بوكر عربية
ملحق ثقافي 25/3/2008م ممدوح عزام لا تفسر القيمة المالية المخصصة لجائزة البوكر للرواية العربية بأي حال الاقتتال النقدي العربي حول هذه الجائزة منذ الإعلان عن إطلاقها,إلى يوم إعلان الرواية الفائزة.
فإذا ما قورنت بجائزة عربية أخرى هي جائزة "سلطان العويس" مثلا فمن المؤكد أن ترجح كفة الثانية. إذ لم يعترض أحد على لجان التحكيم فيها, ولم يندد أحد آخر بالفائزين, أو المرشحين للفوز, ولم يشجب أحد ثالث إهدار المال العربي( كما فعل الناقد صبري حافظ في نقده للبوكر) على الأمانة العامة, ولجنة التحكيم, وقد ظلت جائزة العويس محترمة جدا إلى درجة التجاهل واللامبالاة تجاهها,و تجاه الفائزين بها من المبدعين العرب. وبالعكس من ذلك تماما أحدث إطلاق البوكر ضجة وصخبا وبلبلة لم تهدأ طوال الوقت, سواء في الصحافة المكتوبة, أو في نقاشات المثقفين, وحواراتهم. وهو أمر جدير بالتأمل, بل بالتساؤل, والاستفسار عن الأسباب التي دعت الثقافة العربية مجتمعة إلى تجاهل العويس, والاحتفاء بالبوكر. لا نستطيع أن نغفل شهرة هذه الجائزة عالميا, ومكانتها بين الجوائز القليلة الممنوحة للرواية في العالم,إذ سوف يحدث الصخب ذاته لو كانت الشراكة العربية مع جائزة الغونكور الفرنسية, أو البوليتزر الأمريكية. أظن أن الأسباب الأخرى تندرج تحت هذا العنوان العريض, وقد نضيف إليه عنوانا آخر لا يقل عنه ثقلا هو "عقدة الخواجة" التي كدنا ننساها. وهي في هذه المرة تكاد تكون مسوغة تماما, فقد اعتادت الثقافة العربية, والقارئ العربي, على استقبال الرواية العالمية عامة و الرواية القادمة من الغرب خاصة, كعلامة على الجودة, والمواصفات القياسية. ويعرف الناشرون, وباعة الكتب, أن الرواية المترجمة تبيع نسخا أكثر بعشر مرات( وهذا رقم اعتباطي) من الرواية العربية, بصرف النظر عن المؤلف في كلتا الحالتين. ولهذا لا غرابة أن يرزح الروائي العربي المخذول من قارئه العربي اليوم تحت وطأة الشهوة إلى العالمية, وأن يتلطى وراء الإعلان عن جدارته عالميا,لعله يعود إلى هذا القارئ من جديد ممتطيا صهوة الحصان الإعلامي الغربي. وأتخيل الآن أن تعود رواية "واحة الغروب" الفائزة بالجائزة هذه السنة أو غيرها من الروايات المرشحة, إلينا مترجمة. سنكون أمام حالة شبيهة بما حدث لروايات أمين معلوف, فقد استمدت تلك الأعمال جانبا هاما من حضورها, وشهرتها من المصدر الذي جاءت منه, إضافة إلى ما امتازت به من جمال الحكاية, وعمق الأفكار التي دارت الأحداث حولها. ثمة أمر يعمل لصالح هذه الجائزة هو أنها استطاعت أن تجدد الاهتمام بالرواية في العالم العربي, وبالرواية في الأقطار العربية كل على حدة, كما أثارت لدى الناقد العربي, والقارئ أيضا, الرغبة في الحديث عن الضرورات الفنية, وإجراء المقارنات بين الروايات المرشحة, وأوقدت بعد هذا كله قدرا من السخونة في جسد الثقافة العربية الخامل. ويحتمل أن تكون حافزا في المستقبل لزيادة تحسين الأداء في الكتابة الروائية العربية, والجرأة على اقتحام الموضوعات, والأشكال الفنية.
|