وهم من استخدموا أموالهم وإمكاناتهم لقتل السوريين وصوبوا أسلحتهم نحوه، بدلاً من أن يصوبوها باتجاه العدو الحقيقي المتمثل بالكيان الصهيوني الذي ينتهك الحرمات المقدسة ويحاصر الفلسطينيين بالجوع والجرائم وهدم المنازل.
ألم يستح أولئك المسيسون والمتسيسون والصاعدون على أكتاف الشعوب من أنفسهم حتى يطلقوا بين الحين والآخر هذه الصيحات ويتشدقوا بهذه التصريحات، بينما الأمور وصلت إلى درجة لا تطاق فعلاً من عهرهم وحقدهم المكنون؟!
وفي هذا السياق نرى وزير خارجية السعودية سعود الفيصل يردد في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو ما جاء بتقرير الأمم المتحدة عن عدد القتلى في سورية وتردي الأوضاع الإنسانية، يردد ما جاء بالتقرير دون الأخذ بالأسباب التي تزيد يومياً من عدد الضحايا في سورية بغض النظر إذا كان هذا الرقم دقيقاً أم لا، ويردده أيضاً دون أن يلتزم الحيادية أو الموضوعية تماماً كما التقرير، الذي استعان أصلا بمعلومات من دول شريكة بسفك الدم السوري وتجاهل الدور الخارجي بتمويل وإيواء وتدريب المسلحين، ما يدعو للأسف فعلاً لاستمرار حكام آل سعود بتجاهل ما يفعلونه وما كانوا هم وراءه في تلك الأزمة.
والسؤال: لماذا يصر هؤلاء الذين يدعون الحرص على الشعب السوري تجاهل وجود القوى الخارجية التي تسعى للتحريض الطائفي في سورية وتقوم بإصدار الفتاوى التكفيرية لتبرير القتل والتعذيب والسرقة والخطف وانتهاك القوانين والأعراف الدولية؟!
ولم يكتف الفيصل بالحديث عن تقرير الأمم المتحدة ليتحدث عن شرعية القيادة وكيف يجب على السوريين تقرير مصائرهم دون أن يعي بعد 21 شهراً ونيف من عمر الأزمة أن السوريين قالوا كلمتهم ووحدوا صفوفهم من أجل الوقوف بوجه الهجمة الامبريالية الشرسة التي تستهدف أمنهم واستقرارهم، وأن ما اختاره السوريون لن يجعل السعودية أو قطر أو من يقف خلفهما يحققون شيئاً من أهدافهم في سورية.
بقي أن نقول إن الفيصل الذي روج لفكرة تسليح المعارضة ووصفها بالممتازة يناقض نفسه في تصريحاته ويتحدث عن حل سياسي قائلا: إن الخروج السلمي مطلوب ومرغوب عربياً ودولياً أما طريقة الخروج وشروطه فتتوقف على الشعب السوري نفسه.
فكيف يستطيع الفيصل أن يجمع بين التسليح والحل السياسي إلا عبر فكر مخادع يختلف مضمونه عن ظاهره أو كمن يدس السم بالعسل ؟!
وتتناقض المواقف الجديدة للسعودية ومصر مع السلوك الفعلي للدولتين من خلال استمرار تدخلهما في الشأن الداخلي السوري وتنصيب نفسيهما وكلاء عن الشعب السوري في قضايا تمس جوهر السيادة وحقوق الشعوب التي تغنيا بها مضافة إلى استمرارهما بتقديم الدعم للمجموعات الارهابية التي تقتل السوريين وتدمر مؤسسات دولتهم وبنيتها التحتية واحتضان من ينسقون لجمع الاموال والسلاح لها ومن يحرضون اعلاميا ويصدرون فتاوى التكفير والقتل الجماعي ضد السوريين ما يجعل من الوزيرين مسؤولين مباشرين عن الدماء التي أريقت على الارض السورية.
وزعم الفيصل أيضا أن لدى بلاده سياسية صارمة بالا يتم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وأن ما هو مقبول للشعب في دولة عربية هو شأن هذا الشعب وهو ذاته الذي كان اعترف سابقا في حضرة الراعي الرسمي الاول للارهاب في سورية وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينيون بأن تسليح المجموعات المعارضة في سورية واجب وبان اقامة مناطق حظر جوي أمر لابد منه.
من جهته قال وزير الخارجية المصري : إن الخروج السلمي مرغوب ومطلوب إذا كان سيجنب المزيد من إراقة الدماء والشعب السوي في النهاية هو من سيقرر كيفية حل مشاكله وترتيب أوضاعه
ويرى مراقبون أن الموقف السعودي المصري الجديد هو ترجمة لواقع دولي جديد أيضا أقر فيه الغرب الذي يقود العدوان على سورية وتعمل الدول الاقليمية فيه كأدوات تنفيذية بصعوبة تحقيق أهدافه فيها من خلال المجموعات المسلحة التي يتصدى لها السوريون شعبا وجيشا ببسالة وصمود من جهة وبخطر الفكر الارهابي الذي يغذيه ويؤججه والذي لن يبقى بمنأى عنه فترة طويلة من جهة ثانية.
التصريحات الجديدة السعودية والمصرية لاتزال في اطار تسجيل المواقف الاعلامية والنظرية ولم تجد طريقها بعد إلى التطبيق الفعلي على الارض من خلال وقف دعم المجموعات الارهابية وحتى تكون معبرة عن قناعة البلدين يجب ترجمتها فعليا من خلال التوقف عن دعم الارهاب بالمال والسلاح والسماح للشعب السوري بايجاد الحل المناسب للازمة الحالية عبر طاولة الحوار.