أ.د.محمود أبو العينين وكيل المعهد لشؤون الدراسات العليا والبحوث مع فريق كبير من الباحثين. الجزء الأهم في التقرير من وجهة نظرنا وهو المتصل بالعلاقات الإسرائيلية -الإفريقية، والذي أعده الباحث والخبير الاستراتيجي البارز حسين حمودة حيث يؤكد الباحث أن التحليل المنهجي لتاريخ العلاقات الإسرائيلية الإفريقية يتطلب النظرة الشاملة لتلك العلاقات على جميع الأصعدة، سياسية ودبلوماسية، ثقافية واجتماعية، أمنية وعسكرية، اقتصادية وتجارية.
فالعلاقات بين إسرائيل والدول الإفريقية مرت بمراحل عدة، وتدخلت فيها العديد من العوامل والأسباب، وانتجت الكثير من الآثار والثمار في مختلف النواحي، التي أثرت سلباً، عبر مسارات عدة، على الأمن القومي العربي، وفي قلبه الأمن الوطني المصري، بالإضافة إلى خطورة وعمق الآثار المستقبلية السلبية لهذه العلاقات المتنامية.
وتعتبر العلاقات الإسرائيلية الإفريقية موضوعاً متعدد الأبعاد والمستويات، حيث بدأت قبل قيام إسرائيل ذاتها، وذلك منذ أواخر القرن التاسع عشر، حين طرح الجيل الأول من رواد الحركة الصهيونية بدائل للوطن القومي -بالنسبة لهم- فكانت أوغندا هي الموقع المنتقى قبل الاستقرار على فلسطين كوطن قومي لهذا الجيل من رواد الحركة الصهيونية.
وظلت إفريقيا حاضرة في دائرة اهتمام تلك الحركة، ليس فقط بمعنى الوطن القومي، بل بمنظور العمق الاستراتيجي والحزام الأمني الذي يطوق العرب، وعلى خطا هذه الأبعاد والمصالح التاريخية تواصلت استراتيجية إسرائيل تجاه إفريقيا، وتنامت لتصل إلى ما هو عليه اليوم من تطور يهدد الأمن القومي العربي.
وقد شهدت العلاقات الإسرائيلية الإفريقية تحولاً مهماً خلال العقد الحالي، سواء على نطاق هذا الانتشار أم على درجة تعمقه، والتي وصلت إلى مرحلة ما تسمى «ترسيخ العلاقات».
وعلى هذا النحو يؤكد الباحث على إمكانية دراسة تطور العلاقات الإسرائيلية الإفريقية في الأعوام السابقة من خلال محاور ثلاثة هي:
أولاً: العلاقات الإسرائيلية الإفريقية ودور إسرائيل في إذكاء الصراعات الإفريقية.
ثانياً: العلاقات الإسرائيلية -المصرية، وتأثيرها على قضايا الانتماء والهوية في مصر، وقضية تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، وقضية الحدود المصرية الإسرائيلية، وقضية رجل الأعمال المصري أشرف مروان.
ثالثاً: السلوك التصويتي الإفريقي تجاه قضايا الصراع العربي الإسرائيلي في الدورة 62 للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2007 وفيما تلاها من دورات.
وفي هذه المحاور يقدم الباحث والخبير الاستراتيجي حسين حمودة معلومات جديدة ووثائق مهمة منها على سبيل المثال التدخل الإسرائيلي في أزمة إقليم دارفور وذلك من خلال حجم موجات تسلل السودانيين إلى إسرائيل، وتحديداً عبر الأراضي المصرية، على الرغم من تأكيد الحكومة الإسرائيلية عدم سماحها للاجئي دارفور بالتسلل إلى إسرائيل أو البقاء فيها، ورغم ما رددته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية من إبرام حكومة «أولمرت» اتفاقاً مع السلطات المصرية ينص على إعادة المهاجرين الأفارقة والسودانيين غير الشرعيين إلى بلادهم، فإن صحيفة «لوموند» الفرنسية أكدت أن هناك جمعيات إسرائيلية ويهودية أميركية ظهرت في الآونة الأخيرة تهدف إلى مساعدة أهالي أو لاجئي دارفور، وأن معظم اللاجئين في طريقهم لأن يتهودوا ويصبحوا إسرائيليين.
وعن علاقات إسرائيل بالصومال كشف الخبير الاستراتيجي حسين حمودة أنه في آب 2007، قام رجل أعمال إسرائيلي مقيم في اثيوبيا بدور الوسيط لتشجيع التبادل التجاري الإسرائيلي مع «جمهورية أرض الصومال» -أحد الأقاليم الصومالية التي انفصلت عن الحكومة المركزية 1991م وغير معترف بها دولياً- وذلك في سياق مساعي إسرائيل لتأجير ميناء «بربرة الصومالي» أو على الأقل الفوز بتعهد «جمهورية أرض الصومال» بتقديم التسهيلات اللازمة لاستخدام ذلك الميناء لأغراض تجارية كما هو معلن وربما لأغراض أخرى تهم إسرائيل.
أما في موريتانيا فقدأكد التقرير أنه في الأول من شباط 2008م، فتح مسلحون مجهولون النار على السفارة الإسرائيلية في العاصمة نواكشوط، وقد جاء الهجوم بعد المطالبة الشعبية المتعاظمة بوضع حد للعلاقات الدبلوماسية بين موريتانيا وإسرائيل، وذلك بعد أيام أيضاً من دعوة رئيس البرلمان الموريتاني «مسعود ولد بلخير» للمرة الأولى وبشكل رسمي إلى إعادة النظر في العلاقات الدبلوماسية التي وصفها بـ«المشينة» مع إسرائيل.
أما في نيجيريا فقال التقرير: إنه في 28 من نيسان 2008م، تم توقيع اتفاق شراكة بين إسرائيل ونيجيريا يتضمن إنشاء معمل للطاقة الشمسية في نيجيريا لتوليد الطاقة بتكلفة 10 ملايين دولار.
أما العلاقات الدبلوماسية الإسرائيلية الإفريقية فيؤكد التقرير أن القارة الإفريقية تحظى بأكبر نسبة تمثيل دبلوماسي إسرائيلي على مستوى العالم، حيث إن نسبة البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في إفريقيا مقارنة ببعثاتها في العالم تصل إلى (47٪) وذلك في عام 2008.
كما أن عدد الدول الإفريقية التي ترتبط بإسرائيل بتمثيل مقيم معها بدرجة سفارة (11)، وعدد الدول التي ترتبط إسرائيل معها بتمثيل غير مقيم (31)، وعدد الدول التي ترتبط بعلاقات دبلوماسية على مستوى مكتب رعاية مصالح (1)، أما عدد الدول الإفريقية التي ترتبط بعلاقات مع إسرائيل على مستوى مكتب اتصال (1)، وذلك في مقابل 9 دول إفريقية فقط لا ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل /فانتبهوا أيها السادة!!
كاتب ومحلل سياسي مصري