تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فضائيات نصف الحقيقة..!

فضائيات
الأحد 24/8/2008
دلال ابراهيم

لا أحد يستطيع أن ينكر أن التلفزيون بقنواته الفضائية الواسعة قد اختزل العالم ووضعه بين أيدينا وأمام ناظرنا, رسم صورة مصغرة واضحة بأدق التفاصيل عن هذا العالم, وبتنا نعرف مثلاً ما يجري في كولومبيا, أكثر ما نعرف ما يجري في حينا.

ولكن وبقليل من التمعن والتفكير سنكتشف أن ليس أمامنا سوى نصف الحقيقة, أما النصف الآخر فهو إما مغيب ومحجوب, وإما مشوه ومضلل. ونظن أن التحكم والتوجيه لدينا لأننا نملك جهاز الريموت كونترول أي حق الاختيار, دون رقيب أو حسيب علينا, ولكن واقع الحال يقول إننا رهن سلطة خفية تتحكم في صياغة وعينا وتفكيرنا, وتوجيه سلوكنا, ورسم الصورة حسبما تريد أن نراها.‏

سلطة لابد أنها سلطة الأقوياء, هنا لابد أن يتبادر إلى ذهننا سؤال جوهري, من الذي يشكل تلك التي يطلقون عليها اسم السلطة الرابعة, أي المتمثلة في الاعلام وبخاصة قنواته الفضائية المتباينة, هل هي الحكومات, أم أصحاب رؤوس الأموال? من يدير من? هل القنوات الإعلامية ببرامجها هي التي توجه فكر الأفراد داخل المجتمعات, أم أصحاب رؤوس الأموال, هم الذين يخضعون هذه القنوات لتوجهاتهم? أم أن الأنظمة هي القائد الفعلي, الذي يدير دفة الأمور لمصلحته من خلف الكواليس?‏

لاشك, وهذا بات يعرفه القاصي و الداني أن القنوات الفضائية, وعلى الرغم من استقلاليتها المادية, أو استقلالها, أي غير خضوعها لحكومات بلدان, لديها خطوط حمراء لا تستطيع تخطيها وإلا تعرضت لضغوط قاسية وحرب خفية إلى أن ترجع عن غيها.‏

أي إن سقف حرية التعبير في مجتمعاتنا العربية يقف عند نقطة معينة من الصعب اختراقها, هذا إن كانت تلك القناة ملتزمة تتوخى الدقة الموضوعية في برامجها وأخبارها,أما برامجها بمختلف أطيافها فهي تبتعد عما يطلقون عليه اسم الاعلام الفضائحي, الذي يسلط الضوء بشفافية ووضوح على السلبيات الكثيرة التي تنضح بها مجتمعاتنا العربية, إنها لا تريد اللعب بالنار, يحكون عن جريمة شرف في الهند وضحايا جرائم الشرف في بلداننا العربية أكثر مما تحصى, ولا أحد يتطرق إلى واحدة منها.‏

وبما أن هذا التوجه اصطدم بجيل ترعرع على الانترنت ومختلف أجهزة الاتصال وتكوين المعلومات, صارت قضية الإمعان في تجهيله وتغييبه والاستخفاف في وعيه أمراً معقداً وشاقاً.‏

وثمة قنوات فضائية كثيرة تسعى للكسب السريع, من خلال التركيز على برامج غثة وسطحية لجذب أكبر قدر من الجمهور العربي الذي جله يعد شباباً, من خلال تركيزها على برامج متخصصة وبارعة في تسخيف المشاهد والحط من قدرة ومستوى تفكيره, إمعاناً في تلويث عقول وأذهان الشباب, وكل قناة تحاول الضرب على وتر حساس لدى فئة معينة فمنها الفنية أو الدينية أو الفضائحية التي تهتك حياة المشاركين في أحد برامجها مثلاً, مثل برامج تلفزيون الواقع, وهي ليست سوى شكل من أشكال هدر الروح والوقت والخيال, والتلصص على حياة الناس, حتى صار الكثير من الناس يترحمون على التلفزيونات الرسمية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية