إذ يبلغ الوارد المائي السنوي حوالي 16 مليار متر مكعب في حين أن حجم الاستهلاك وهو متزايد يصل إلى حوالي 19 مليار متر مكعب وبالتالي هناك عجز يقدر ب 3 مليارات متر مكعب. هذا العجز يتفاقم في سنوات الجفاف . هذا ما أكده المهندس نادر البني وزير الري في حديث خاص بالثورة تحدث فيه عن ضرورة الحفاظ على المصادر المائية و عن واقع المشاريع المائية و الخطوات المستقبلية التي تهدف للحفاظ على هذه الثروة .
في قراءة مبسطة لإحصائيات الري قال السيد الوزير : في سورية سبعة أحواض مائية أهمها حوض الفرات يليه حوض دجلة والخابور وهذين الحوضين هما حجر الأساس في ارواء المحاصيل الاستراتيجية الرئيسية القمح والقطن أما في الأحواض الأخرى مثل بردى و الأعوج فتظهر العجوزات المائية بشكل أوضح وخصوصا في سنوات الجفاف
وحسب تقديرات وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي يستهلك القطاع الزراعي المروي حوالي88- 92% من استخدام المياه الكلي في القطر وخصوصا في المناطق ذات الزراعة التكثيفية . وعلى النقيض يوجد لدينا نقاط قوة في أحواض الفرات و الساحل .
لدينا في سورية 167 سدا و يصل حجم الطاقة التخزينية الإجمالية فيها إلى حوالي 19 مليار م3 أي في سنوات الخير لدينا قدرة مائية مساوية لاحتياج القطر ولكن هذه السدود موزعة على الأحواض السبعة و ضمن المحافظات الاربع عشرة وبحسب موقعها الجغرافي فإنها لا تحقق الاكتفاء المائي في المناطق الجافة .
في عام 2005 وصلت درجة امتلاء السدود الى حوالي 70-75 % و نحن لا نزال في موسم الأمطار . حتى الآن هذه المعطيات إيجابية على الرغم من أن معدل الأمطار في بعض المحافظات أقل من معدل السنوات الماضية .
ما هي خطط الوزارة لإعادة تأهيل السدود?
وضعت الوزارة حاليا خطة تتضمن الأمور التالية :
1- تقييم الوضع الراهن لجميع السدود (الفحص المباشر ) من خلال الفنيين الموجودين في وزارة الري و من خلال عقود تبرم مع الوحدات الهندسية و الجهات الأجنبية ذات الخبرة لتقييم هذه السدود .
2- بعد التقييم تجري إعادة التأهيل للسدود و ذلك بإبرام عقود مع الشركات المنفذة . و من جانب آخر , وضعنا خطة لنظام استثمار السدود و مراقبتها و تأهيل الكادر الذي يعمل عليها .
3- تدقيق كل مشاريع السدود قبل البدء بتنفيذها و هذه الخطوات مستمرة و تحتاج الى زمن.
وقد بدأنا بتنفيذ هذه الخطة و من ضمنها شكلنا فريق عمل وطني مهمته الدراسة المستمرة و الدائمة لواقع السدود في سورية .
ما هي الاحتياجات المائية لعام 2005?
بما أن المستثمر الأكبر هو وزارة الزراعة فقد وضعنا خطة للتنسيق فيما بيننا لإرواء مساحة مقدارها مليون و أربعمئة و أربعون ألف هكتار : 810 آلاف هكتار منها من مياه الآبار و 197 آلاف هكتار من الينابيع و الأنهار و 431 ألف هكتار من مشاريع الري الحكومية .
و توقعاتنا بخصوص الاحتياجات المائية للعام الحالي بأنها ستكون مساوية للاحتياجات المائية لعام 2004 . و أود أن أتحدث قليلا عن نسبة تنفيذ المشاريع التي تقوم بها وزارة الري لعام 2004 و التي وصلت الى 96 % أي مبلغ مقداره حوالي 16.3 مليار ليرة سورية . و طبعا فإن اهم المشاريع المستمرة موجود في سهول حلب يليها المشاريع الموجودة في دير الزور (الفرات الأدنى) و الاستمرار بتنفيذ ما تبقى من أعمال في مشروع البليخ في محافظة الرقة إضافة الى بناء سد في محافظة اللاذقية على النهر الكبير الشمالي و استكمال مجموعة من المشاريع في الغاب في محافظة حماة و الحسكة و درعا و حمص ..
ولا بد لي الا وأن أذكر انه خلال عام 2004 وبفضل زيارة السيد الرئيس بشار الأسد الى موقع سد زيتا في محافظة حمص , تم إعادة العمل فيه لاستكماله لتخزين حوالي 80 مليون م3 لأغراض الشرب و الأعمال تسير بشكل جيد جدا هذا المشروع كان متوقفا لأكثر من ثلاث سنوات . وقد باشرنا بعملية التخزين التجريبي . إضافة الى ذلك , يجري تدشين مجموعة مشاريع ووضع حجر الأساس فيها و أهمها قناة الجر 4 م3 الى نهر قويق بحلب و المدينة الصناعية بالشيخ نجار . و أيضا وضع حجر الأساس للبدء بإنشاء النفق و مدخل و مخرج قناة الري باستطاعة 50 م3/ثا لإرواء سهول حلب. كما تم تدشين تشرين الكهربائي على نهر الفرات و سد 17 نيسان في محافظة حلب الذي يروي حوالي 21 ألف هكتار (في سهول حلب /عفرين) و تدشين محطات الضخ في محافظة الحسكة من سد الشهيد باسل . ووضع حجر الأساس في محافظة دير الزور لاستصلاح حوالي 11 ألف هكتار في القطاع السادس . ما ذكرنا هو بعض من المشاريع يضاف اليها الاستمرار في المشاريع المباشر بها .
ما هي خطط وزارة الري لإدارة الموارد المائية في سورية?
من خلال عرضي السابق , يتبين لنا أن الطلب على المياه يزداد يوما بعد يوم و مواردنا المائية في سورية محدودة الكمية أي لها سقف و علينا ان نضع خطة تتوافق مع الطلب على هذه الموارد .
و الإجراءات المتخذة هي :
1- معرفة مواردنا المائية بدقة و من أجل ذلك لا بد من إقامة شبكة رصد مائي و معلومات مائية على مستوى سورية وقد بدأنا بهذا و خلال الأيام القادمة سندشن المشروع في كل من محافظة دمشق و ريف دمشق و اللاذقية و طرطوس بالتعاون مع مؤسسة جايكا حيث تم إقامة حوالي 90 محطة رصد لتغطية المحافظات المذكورة . في ضوء ذلك , يمكن أنن نقول ان احتياجاتنا تغطي وارداتنا أو نحتاج لكميات كبيرة فمثلا حوض بردى و الأعوج فيها الاحتياجات أكبر من الواردات فهناك أكثر من سيناريو لذلك :
أ) نقل المياه الفائضة من حوض الفرات إلى دمشق أو من الساحل .
ب) تنمية المنطقة الوسطى لتخفيف الضغط على دمشق و ريفها .
إضافة الى كل من هذين السيناريوهين , هناك ترشيد الاستهلاك و استخدام أساليب الري المتطور الحديث .
و فيما يخص المياه الجوفية حيث نحتاج منها سنويا لتغطية الخطة الزراعية بين 7-9 مليار م3 . إن وارداتنا السنوية بالمتوسط حوالي 2-4 مليار م3 يؤخذ من المخزون الاستراتيجي للمياه الجوفية مما يؤدي الى انخفاض مناسيب المياه و جفاف بعض الآبار .
عندما نقوم بالتحويل الى الري الحديث , ماذا نستفيد? يتم تقنين المياه بحدود 40-50 % مما يسبب التوازن المطلوب .
و تهدف الخطة لمعرفة المساحات , مستلزمات التحول الى الري الحديث , العقبات أمام الفلاحين لتذليلها و تيسير القروض و بالتالي تنفيذ الخطة . لدينا حاليا 800 ألف هكتار تروى من الآبار
و عند حسابها وجدنا انها تحتاج الى 44 مليار ليرة سورية لتأمين مستلزمات الري الحديث للفلاحين. نعطيها للفلاحين مثلا على عشر سنوات أي 4.4 مليار سنويا و لكي يقتنع الفلاح سيعطى قرضا ميسرا بفوائد قليلة طويلة الأمد . و إضافة الى هذه الخطة , لدينا مشاريع ري حكومية بحاجة لإعادة تأهيل لكي تصبح كفاءتها جيدة مساحتها 160 ألف هكتار وتكلفتها 20 مليار ليرة سورية تقسم على أربع أو عشر سنوات .
ان خطة الوزارة الاستراتيجية إضافة لما ذكر قائمة على التوازي ضمن الخطة الاستشرافية لعام 2015 سنستمر ببناء سدود لتجميع المياه و سنستمر في تأهيل الكادر الوطني و سنستمر في ترشيد استهلاك المياه . خطتنا طموحة و نسعى في الخطة الاستشرافية العاشرة ( 2006) و الحادية عشر (2015) أن ندخل مجموعة من السدود و نستصلح حوالي 200 ألف هكتار إضافة الى محاولة استصلاح 150 ألف هكتار في محافظة الحسكة من مياه دجلة و أشدد على كلمة محاولة .
و في محافظة الرقة فإن أهم المشاريع هو مشروع استصلاح 20 ألف هكتار من محطة كديران لزمنا بعض المشاريع في محافظة الرقة 4000 هكتار و في القسم الخامس بليخ و 3500 هكتار مرحلة أولى أيضا من البليخ و 1680 هكتاراً الجزء الثاني من القسم الثالث غرب البليخ و 724 هكتاراً القسم الاول بليخ و 3762 هكتاراً المرحلة الثانية بليخ إضافة الى إعادة تأهيل المشروع الرائد في محافظة الرقة و أيضا إنشاء محطة ضخ البليخ .
هل يوجد تخطيط لمعالجة التلوث المائي في بحيرة قطينة ?
إن وزارة الري قيمة على المياه كما و نوعا . هذا ما جاء في قانون إحداثها .من ناحية الكم نحاول أن تتم السيطرة على الوضع و من ناحية النوع فالأمر خارج عن إرادتنا سوى أنني أقوم بمراقبات دورية لمياهنا العامة و أعلم الوزارات ذات العلاقة من أجل اتخاذ الاجراءات الكفيلة بتخفيض التلوث. هناك قانون التشريع المائي حاليا الذي يدرس في مجلس الشعب و ربما يصدر خلال الدورة التشريعية الحالي لمجلس الشعب . هذا التشريع يجيز لنا اتخاذ بعض الاجراءات
و العقوبات و الروادع الى كل من يسيء الى المياه العامة . إضافة الى القانون 50 لحماية البيئة
و ربما يكون تطبيق هذين القانونين خطوة لمنع تلوث المياه العامة .
ما دور وزارة الري في تطوير الري الحديث?
أدخل على خطة الوزارة مسألة تطوير الري الحديث في المشاريع الحكومية التابعة لوزارة الري (160 ألف هكتار كلفتها 20 مليار ليرة) ووضعنا خطة التنفيذ في الخطة الخمسية العاشرة.
خارج هذا الاطار يصبح الأمر على كاهل وزارة الزراعة وبالتعاون مع وزارة الري . وأنوه أن التنسيق جيد بين الوزارتين و أنا مرتاح تماما حيال ذلك و خاصة مع زميلي الدكتور عادل سفر وزير الزراعة . و أود أن أقول في هذه المسألة أن بعض الصحفيين أحيانا ربما نتيجة حماس و غيرة على الوطن يكتبون دون تمييز بين دوري الوزارتين . و أنا من أنصار أن توضح الأمور من خلال تكثيف لقاءاتهم مع الوزراء أو مع المدرين العامين في الأحواض و لا يوجد أي حواجز و لكن من المفيد لفت الانتباه متى أضع الحاجز أمام الصحفيين (عندما لا يدخلون من الأبواب العريضة) لتقليل التشكيك ووضع الصحف في الصورة الحقيقية . دقة المعلومة و مصداقيتها هامة جدا . لذلك أحيانا بعض الأخوة الصحفيين يعتبروني متشددا و أضع حواجز , أقول عبر هذا الحديث لم و لن أضع أي حاجز بيني و بين الأخوة الصحفيين و بابي مفتوح فليدخلوا الأبواب العريضة و هذا ما أكد عليه السيد الرئيس في لقائنا معه بأن نستقبل الصحفيين ونسهل عملهم.
ختاماً
ان المصادر المائية المحدودة في سورية تحتاج الى تعاون من كل من وزارتي الري و الزراعة مع الاعلام لإقناع المزارعين باللجوء الى اساليب الري الحديث إضافة الى خطوات تتخذ من الجهات المعنية بالتعاون مع جهات دولية مثل هولندا و إيطاليا و اليابان لتشجيع المزارعين لسلوك هذا الاتجاه . كما ان اعادة توزيع المصادر المائية في سورية من الضرورات التي يجدر الاسراع في معالجتها انطلاقا من النظرية القائلة بأن المياه هي الحياة و أينما وجدت المياه وجدت التنمية .