فهي من المؤسسين العنيدين لإبعاد الدولة عن التدخل في المجال الاقتصادي, وتكمن مشكلة السيناتور ماكين أنه اشتهر بأنه السيناتور الأكثر تعصباً لفلسفة الحزب الجمهوري الرافضة لتدخل الدولة في المجريات الاقتصادية والداعية إلى ترك الحبل على الغارب لآليات العرض والطلب ومنع الدولة من استحداث أي وسائل للحد من التناغم الاقتصادي والمالي الحر.
وطالما أن هذه الفلسفة الاقتصادية الجمهورية هي التي ولدت الأزمة الاقتصادية الحالية في أمريكا فإنه ليس أمام المرشح الجمهوري غير الاستعداد لدفع فاتورة الأخطاء الجسيمة (ولاسيما أنه - أي ماكين - قال في تصريح مصوّر ومبثوث على جميع قنوات التلفزة الفضائية الأمريكية ذات يوم, أنه ظل يصوت إلى جانب قرارات الرئيس بوش بنسبة تسعين بالمائة, ذلك التصريح المصوّر, أصبح مادة دعائية خطيرة ضد السيناتور ماكين في وقت يحاول فيه أن يضع مسافة بينه وبين الرئيس بوش الذي تتدنى نسبة أدائه إلى مستويات غير مسبوقة, ولكن حملة السيناتور أوباما لاتترك فرصة للناس لكي ينسوا هذا التصريح, فهي تكرر بثه بصورة دائمة كدعاية انتخابية مؤثرة ضد السيناتور /جون ماكين/ وتدعوهم إلى الهرب إذا كانوا لايريدون أربع سنوات أخرى على خطا جورج بوش, وهم قطعاً لايريدون ذلك).
لقد أخذت التطورات الاقتصادية مؤخراً المرشح الجمهوري على حين غرة تماماً وجعلته يتخبط في أكثر من اتجاه.
إن الأزمة الاقتصادية الأمريكية الحالية اعتبرها المحللون نعمة تنزّلت على السيناتور أوباما من السماء, فالحزب الذي استلم خزينة مالية مزدهرة بالفوائض من الرئيس بيل كلينتون, جرّ أمريكا إلى عجز مالي غير مسبوق بسبب حربه المدمرة في العراق.
وليس لديه اليوم مايقوله دفاعاً عن ذلك التصرف السيئ بعد أن تكشفت كل الأكاذيب التي حيكت حول أسلحة الدمار الشامل العراقية, وبعد أن تعدى عدد القتلى الأمريكيين في هذه الحرب عدد القتلى الأمريكيين في حوادث الحادي عشر من أيلول من عام 2001 التي أخذت ذريعة لحرب الرئيس بوش ضد ماأسماه الإرهاب وغزو العراق وتدميره وقتل عشرات الألوف من أبنائه.
لقد جعلت الأزمة الاقتصادية الجمهوريين يخوضون الجزء الأخير من الحملة الانتخابية وظهورهم على الحائط.
وكانت أولى النتائج أن السيناتور أوباما استطاع استعادة زمام المبادرة وأخذت استطلاعات الرأي تسجل تفوقه الواضح على السيناتور ماكين من جديد.
كاتب سوداني