لحّن وغنى وألّف..رفيق شكري في ندوة استعادية تذكيرية بجل ما قدمه للساحة العربية والسورية الندوة التي رعتها وضمتها دار الأسد للثقافة والفنون ضمت كلا من الأساتذة: صميم الشريف-ياسر المالح-أحمد بوبس، وقد أتى ذلك تكريماً لمسيرة رفيق شكري الفنية الحافلة في الذكرى الأربعين لرحيله وتبع الندوة أمسية موسيقية رائعة. أحيت ألحان رفيق شكري فرقة قصيد بقيادة الفنان كمال سكيكر.
من رفيق شكري؟
لعل البعض نسي أو تناسى تراث الماضي وأصحابه الذين حفروا في الصخر في زمن كان كل شيء فيه صعباً ومحرماً ولكن هناك من كسر الطوق وقدم ابداعه ومواهبه، يتحدث الزميل أحمد بوبس عن مسيرة وحياة الفنان رفيق شكري بالقول: هو ملحن ومطرب سوري كبير، وهو أول من استخدم اللهجة المحلية في كلمات ألحانه من الملحنين والمطربين السوريين حيث كانت اللهجة المصرية هي السائدة والمسيطرة على الغناء في سورية..أما ولادة رفيق شكري فكانت في دمشق سنة 1923 بدأت ميوله إلى الموسيقا والغناء بالظهور منذ الصغر فاقتنى عوداً وهو في الثانية عشرة من عمره.
بدأ العزف بنفسه، ثم تتلمذ على يد الموسيقي صبحي سعيد وهو من أمهر عازفي العود في دمشق في عام 1936 بدأ رحلته في الغناء ووقف على مسارح دمشق يؤدي أغنيات محمد عبد الوهاب ولم يستمر طويلاً في أداء أغنياته، فبدأ يخط لنفسه أسلوبه الخاص ليقدم بصوته أول أغنية خاصة به وهي (لما هويتك ماكانش ذنبي) والتي كتب كلماتها عزت حصرية. ولحنها أستاذه صبحي سعيد وقدمت عبر اذاعة دمشق المحلية عام 1941، أما الانطلاقة الحقيقية لرفيق شكري فكانت عام 1942 حيث تعرف على أ.عمر حلبي في منزل وصفي المالح ليثمر اللقاء عن أغنية (بالفلا جمال ساري) وحققت الأغنية نجاحاً كبيراً وكانت الأغنية بداية للتعاون بينهما واستمر حتى وفاة رفيق شكري عام 1969 حققا خلال هذه المسيرة أكثر من مئتي أغنية هي أجمل ما غنى ولحن رفيق شكري.
ومنها: غيبي يا شمس غيبي-خلي الحبايب يسلموا-خدو معاهم مها.
لحن رفيق شكري أكثر من خمسمئة أغنية غنى قسماً منها بصوته، وقسماً آخر أعطاه لمطربات ومطربين وممن غنوا ألحانه: ياسين محمود-كروان-سعاد محمد-ماري جبران-فايزة أحمد-نور الصباح-سعاد مكاوي.
أما عن مواضيع أغنياته فقد كانت شاملة اجتماعية-دينية-وطنية غنى القوالب الغنائية لحناً وغناءً فلحن الطقطوقة وأبدع فيها ومنها (خالي يا خالي-بالفلا جمال ساري) ولحن القصيدة مثل (عذاب) لمدحة عكاش و(عتاب) للشاعر صالح هواري..أما المونولوج لحن وغنى (أحبك والفؤاد يهواك) نظم أنور البابا (فكرت أنساك) كلمات محمد نذير السروجي.
أما الحوارية «الديالوغ» لحن مجموعة منها مثل حوارية (قلبي ح يحكي عن شقاه) والتي غناها مع المطربة فايزة أحمد، لحن رفيق شكري الاسكتش ومن ألحانه (الذهب الأبيض) شاركته في الغناء نور الصباح واسكتش (فلسطين) غناه مع المطربة مها صبري وسيد اسماعيل..لم يلحن رفيق شكري في قالبي الموشح والدور وإن كان سجل لإذاعة دمشق عدداً من الموشحات من ألحان غيره..استخدم في بعض ألحانه الايقاعات الغربية مثل التانغو كما في أغنيتي (ضيعت فؤادي-ما فيش أمل) والسامبا تهجرني في يوم وللموسيقا الراقصة تعالي هنائي.
رفيق شكري في السينما قدم فيلماً واحداً هو نور وظلام عام 1948 وهو أول فيلم سوري ناطق شاركته بالبطولة الممثلة اللبنانية ايفيت فغالي واخرجه نزيه شهبندر حيث قدم رفيق شكري عدداً من أغنياته، أما في مصر فقدم بعض الأدوار الثانوية في أفلام مصرية فيلم (بنت البادية) مع المطرب الشعبي المصري محمد الكحلاوي.
مخزون موسيقي
أما أ. ياسر المالح فقد قدم لمحة عن علاقته برفيق شكري وكيف التقاه في منزل عمه وصفي المالح وهو رئيس نادي الفنون الجميلة حيث دعاه عمه إلى أمسية موسيقية لعدنان أبو الشامات.
وما يذكره أ.المالح أن رفيق شكري كان لا يفارق طربوشه وهي سمة الزي الأنيق في ذلك العهد وفي عام 1950 كنت أتردد إلى الإذاعة حين كنا في التجهيز جودت الهاشمي وكنت أراه إلى جانب إعجابي به عن بعد، رفيق شكري وجد في فترة زمنية ليس فيها ملحنون ولا مطربون إلا القليل جداً..في تلك الفترة ظهر محمد محسن ولكن رفيق شكري ملأ الساحة كان يلحن نحو 25 أغنية في السنة لأنه مستمع جيد منذ طفولته فأصبح لديه مخزون موسيقي كبير..وهو مختلط سوري-عراقي-مصري-لبناني، لم يكمل تعليمه وإنما اهتم بالفن، فهل هذا تقصير أو اهمال؟
نقول: لا لقد عوض رفيق شكري عن ذلك بالفن فقابل الناس من فنانين وسياسيين وغيرهم فأغنوا ثقافته ومعرفته وما يكفي هو الموهبة ولكن هل أخذ رفيق شكري حقه سواء بالكتابة عنه في الصحافة أو تأليف كتاب عنه متخصص بما قدمه كألحان وأغنيات تنتقى من مختلف القوالب والايقاعات لمجموعة من الدارسين أو دارس واحد يقدم بالتفصيل ما قدمه رفيق شكري..ليأخذ بذلك حقه ووزنه في الوطن العربي.
شمولية رفيق شكري كونه ملحناً ومغنياً موهوباً عربياً سورياً دمشقياً هذا الشمول يعطي قيمة اضافية بأنه لم يكن ضيق الأفق.
أما ميزته الأظرف فهي لو اخترت له خبراً في جريدة وطلبت منه أن يلحنه فإنه سيلحنه.
مجابهة ملحني عصره
أ.صميم الشريف بدأ حديثه بالقول: يجب أن نأخذ رفيق شكري كما هو في الواقع وليس من عواطفنا وأول ظهور له في مسرحية قيس وليلى كانت الفرصة ذهبية أن يشترك بها غناءً عام 1943 وقدمت في سينما عايدة وسينما الهبرة في القصاع حيث غنى إلى جانب مصطفى هلال ورفيق جبري وماري عكام ونجح، كانت الأغنية من نظم أنور البابا (أحبك والفؤاد يهواك) عام 1944 قدم تسع أغنيات وغناها من إذاعة دمشق..أما كيف استطاع اثبات وجوده في حضرة الكبار من الملحنين..كونه من الأوائل وفي صفهم أثبت وجوده واستطاع أن يترك بصمة قوية فكانوا على ثقافة واحدة يعرفون النوتة بالقدر الذي يستطيعونه وكانت فرصته بمعلمه صبحي سعيد حيث علمه العزف على العود واستطاع رفيق شكري أن يلحن (الدور والموشح والديالوغ) في تلك الفترة الجميع قلد محمد عبد الوهاب وبايجاز قلده رفيق شكري ثم انصرف عن ذلك وارتبط بصداقة قوية مع عبد الوهاب دون أن يتأثر بأسلوبه في التلحين..أما من تأثر به فهو نجيب السراج حتى أطلق عليه عبد الوهاب أنت عبد الوهاب سورية فحبس نفسه في هذه الجملة وظل متأثراً بها حتى رحيله.
أغنياته الوطنية نجح بها وبلغ الأوج أيام الوحدة فقدم الانتصار-قسم الشعب-نداء الوحدة-نحن بدنا الوحدة، ومن أجملها أغنية مهد الحرية سورية.
رفيق شكري أعجبه ما أتى به محمد عبد الوهاب في المقدمة الموسيقية حيث أدخل آلات مثل البيانو والغيتار والأكورديون واستخدم هذا التطوير وجعل كل قصائده تبدأ بمقدمة موسيقية، تلا الندوة الحفل الموسيقي الذي قدم مجموعة من ألحان وأغنيات رفيق شكري بجوقة مؤلفة من بيان رضا-أيهم أبو عمار-سومر نجار-ناصيف زيتون-عبد الهادي ديب-وسام الشاعر-رنا سليمان-ايناس لطوف-شذى الحايك-بشرى محفوظ-سناء بركات-نهى رزوق..وقد أدى باقتدار كل من: ايناس لطوف أغنية يا ختي حبيبي راح، وبيان رضا كان القلب صحرا والأغنية النابضة في الذاكرة بالفلا جمال ساري أداها عبد الهادي ديب.
وأيهم أبو عمار قدم أغنية خدو معاهم مها بطريقة رائعة أمتعت الحضور الذي أثبت بحضوره الكبير ومن مختلف الأعمار تعطشه وحبه للطرب الأصيل..أما قيادة الفرقة فهي لكمال سكيكر وهو مؤلف وموزع موسيقي ألف العديد من الأعمال الموسيقية في القوالب العربية المعروفة مثل السماعي واللونغا والتحميل.
لحن العديد من القصائد للفرقة الوطنية للموسيقا العربية.. عازف عود في الفرقة الوطنية للموسيقا العربية..قائد فرقة الغناء العربي..قائد فرقة قصيد للموسيقا العربية.