تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«بابا نويل» يتحدّى الإرهاب والحصار على سورية

شؤون سياسية
الأحد 6-1-2013
 د. عيسى الشمّاس

أجراس الميلاد تقرع في هذا العام ، كما في العام الماضي ، وهي تبشّر بميلاد جديد ، فيختلط في دقّاتها الحزن والألم، والإرادة والتفاؤل ؛

الحزن والألم الذي فعله بها بعض أبنائها الضالين ،وبعض أشقائها الفاجرين، الذين فسحوا المجال للشيطان أن يجرّبهم شرّ تجربة، فخضعوا له واستسلموا ، ووضعوا أنفسهم في خدمة أعداء سورية والعروبة ،حتى أصبحوا نعاجاً يسهل قيادتها وذبحها ، كما قال ( مرياعها ) حمد القطري الصغير، زعيم مشايخ العربان .‏

وفي مقابل الحزن والألم ، كان يسمع في صدى دقّات الأجراس رنين الإرادة والتفاؤل، رنين يملأ النفوس والقلوب غبطة ومحبّة بالوطن الذي سيولد من جديد ، ومن رحم الآلام، لينعم بالخلاص والنصر الذي يعلي الحقّ ويهزم الباطل ؛ النصر الذي يأتي بميلاد جديد لسورية ، يخرجها من أزمتها وهي قوية ، كريمة ، أبيّة ؛ قادرة على متابعة مسيرة النهوض والإصلاح ، ومواكبة الحداثة والمعاصرة.‏

وفي هذه الأجواء الاستثنائيّة ، يتساءل الأطفال : هل غاب/ بابا نويل /عن سورية في أعياد الميلاد ورأس السنة هذا العام ؟ كما في العام الماضي ، بسبب الخوف من التعرّض لخطر اعتداء العصابات الإرهابية المسلّحة ، التي نصبت الكمائن وحاولت قطع الطرقات لمنعه من العبور ، وهو لا يملك السلاح ولا يهرّبه ويقدّمه هدايا للإرهابيين ليقتلوا الأطفال، ويحوّلوا أفراحهم في العيد إلى أحزان ومآتم .‏

أجل .. فباسم الحرية التي نادى بها المتآمرون والإرهابيون ، حاولوا أن يخطفوا / بابا نويل / ويخرّبوا معامل ألعاب الأطفال وملابسهم ، ليصادروا بسماتهم ويحرموهم من ممارسة حقّهم في التمتّع بهدايا ألعاب العيد وأفراحه ، بل عملوا على تحميل بعضهم هدايا عبوات متفجّرة ، وبعضهم على حمل السلاح والعمل مع العصابات الإرهابية ، بينما استخدموا بعضهم دروعاً بشرية في هجماتهم ضدّ القوات المسلّحة التي تدفع إجرامهم ؛‏

وباسم حريّتهم المزعومة ، حاولوا تخريب مصادر الطاقة الكهربائية، ليحجبوا الأضواء عن شجرة الميلاد، ويطفئوا أنوار البيوت والشوارع التي تتهيّأ لاستقبال بابا نويل في العام الجديد ؛ عملوا على محاصرة الساحات ليمنعوا احتفالات الناس واحتفاءهم بقدوم الميلاد والعام الجديد ، ميلاد رسول المحبّة والسلام، لأنّهم فقدوا مشاعر المحبّة ، وملأ قلوبهم الحقد والكراهيّة للوطن والإنسان ؛ وباسم حريّتهم الظالمة وأفكارهم الظلاميّة ، حاولوا..وحاولوا ، ولكنّهم لم يفلحوا أمام إرادتين لا تقهران : إرادة الله وإرادة الشعب ؛ وإرادة الله فوق كلّ إرادة .والعملاء والمجرمون ، ضالون وبعيدون عن الله وعن الشعب الأصيل.‏

وباسم ديمقراطيّتهم الإصلاحيّة المضلّلة ، طبّقوا نظرية ( الفوضى الهدّامة ) ، فزرعوا الخوف والإرهاب على الطرقات ، ومارسوا الخطف والقتل العشوائي؛ وباسم ديمقراطيتهم الفوضوية دمّروا المدارس وحرموا الأطفال من حقّهم في التعليم الذي شرعته وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الطفل ، وحوّلوا نور العلم إلى ظلام ؛ وخرّبوا بعض دور العبادة المسيحيّة والإسلاميّة ، وأساؤوا إلى القيم الروحيّة والإنسانية ، وحاولوا أن يحجبوا حقوق الآخرين في التعبير عن أفراحهم وآمالهم في الأعياد المجيدة ؛ وباسم ديمقراطيتهم المزعومة، شوّهوا معاني الوطنية والعيش المشترك، والانتماء الوطني الأصيل ، والاعتراف بالآخر الشريك الوطني في الماضي والحاضر والمستقبل . وكأن الوطن ليس وطنهم والشعب ليس شعبهم وأهلهم ، وهم يتشدقون بالدفاع عنه في تصريحاتهم وبياناتهم الكاذبة .‏

هكذا أراد أصحاب المؤامرة على سورية وأدواتها التنفيذية من العصابات المسلّحة، والتنظيمات الإرهابية التكفيرية ، أن يحجبوا بهجة العيد ، ويمنعوا بابا نويل من الوصول إلى الأطفال والفقراء ، تحت شعارات مضلّلة من الحرية والديمقراطية والإصلاح؛ شعارات رفعوها غطاء لدورهم التآمري وأعمالهم الإجراميّة ، فأفرغوها من مضموناتها وعملوا بما يناقضها ويسيء إليها ؛ وذلك ليس مستغرباً من أدوات المؤامرة الإرهابية، بأعمالها الوحشية / الإجراميّة ضدّ سورية وشعبها، بعدما حقنت هذه الأدوات المجرمة بجرعات قويّة من الأحقاد والأفكار التكفيرية ، التي ترافقت بجوائز وهمية ، مادية مغرية في الدنيا والآخرة.‏

وعود على بدء نقول : إنّ /بابا نويل / يعرف حقيقة ماذا يجري في سورية ، ويعرف نوايا الإرهابيين وشعاراتهم المضلّلة ، ولكنّه مطمئن إلى وضع السوريين صغاراً وكباراً ، لأنّهم قادرون على تجاوز آلامهم وممارسة أفراحهم على وقع الصمود والتفاؤل .‏

فالأطفال لبسوا ثياب بابا نويل التقليديّة ، وتوشّحوا بعلم الوطن بألوانه الزاهية، ومارسوا حقّهم في استقبال الميلاد والعام الجديد ، لأنهم عرفوا أنّ بابا نويل لم يأتهم كعادته هذا العام ، بل جاءهم بلباس الجندي البطل ، الجندي الباسل من حماة الديار الذين استطاعوا أن يواجهوا الإرهاب ويحطموا حواجزه ، ويقضوا على إجرام الإرهابيين ومحاصرتهم في أوكارهم ، ليقدّموا لأطفال الوطن هدايا الأمن والفرح .الأطفال الذين أشعلوا الشموع وفاء لرفاقهم الذين سقطوا بفعل التفجيرات الإرهابية المجرمة ، وعرفاناً بتضحيات شهداء الجيش الوطني الباسل .‏

وأمّا الكبار من المواطنين الذين أدركوا أهداف المؤامرة وأبعادها على الوطن والشعب، فلم يبالوا بتهديدات الإرهابيين وأعمالهم الإجراميّة ،فمارسوا شعائرهم المعهودة ، وأقاموا صلواتهم المعتادة ، ورفعوا دعواتهم على رجاء الميلاد المجيد للوطن الغالي، وخلاصه من الآلام التي فرضها أعداء الله والوطن من العملاء والمأجورين الذين باعوا ضمائرهم للشيطان بأبخس الأثمان . وعاهدت الجماهير السورية المؤمنة بربّها ووطنها ، على أن تبقى وحدة قوية متماسكة ، حريصة على انتمائها وسيادتها الوطنيّة ، لكي تبقى سورية تحتفل بأعيادها ، وتبقى أجراس الميلاد تقرع تهليلاً وترحيباً بالعام الجديد، ويبقى /بابا نويل /يزورها في كلّ ميلاد وفي كلّ عام ، يحمل إليها هدايا المحبّة والأمن والسلام ، ويوزّع البسمة والفرح للأطفال على مدى الأعوام ، في وطن المحبّة والسلام .‏

وإذا كان هؤلاء الضّالون / الضلاليون حاولوا قطع الأنوار عن الشوارع والساحات، فإنّهم لم يستطيعوا أن يقطعوا النور عن القلوب المؤمنة بربّها ووطنها ، لأنّ “حبّ الوطن من الإيمان “. وسيبقى هذا النور الإلهي/ الوطني هو النور القوي الساطع ، النور الهادي لشعبنا الأصيل في مواجهة هذه المؤامرة، وتحقيق الانتصار الكبير في يوم ميلاد مجيد .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية