تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


خصخصة المياه...الشركات تربح .. والبشر يعطشون .. ?

بيئة
الأربعاء23/2/2005 م
إعداد :ياسر حمزة

كان تضمين المياه كأحد انواع الخدمات التي ستضاف الى لائحة اتفاقية الغات لتحرير التجارة في الخدمات في مؤتمر الدوحة الوزاري لمنظمة التجارة العالمية عام 2001 احد اهم النتائج السلبية والمثيرة للقلق في المؤتمر , اذ اصبحت الموارد المائية بموجب هذا البند خدمة وسلعة خاضعة لمنطق السوق ومنطق العولمة .

ويعني ذلك فتح خدمات المياه تماما للقطاع الخاص بما يتضمن من تشغيل وادارة المرافق العامة لمياه الشرب ومحطات تنقية المياه وتسعيره وخصخصة شركات المياه وجعل السوق ومنطق الاسعار هو الذي يقرر طريقة توزيع المياه , وهذه تعتبر سوقا رائجة حتى قبل تضمين المياه في اتفاقية الغات اذ تبلغ قيمة التجارة والاستثمار في قطاع المياه في العالم حاليا 300 بليون دولار.‏

ومع ان الخدمات المائية قد تمت خصخصتها في كثير من الدول خصوصا الصناعية الا ان اسواق الدول النامية تبقى هي الهدف الرئيسي للشركات المائية الكبرى نظرا لسعة هذه الاسواق والعدد الكبير للمستهلكين واهمية المياه كمصدر رئيسي للامن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في هذه الدول .‏

يقدم المجلس العالمي للمياه والبنك الدولي دعما لفكرة خصخصة المياه بحجة الادارة الافضل والاكفأ في حماية مواردها الشحيحة , لكن الحقيقة ان شركات الادارة المائية في العالم تعتبر من أسوأ الشركات في معيار السجل البيئي والاجتماعي ففي بريطانيا وضعت وكالة حماية البيئة وظهرت سبع شركات للمياه في هذه القائمة فعلى سبيل المثال اشترط صندوق النقد الدولي على بوليفيا في اواسط التسعينات خصخصة شبكتها المائية للحصول على قرض جديد , وبالفعل تم ذلك وكانت النتيجة مئات التظاهرات والمسيرات , اذا اصبح الفقراء عاجزين عن دفع تكلفة المياه بعدما ازدادت قيمة الفاتورة بمقدار عشرين دولارا في الشهر اي نحو خمس معدل الدخل الفردي في بوليفيا .‏

اما في الفلبين فقد ارتفعت قيمة فاتورة المياه في مانيلا بنسبة خمسين في المائة على رغم فشل الشركة في تحقيق الهدف الاساسي للخصخصة وهو ايصال المياه الى السكان طوال 24 ساعة يوميا .‏

ويصل اجمالي عائدات الشركات العالمية التي تدير او تملك موارد المياه حول العالم الى ما يقارب 200 بليون دولار في السنة وتقدم هذه الشركات خدماتها الى سبعة في المئة فقط من سكان العالم.‏

تشير منظمة اصدقاء الارض الى ان البند الاستثنائي حول حماية البيئة في اتفاقية الغات والذي يسمح للدول بغرض اجراءات تقيد من حرية التجارة لحماية البيئة تضمن فقط الانسان والكائنات الحية , ولا تعتبر ان الانظمة البيئية والمكونات غير الحية مثل الانهار والمياه الجوفية والبحيرات والاراضي الرطبة التي تشكل المصدر الرئيسي للموارد المائية هي عناصر بيئية يجب حمايتها تحت هذا البند وبالتالي فإن تشريعات الغات تسمح للشركات باستنزاف الموارد المائية وتدميرها من دون ان تعطي الدولة الحق في تقييد هذه التأثيرات لانها غير مدرجة ضمن عناصر البيئة التي تسمح الغات بحمايتها في شروط معينة وفي تشرين الثاني 2003 اتخذت لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للامم المتحدة قرارا يقضي بأن حق الحصول على المياه النظيفة هو احد حقوق الانسان الرئيسية المنصوص عليها في الامم المتحدة .‏

وقد تم تثبيت هذا الحق بعدما اكدت التجربة ان قدرة الكثير من الناس في الدول النامية على الحصول على المياه النظيفة باتت مهددة ليس فقط بسب الاستنزاف والتلوث الذي تتعرض له الموارد المائية بل ايضا بسبب سياسات العولمة والتجارة الحرة التي جعلت المياه احد العناصر والسلع التي يمكن خصخصتها ضمن اطار تحرير التجارة وضمن قوانين وتشريعات واتفاقيات منظمة التجارة العالمية ومشاريع البنك الدولي .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية