمان يؤكد به صدقه, لكن من يشك لا يزيده الإيمان إلا شكاً واتهاماً لذلك يثور من يكتشف أنه مخدوع وأول ما يثور لكرامته وقدره بغض النظر عن موضوع الكذبة بحد ذاته.‏

> يكون الكذب أحياناً رحمة وتلطفاً بالمكذوب عليه لأن من الحقائق ما هو مر ومن الصراحة والصدق ما يقطع أواصر المحبة والمودة ما رأيك?‏

> > نعم أباح الإسلام الكذب بين الزوجين إن كان الصدق ضاراً ومؤذياً للمودة بينهما وأباحه أيضاً عند محاولة الإصلاح بين المتخاصمين وذلك لتأليف قلبيهما وإعادة المودة والرحمة للعلاقة بينهما لكن هذا لا يعني أن تقوم حياتنا الزوجية على الكذب إنما يعني أن لا نجرح بعضنا بعضاً بصدق وصراحة ضارين.‏

> هل لنا في هذه الحياة من شيء من الانخداع حتى نستطيع العيش بهناء?‏

> > إذا لم نخدع أنفسنا ونتناسى حقيقة أننا معرضون للموت في أي لحظة ما كنا نقدر على الابتسام والتفاؤل والتخطيط للمستقبل والعمل له, ولحماية الحياة الزوجية من الحقائق المرة التي قد لا تستسيغها الأنفس لا بد من الكذب في بعض الأمور, وهو كذب حميد مفيد, ولعل الكذب فيما يخص ماضي الزوج وماضي الزوجة من أهم أنواع هذا الكذب المطلوب.‏

>> كيف هو التواصل الناجح بين الزوجين برأيك?‏

> التواصل الناجح الذي لا بد منه للسعادة الزوجية ليس كما كان يظن, أي أن يعبر كل منهما عن كل ما في نفسه نحو الآخر, بل هو التواصل الحكيم المحسوب الذي يتم فيه معالجة المشاعر السلبية دون التعبير عنها, إنما التعبير يكون عن مشاعرنا نحن وتأثرنا بتصرف الطرف الآخر, كأن يكون تصرفه جعلنا نحس أننا مهانون أو غير محبوبين نعبر له عن آلامنا النفسية الناتجة عن الإساءة ولا نعبر عن مشاعر الكراهية والرغبة في الانتقام المصاحبة لهذه الآلام, وهذا ما وصل إليه علماء التواصل وينصحون باللجوء للكذب أحياناً إن وجدنا المودة والرحمة ما بيننا مهددة بالحقائق المرة المؤلمة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية