أما لجوء الإنسان المعاصر إلى السحر والدجل والشعوذة فسببه ضغوط الحياة اليومية التي انعدم فيها الإحساس بالأمان... ولكن...
إذا كان الأمر في الحالتين مبرراً, فهو غير مبرر عندما يكون هذا الإنسان واعياً ومثقفاً ولا يعاني من أي ضغوط أو احتياجات, بل عندما يكون من الشخصيات البارزة والمعروفة على أحد صعد الحياة.
أقول هذا, بعد متابعتي لبرنامج قدمته محطة (ليبرا) الفضائية, وكان عنوانه (نجم وتعويذة) حيث استضاف نجمة مصرية مشهورة, لكن دون ذكر اسمها أو توضيح معالم وجهها, لتواجهها مقدمة البرنامج بعدد من الأسئلة التي تدينها بتهمة تورطها بالتعامل مع دجال ساحر. طبعاً بعد أن تجعلها تستمع إلى ما ترويه زوجة هذا الدجال من غرائب قادته إلى السجن.. وأكدت التهمة على الفنانة, إنها (الحاجة فاطمة) قدمت إلى البرنامج بإرادتها لتروي مأساتها مع هذا الرجل غير العادي, قائلة: أنا امرأة عادية وبسيطة كأى امرأة في المجتمع المصري, كنت متزوجة من رجل عادي مثلي ونعيش بسعادة وقناعة إلى أن دخل هذا الرجل حياتنا معتبراً أنه صديق زوجي فدمرها وقلبها رأساً على عقب.
توفي زوجي,فقرر هذا الرجل الزواج بي رغم رفضي الذي لا أعرف كيف حوله هذا الشيطان إلى موافقة. بعد الزواج نقلني إلى فيلا في القاهرة الجديدة, دون أن أتساءل لبساطتي كيف تزوج بي وهو يملك المال وأنا لا أملك إلا نفسي? لقد أوهمني أنه رجل صالح متدين يعالج الناس بالقرآن لأكتشف فيما بعد أنه مشعوذ وبأنه متزوج أكثر من (22) امرأة, قبلي ولا أعرف كيف... طلبت منه الطلاق وإلا فضحت أمره, لكنه هددني بالقتل ولم أكن أعرف لمن ألجأ ولا أحد لي سوى والدتي العجوز التي لا حيلة بيدها, وهكذا بقيت معه لأشهد وأسمع ما لايمكن أن يستوعبه عقل...
كثر هم النجوم الذين يأتون إليه, يطلبون منه أن يساعدهم في أمور حياتهم الشخصية والفنية.
بالنسبة للنجمة المشهورة - صعقني أمر معرفتها به, بل وإقامتها معنا لأيام تعاملني خلالها وكأني (خدامة) لهما.... تأمر وتنهي, بل وتظهر بشكل بشع لا أحد يصدقه عندما يراها.
إحدى المرات طلبت هذه الفنانة من زوجي أن يعمل لها سحراً من أجل أن يحبها ويتقرب منها فنان مشهور وفوجئت بالفنان يأتي إلينا بعد أيام راجياً زوجي ألا يفعل ذلك.
والغريب أننا, بعد أن سمعنا مارددته (الحاجة فاطمة) فوجئنا برأي الفنان المذكور وأيضاً مع تغطية وجهه ليقول عندما سئل عنها... أنه وبعد أن اشترك معها في فيلم عرفها على حقيقتها... وبأنها تعمل أي شيء لتحقيق مآربها... وهو بل وكل من يعرفها ويعرف تصرفاتها يرفض مجرد وضع اسمه أمام اسمها.
أخيراً سألت مقدمة البرنامج (الفنانة المشهورة) عن رأيها بما سمعت... فأجابت بلا مبالاة: إن الحاجة فاطمة تكذب لأنها لا تعرفها ولم ترها في حياتها, وإنها ستقاضيها على ما تفوهت به, مع من دعاها للتشهير بها.. لكنها وبعد أن علمت أن البرنامج سيقوم بمواجهتها مع (الحاجة فاطمة)...
قالت: أنا أعرفه لأن لي الكثير من المعجبين, وأحياناً يتصورون معي.. وهذا لا يعني أنني أزوره... فليس مطلوباً مني معرفة عمل كل معجب أو حتى زيارته... قالت هذا ناسية, أن الفنان مهما تواضع من الصعب أن يتذكر أشكال وأسماء المعجبين الذين يتصورون معه.
لا أريد الدخول في التفاصيل أكثر ولكن أريد التعقيب على ما شاهدته قائلة: امرأة بسيطة مثل (الحاجة فاطمة) لاتعرف المجاملات والكذب وكثر هم العاملون في مجال الفن الذين يتحالفون مع المشعوذين لتحقيق شهرة زائفة أو رغبة رخيصة.
أخيراً يكفي, أما تعلمنا دروساً من احتلالات شتى أغرقتنا في بؤر الضياع واللاجدوى?.
أنقدم أنفسنا لاحتلال بغيض يستبيح عقولنا وأرواحنا ومكانتنا وأهدافنا?.