تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الاستيطان.. العقبة الأولى أمام الدولة الفلسطينية

شؤون سياسية
الخميس 12-3-2009م
حسن حسن

هدم المنازل الفلسطينية سياسة متبعة من الكيان الصهيوني في الأراضي العربية المحتلة، لكن حجم التدمير خلال السنوات الأخيرة بلغ حداً

لا سابق له، ويرتبط تدمير المنازل الفلسطينية ارتباطاً وثيقاً بسياسة إسرائيل التي تتبعها منذ أمد بعيد والقائمة على مصادرة أكبر قدر من الأراضي التي تحتلها ومن أبرز أشكال ذلك إنشاء المستعمرات الصهيونية خلافاً للقانون الدولي.‏

ثمة حقيقتان كبيرتان راهنتان عن الحركة الاستعمارية الاستيطانية الصهيونية أولاهما تزايد النمو السرطاني لتلك المستعمرات في مناطق احتلال 1967 المفترض أنها مناطق حدود الدولة الفلسطينية حسب قرارات الحد الأدنى للشرعية الدولية، وثانيهما أن المستعمرين المستوطنين باتوا قوة ايديولوجية وسياسية وانتخابية بل قوة متنامية في الحياة السياسية للكيان الصهيوني، وضمن كتابات إسرائيلية كثيرة تحدثت عن السطوة الاستثنائية للمستعمرين هؤلاء، ليس من السهل أن يجد المرء وصفاً أدق وأبلغ مما عرضه الكاتب الصحفي يهودا ليطاني فتحت عنوان أغلبية أسيرة للأقلية كتب يقول: يبدو أنه لم يحدث أبداً أن كانت أغلبية كبيرة جداً مستعبدة من قبل أقلية صغيرة جداً ونقصد أغلبية سكان دولة إسرائيل الأسرى منذ أكثر من 35 عاماً بأيدي حفنة من الأشخاص ذوي نزوات دينية يقومون بتوسيع مجالات سيطرتهم يومياً على العين الحكومية غير المبصرة إنها حكومة يتخوف وزراؤها من العمل خلافاً لرغبة لوبي المستوطنين خشية نعتهم بـ اليساريين والخونة ثم يتحدث ليطاني عن الإرهاب الايديولوجي السياسي الذي يمارسه المستعمرون فيقول: هؤلاء المستوطنون ينعتون الشخصيات التي بادرت إلى اتفاقية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية بلقب مجرمي أوسلو ويعتبرون أنفسهم الوشاح الطاهر... ويعتبرون وجودهم في المناطق المكتظة بالجمهور الفلسطيني عملاً صهيونياً طلائعياً سامياً، إن الضعفاء لا يخيفون الحكومة فهي تخاف من المستوطنين فقط وأيضاً من قبل الكتل اليمينية المختلفة، أما عن العبء الكبير الذي يلقيه هؤلاء المستعمرون الصهاينة على كاهل المجتمع والدولة فإن ليطاني يستخلص أنهم الأثقال التي نجرها معنا مند عام 1967، لقد سودوا صفحة إسرائيل وحولوا صورتها إلى صورة دولة غازية متعالية.‏

ومنذ أيام مناحيم بيغن لم يتجرأ أي رئيس حكومة في إسرائيل على إخلاء ولو مستوطنة واحدة، خشية ما سيحدث له ولحكومته، رئيس الحكومة الحالي ليس معنياً ولا يريد إخلاء ولو مستوطنة معزولة، وهكذا نواصل نحن والأثقال التي تزيد ثقلاً بل ستثقل علينا الأثقال أكثر وأكثر حتى تجرنا معها إلى الأسفل، ومن جهتنا نطرح السؤال الخطير ما نتائج هذا الوجود الاستعماري السرطاني المتنامي في عدده وفي سطوته الذاتية وفي نمو سطوته الموضوعية عبر تحالفه مع الليكود والأحزاب اليمينية الأكثر تطرفاً ومع الأحزاب الدينية؟!.‏

أول من تحدث عن النتائج بعيدة المدى وبجرأة فكرية سياسية هو الباحث الإسرائيلي ميرون بن فنستي حيث طرح عام 1987 نظرية اللاتحول ومما قاله يومئذ: إن احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة والسيطرة على كامل أرض إسرائيل الانتدابية خلق واقعاً تاريخياً وجغرافياً- سياسياً جديداً ينطوي على ديناميكية بالغة الأهمية، سدت الطريق أمام إمكانية العودة إلى الوضع الذي ساد في أرض إسرائيل قبل عام 67 وأضاف بن فنستي: إن دولة إسرائيل تحولت من دولة يهودية القومية إلى دولة ثنائية القومية وتحول الصراع اليهودي- العربي من صراع دول إلى صراع بين طوائف.‏

وفي السياق ذاته صاغ ليطاني رأيه في المستقبل ولكن بعبارات عامة ضبابية ومطاطة، فبعد أن سجل موافقته على نظرية اللاتحول كتب يقول: في الظروف الحالية يعتبر إخلاء المستوطنات بهدف التوصل إلى اتفاق سياسي بمثابة حلم بعيد المنال.. ما زال الكثير منا يرفضون تصديق أن هذه الصورة الحقيقية للواقع، إن حلم الفصل والأسوار والسياجات كان ملائماً لسنوات الستينيات والسبعينيات ومن المناسب حالياً التفكير بطرق جديدة لمواصلة ضمان حياة كريمة للشعب المجاور من خلال تقليص المس به إلى أقصى حد، هذا على الجانب الإسرائيلي، فماذا عن الجانب الفلسطيني؟ مؤخراً طرحت دائرة المفاوضات الفلسطينية دراسة شاملة عن النتائج البعيدة لحركة الاستعمار الإسرائيلي بعنوان الاحباط أو التدمير الإسرائيلي لحل الدولتين تتضمن تعبيراً واضحاً عن القلق الفلسطيني من تحول حل الدولتين إلى مسألة غير قابلة للتطبيق مع طرح تساؤل عن تسبب سياسة إسرائيل الاستعمارية عموماً وفي القدس على وجه الخصوص في تحطيم الإطار السابق لإجراء المفاوضات للتوصل إلى السلام بين إسرائيل والفلسطينيين بما يتطلب استبداله بإطار آخر، ووفقاً للدراسة فإن البناء الاستعماري الاستيطاني سيترك للفلسطينيين في الضفة عموماً وفي القدس خصوصاً إمكانية لدولة اسمية فقط حيث تكون أشبه بمحمية هندية في أميركا، وتكون لها إمكانات محددة للوصول إلى الأرض والمياه وتنتهي الدراسة الفلسطينية غير المسبوقة بنتيجة خطيرة مؤادها أن سياسة البناء الإسرائيلية في القدس وفي شمال الضفة وجنوبها تحبط احتمال إبقاء القدس مدينة مفتوحة مشتركة للشعبين وللدولتين، وتحذر من أنها لن تترك بيد الفلسطينيين تواصلاً اقليمياً وأن الخيار الوحيد الذي سيبقى أمامهم هو قبول حل دولة واحدة لشعبين ،إن إسرائيل لن تقبل بهذا الخيار بسبب تفوق الفلسطينيين ديمغرافياً الأمر الذي يهدد هوية الدولة اليهودية.‏

ولاشك أن الحكومة الإسرائيلية ماضية في تنفيذ مخططها لفرض الأمر الواقع الذي تريده بمعزل عن حسابات الصالح الفلسطيني والعربي، فهي لديها أجندتها وتعمل على تنفيذها، بالمقابل أين حساباتنا وأجندتنا؟ ومن المعنيون والمستهدفون؟.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية