وتمثل الملائم منها على الاقل للاقتصاد السوري وفي هذه الحالة فقط يمكن القول إنها برنامج عمل.
وهي ثانياً تحمل الكثير من الاشكالات لأن اقتصاديينا تنقلوا ما بين التجربة الصينية والماليزية والتركية والمصرية، وبكل أسف كانوا يصلون دوماً الى تمثل الاسوء في هذه التجارب وفي هذه الحالة تغدو تلك العبارة مجرد شعار..
المسألة تتعلق بالمزاوجة ما بين الخصوصية والعمومية، ما بين واقع اقتصادي سوري يحمل مورثات وموروثات تأصلت من مرحلة انقضت وما بين واقع اقتصادي عالمي خلق لنفسه استراتيجية أخرى.
اذاً المطلوب فعلاً هو الخروج من حالة الشعار الى حالة برنامج العمل وبالتالي عدم اللجوء الى أسوء التجارب كما يحدث أو على الاقل الى الاسوأ في كل تجربة.
لكل بلد خصوصياته المحلية بالزراعة والصناعة والتجارة وكل الانشطة الاقتصادية ومن المفيد جدا قراءة تجارب الاخرين ولكن ليس بالضرورة اسقاطها على تجربتنا المحلية الخاصة حسب كلام غسان القلاع رئيس غرفة تجارة دمشق الذي رأى ان الدواء الذي يفيد مريضاً معيناً قد لا يفيد مريضاً غيره وان كان تشخيص الحالة مماثلاً.
وحسب وجهة نظر القلاع لابد أن نعمق دراستنا لكامل مشكلاتنا المحلية ونجهز لها ما يناسبها من خطوات تنفيذية.
بالمقابل يرى الدكتور مصطفى الكفري الاستاذ بكلية الاقتصاد ان تجارب الدول وخبراتها مهمة فيما يخص قضايا التنمية وحل مشكلات التخلف والفقر والبطالة لكن هناك ظروف وشروطاً محددة من الضروري اخضاع تلك التجارب الى الشروط التي يعيشها مجتمعنا بما فيه من قيم وخصوصية تتعلق بالموارد الطبيعية والبشرية لذلك يجب الا تقدم لاقتصادنا وصفات جاهزة وتجارب لدول ربما نجحت عندهم ولكن ليس بالضرورة ان تنجح لدينا.
بالعودة الى القلاع الذي يؤكد ضرورة الاطلاع على كل التجارب الاخرى لان فيها ما يفيدنا ويوسع مدى الرؤية وتبقى المعالجة امراً اخر.
لكنه يقول يبدو اننا عندما نتعثر نحاول اللجوء الى تطبيق وصفات خارجية لكنها لا تكون مجدية دائما المهم ان يكون تشخيص مشكلتنا المحلية دقيقا حتى تتم معالجته بالشكل المناسب.
وحسب رأي الكفري انه لا بد من تطوير التجربة التي نطلع عليها وننطلق من حيث انتهى الاخرون لنبني تنمية تنسجم والسياسة الاقتصادية السورية.
فلا يمكننا ان نطبق مثلا تجربة الشقيقة قطر حيث متوسط دخل الفرد 56 الف دولار بينما في سورية حوالي 1200 دولار.
ويضيف انه بعلم الاقتصاد المنهج التجريبي لا يطبق الا على العلوم الدقيقة.
والتجربة تكلف وقتا ومالا لذلك لابد من اتباع مبدأ الاستدلال الاستقرائي والاستنباطي بحيث نستنبط ونستقرأ من تجارب الاخرين ما يناسبنا بالاستناد الى مرتكزات علمية موضوعية في حين ان التنقل من تجربة الى اخرى يجعلنا نتخبط.
وبدوره يقول القلاع ان اي موضوع اقتصادي او اجتماعي ليس ملكا لجهة واحدة انما هو ملك لكل المجتمع الذي يجب ان يقدم مقترحاته في حل هذا الموضوع او ذاك.
أخيــــــــــــــراً
لابد ان نثق بأنفسنا وبخبراتنا الوطنية.
لذلك نتمنى على اقتصاديينا الا يجعلوا من كل تجربة اداة لحذف سابقتها من ذاكرتنا والا يستخدموا التجربة الصينية لننسى ما قالوه عن التجربة الماليزية دون ان يتمثلوا شيئا منها او مجرد اقتراح : لنبقى رافعين شعار الخصوصية السورية «وكفى الله المؤمنين القتال»...