وذكر التقرير الذي استغرق اعداده عامين وأعده كل من منى يعقوبيان وسكوت لاسنسكي الباحثين في المعهد الاميركي للسلام, ان سياسة العقوبات لم تمنع سورية مما تعتبره واشنطن مضراً لمصالحها.
ويرى التقرير ان نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الاوسط تأثر بشكل كبير خلال الثلاثة أعوام الماضية, ويدلل التقريرعلى ذلك بثلاث مناسبات سياسية شهدتها المنطقة في الأشهر القليلة الماضية,أولها الوساطة التركية في محادثات السلام غير المباشرة بين سورية واسرائيل,مروراً باتفاق الدوحة الذي قامت برعايته دولة قطر والخاص بحل الأزمة اللبنانية,وانتهاء بالوساطة المصرية بين حماس واسرائيل لاقرار الهدنة وفك الحصار عن غزة.
ويرى التقرير أن القاسم المشترك في الأحداث الثلاثة هو عدم وجود الولايا ت المتحدة كوسيط أو حتى مراقب,وهذا يدل على التراجع غير المسبوق في دور الولايات المتحدة في العديد من الملفات المهمة لمصالحها.
التقرير يرى أن التحول الدراماتيكي في العلاقات بين دمشق وواشنطن يحتاج إلى إعادة النظر من الأخيرة.ويقسم العلاقة بين سورية والولايات المتحدة إلى مرحلتين:
الأولى تبدأ بانتهاء الحرب الباردة,والتي شهدت تعاوناً محدوداً بين البلدين.وفي هذه المرحلة اتبعت إدارتا الرئيس جورج بوش الأب وبيل كلينتون استراتيجية براغماتية في العلاقات مع سورية قامت على أساس البحث عن الأرضيات المشتركة التي يمكن أن تتقابل فيها المصالح السورية الأميركية.
أما مظهر التعاون الثاني فكان هو مشاركة سورية في مؤتمر مدريد للسلام عام ,1991والتي كانت بمثابة مبادرة لنقل عملية السلام في الشرق الأوسط لمرحلة جديدة,حيث شهدت هذه الفترة مجموعة من اللقاءات بين الرئيسين كلينتون والرئيس حافظ الأسد كان من شأنها أن تؤدي إلى اتفاقية سلام بين سورية وإسرائىل.وعلى الرغم من الاختلاف الكبير بين سياسات ومصالح واشنطن ودمشق إلا أن القنوات الدبلوماسية للحوار كانت دائماً مفتوحة.
ويستخلص التقرير أربعة دروس يمكن أن تستفيد منها الإدارة القادمة من المواجهة غير المجدية بين البيت الأبيض وسورية خلال السبعة أعوام الماضية أولها أن التجربة أثبتت أن العزلة الدولية لسورية حصدت نتائج محدودة للغاية.ويستكمل التقرير مؤكداً أن الاتجاه المسيطر في إدارة بوش يرى أن فتح قنوات دبلوماسية مع سورية من شأنه إعطاء هبة لها ويضر بالمصالح الأميركية,إلا أن المشكلة في هذه الرؤية هي الازدواجية-على حد وصف التقرير- وذلك لسببين:
الأول: هو أن استراتيجية العزل لا تتوافق مع ديناميكية ملف العلاقات الأميركية السورية,التي تعتمد بشكل كبير على المتغيرات التي يشهدها مسرح الأحداث الساخن في الشرق الأوسط.
الثاني:يقول كاتبا التقرير إن الدليل الثاني على فشل السياسة الأميركية هو أن الأخيرة أصبحت أقرب لإيران من ذي قبل.
وينقل التقرير عن وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول قوله »إنه ليس من المنطقي أن تذهب للتفاوض مع سورية حول مجموعة من المطالب وتكون الشروط الأميركية لبدء المحادثات هي نفسها المطالب التي تتفاوض من أجلها.ويقول التقرير إنه خلال الحرب الباردة بين روسيا والولايات المتحدة كانت هناك علاقات دبلوماسية طبيعية بين البلدين.وإن تلك العلاقات استفادت منها واشنطن بشكل كبير حتى بعد الحرب الباردة والدليل هو حرب الخليج الأولى.
أما الدرس الثاني الذي يخلص إليه التقرير فهو أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة كان لها تأثير محدود على الاقتصاد السوري.إلا أنه لا يمكن إنكار أن تلك العقوبات قامت بإحداث حالة من القلق من قبل الشركات الدولية حول مستقبل الاستثمار في سورية,ما ألقى بظلاله على معدلات النمو وأداء الاقتصاد السوري في ثلاثة الأعوام الماضية.إلا أن هذه العقوبات لم تحتل أولوية في السياسة السورية أي إنها لم تشكل ضغطاً يذكر عليه.