حيث يقول المحللون والدبلوماسيون إن الصراع على منطقة أوسيتيا الجنوبية التي تسعى للانفصال عن جورجيا جدد الخلافات بين الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا عبر الأطلسي, وأيضاً الخلافات بين الدول الأوروبية بشأن جورجيا قوض الثقة برئيسها غير العملي الذي تدعمه الإدارة الأميركية.
لقد جاء قرار الرئيس الجورجي ساكاشفيلي إرسال قوات عسكرية إلى اوسيتيا الجنوبية الساعية إلى الانفصال عن جورجيا في وقت خاطئ ,حيث أثار هذا القرار تدخلاً عسكرياً روسياً في منطقتي ابخازيا واوسيتيا الجنوبية , وكانت الاشتباكات والعمليات العسكرية الحاسمة لروسيا.
الأمر الذي زاد من مخاوف الكثيرين , حيث قال »فرانكو فرايتني« وزير خارجية ايطاليا في مقابلة مع إحدى الصحف : »إن هذه الحرب أبعدت جورجيا أكثر ليس عن أوروبا فحسب , بل أيضاً تعقد مسألة مجلس الحلف الذي يعقد في كانون« , وأضاف قائلاً : »إن إيطاليا تؤكد أننا لا نستطيع تشكيل تحالف مناهض لروسيا في أوروبا وفي هذه النقطة موقفنا مقارب لموقف رئيس الوزراء الروسي « فلاديمر بوتين.
إن تحقيق روسيا لمعدلات النمو الاقتصادي المثيرة للإعجاب والتي استطاعت استقطاب رؤوس أموال أجنبية على الرغم من مقاطعة روسية على صعيدي الاقتصاد والنقل كما أوقفت موسكو امدادات الغاز لها مع اتجاه اقبال المستثمرين على أوروبا»أوروبا الصاعدة شرقاً» ويرجع هذا إلى احتمال انضمام البلاد إلى كيانات أمنية أطلسية ولو بشكل جزئي.
لقد باتت توسعة الحلف الأطلسي شرقاً أقل احتمالاً من أي وقت مضى.
لأن الولايات المتحدة وبحسب المحللين لا تحتاج
إلى جبهات أخرى خاسرة, وهذا ما تنجح روسيا استثماره على الأرض.
ولقد كان للموقف الألماني والفرنسي اللذين تربطهما علاقات وثيقة مع موسكو الأثر البالغ والحذر الشديد في التصريحات العلنية حيث طالبت المانيا وفرنسا بوقف فوري لإطلاق النار واحترام وحدة الأراضي الجورجية إلا أنهما تجنبا إلقاء اللوم في بدء القتال على أي من الجانبين.
الأمر الذي يفسر الخلاف الواضح بين وجهتي النظر الأميركية وبعض الدول في الاتحاد الأوروبي حول المعارك التي جرت في أوسيتيا الجنوبية وهذا ما يؤكده إصرار المستشارة الألمانية »انجيلا ميركل« على أنها عازمة على تنفيذ خطتها بزيارة سوتشي المطلة على البحر الأسود في روسيا القريبة من منطقة ابخازيا لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي»ميدفيديف« . ولما كانت فرنسا تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي فقد قام الرئيس الفرنسي ساركوزي بزيارة هدفها التوسط لدى الطرفين لوقف إطلاق النار .
هذا في الوقت الذي أظهرت فيه بريطانيا وكما هو معروف تحالفها التام مع الولايات المتحدة الأميركية وذلك من خلال التصريحات العلنية التي نددت فيها بالعمليات العسكرية الروسية إضافة إلى تحريض دول البلطيق الشيوعية السابقة وبولندا. متهمة موسكو بالعدوان والامبريالية.
وتعالت بعض الأصوات في وارسو عبر مؤسسة »ديمو سيوروب« , حيث قال رئيس هذه المؤسسة بأن الرئيس الجورجي (ساكاشفيلي) يلعب لعبة إعلامية بوعي من العالم الغربي, ولكن الثمن غالٍ ولو أنه مقتنع أحياناً.
وفي حال لم تذهب روسيا إلى مدى بعيد للغاية في مقدمتها بما لا يتجاوز أو يهدد خط أنابيب رئيسي ينقل النفط عبر جورجيا إلى تركيا أو لم تسع موسكو إلى محاولة اسقاط النظام في جورجيا فلا وجود لأي احتمال بصدور رد فعل غربي موحد وقوي تجاهها.
هذا ما يراه أغلب المحللين.