تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مكافحة الإرهاب.. محاولة أميركية للتمدد في الشرق الأوسط

متابعات سياسية
الأربعاء 5-11-2014
حسن حسن

ربما يكون التوصيف الأكثر شمولاً لما يحدث اليوم هو: « كل الدروب تؤدي إلى الطاحون» وكل السياسات الأميركية في المنطقة يجب أن تؤدي إلى فرض الهيمنة عليها واخراج روسيا منها ، فواشنطن لاتأخذ قرارات مجانية، ومخطط« الشرق الأوسط الجديد»لايزال حلماً يراود الأميركيين حتى اليوم.

وماعجزت عنه الولايات المتحدة في السابق من محاولات لإسقاط سورية ، جاء تنظيم «داعش» ليقدم لها فرصة جديدة مجانية وأقل تكلفة، خاصة إذا ماقرأنا ماوراء الاستراتيجية الأميركية الجديدة ، من التفاف جديد لمحاولة اضعاف سورية وضربها واسقاط الدولة لاحقاً ، وتحت عنوان «مكافحة الإرهاب في المنطقة» يجد الأطلسي أرضاً خصبة للتمدد أكثر في الشرق ، وهذا بالذات مالن يسمح به الروس ، وإن حدث تصبح امكانية الاشتباك المباشر جدية .‏

ولكي يثبت أوباما تمسكه باستراتيجية الحلف الأميركي - الصهيوني في خضم الصراع الانتخابي القائم حالياً، يعمل على مسارين منفصلين شكلاً مترابطين موضوعاً، مع قاسم مشترك بينهما أساسه القلق من الغموض الذي يلف مآلات كل منهما لأسباب الأبرز فيها سوء التقدير والحسابات الانتقائية التي تدفع بها المعايير المزدوجة والنفاق متعدد الأشكال التي ربما ضاق البعض بها ذرعاً ، وهذان المساران هما:‏

1- الاستمرار في دعم دور الكيان الإسرائيلي المقبل ضد سورية أولاً وفي المنطقة ثانياً، وتحسين شروط هذا الدور عسكرياً وسياسياً واعلامياً ، وتفعيله من خلال حلف كيري في جدة تحت عنوان محاربة إرهاب « داعش».‏

2- تمكين مبدأ أوباما بإدارة حرب الإرهاب من الخلف، ولعل من قرأ تغييب أوباما ذكر تنظيم «النصرة» الإرهابي عن استراتيجيته الملغومة رغم وروده في قرار مجلس الأمن 2170 الذي وافقت عليه أميركا يدرك حقيقة الأدوار التي يجري التخطيط لها سواء بالنسبة للكيان الإسرائيلي والعلاقات القائمة مع الجماعات الإرهابية ومن بينها« جبهة النصرة» الإرهابية الأمر الذي بات يثير شكوكاً كثيرة وكبيرة تتعلق بالصمت الذي تبديه المنظمة الدولية وأمينها العام حيال ذلك في الوقت الذي يدفع فيه المواطنون السوريون في الجولان المحتل دماءهم ويشكل تهديداً مباشراً للقوات الدولية / أندوف/ في الجولان السوري المحتل ، حتى إن الحديث عن تواطؤ تفرضه أميركا وتنفذ حيثياته المنظمة الدولية ، إنما أصبح ورقة اعتماد مسبقة الدفع تسعى أميركا إلى فرضها لحساب الكيان الإسرائيلي لاحقاً وعلى حساب سورية وسيادتها الوطنية وحقوقها الثابتة في أرضها ضمن سياق مايسمى « الشرق الأوسط الجديد»‏

وربما بات مفهوم « المعارضة المعتدلة » الآن واضحاً للجميع ، هي « المعارضة» التي تنتهج نهجاً طويل العمر في العلاقة مع الكيان الصهيوني وبمعنى آخر تكون واجهة سياسية للعصابات التي تقاتل على الأرض ولايبدو أن الإعلام الغربي قد ملّ من مشاهدة الأصوات المتطرفة التي تصرخ اللّه أكبر بعد قتل المدنيين والأبرياء ،لأن هؤلاء لديهم مهمة مزدوجة ، الأولى تحقيق انتصارات على الأرض تتيح «للمعارضة المعتدلة» من وجهة نظرهم استلام مقاليد الحكم لتقديم سورية للكيان الصهيوني على طبق من دم ، والثانية أن استمرار ظهور هؤلاء يقوم مقام التبرير للخطوات التصاعدية التي ستتخدها الإدارة الأميركية ضد« الإرهاب» أو لنقل الحرب على « داعش».‏

لكن سيبقى السؤال الأهم هل حقاً أن الولايات المتحدة ستذهب في المواجهة مع روسيا والصين حتى النهاية؟! في التحليل وبعيداً عن المعلومات التي لايجب على أحد ادعاء امتلاكها، يمكننا القول إن الخيارات تضيق ، وبالتالي هناك خياران لايبدو لهما ثالث:‏

الأول : إن الولايات المتحدة باتت تخوض حربها في المنطقة لاحرب‏

الآخرين كذلك الأمر هناك الاتحاد الأوروبي من يسعى لإعادة عهد الحروب الاستعمارية على المنطقة ،لأنه كان ولايزال يحن إلى ماضيه الاستعماري المقيت.‏

إن ضرب الطموحات الروسية بات هدفاً غربياً وليس خياراً يمكن البحث عن بدائل له ، وبالتالي فإن الولايات المتحدة ترى الآن سورية باتت الحلقة الأهم للحلف الصاعد تحديداً ، وعليه فالمواجهة الشاملة قادمة لامحالة .‏

أما الخيار الثاني : فهو يبدأ من حيث انتهينا ، أي بردة فعل الطرف الثاني على كل مايخطط له الأميركيون وأذنابهم ، وقد أعلنت روسيا « إننا لن نغير سياساتنا المبدئية ولن نتصرف لإرضاء مطامع واشنطن الجيوسياسية كما أكدت ايران أن التحالف الدولي ضد« داعش» لايتعدى كونه حركة استعراضية في محاولة من جانب دولة لتحسين تاريخها المعروف بدعم الإرهاب.‏

وليس بعيداً ، فإن المبعوث الدولي دي مستورا قد حمل من الرئيس بشار الأسد رسائل لدعم مهمته بما يضمن القضاء على الإرهاب واجبار داعميه على الالتزام بالقرار 2170 وقد أكد ذلك بتصريحات له عقب اللقاء بقوله : « إن الإرهاب أصبح مصدر قلق وخوف عالمي».‏

ولعل ذلك هو المسار الذي تحملت فيه سورية مواجهة مسؤولياتها دفاعاً عن سيادتها وعن القانون الدولي، وأما الزبد الذي يطفو على السطح فليس له إلا التلاشي أمام وقائع النجاحات البطولية التي يصنعها الجيش والشعب في سورية الصمود.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية