كرأس إخطبوط يوزع القتل والدمار كيف يشاء، وهو الذي صنع الإرهاب العالمي بتجنيده وتدريبه لآلاف المرتزقة ونشرهم في شتى أصقاع الأرض، يضربون يمينا وشمالا كل الانجازات التاريخية والحضارية التي حققتها البشرية عبر آلاف السنين خدمة للمصالح الأمريكية الآنية والذاتية والاستراتيجية (العنصرية). إن أميركا بسياستها المعادية للشعوب تشكل رأس الأخطبوط.
وتجلت سطوة الإرهاب وخطورته في أيامنا هذه ليس بتأثيره السلبي وغير المسبوق على المدنيين العزل وقتله لعشرات الآلاف في أفغانستان والعراق وسورية ولبنان ومصر والجزائر واليمن، بالسيارات المفخخة وبقطع الرؤوس فقط، إنما بتهجير الملايين من مدنهم وقراهم، حتى أصبحت مشكلة اللاجئين خارج الحدود والمهجرين داخله، مشكلة تفوق قدرات المنظمات الدولية والمحلية وقدرة الدول المبتلية بالإرهاب في تأمين الحد الأدنى من الشروط الإنسانية، في حين تعتبر (داعش) من أغنى التنظيمات الإرهابية تمويلا، بل أغنى من بعض دول المنطقة أيضا، وذلك من سرقة النفط السوري والعراقي وبيعه في السوق السوداء بواسطة عثمانية حاقدة، ناهيك عن سرقة موارد أخرى وأموال بدل اختطاف.
إن تنظيم (داعش) يحاول جاهدا السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي في كل من سورية والعراق (حاليا) وذلك بإرسال آلاف المتطوعين إلى جبهات القتال، بينما البعض من قادته وبمساعدة استخبارات عالمية يتفرغون لبث الفتنة واللعب على أوتار الطائفية والمذهبية والعقائدية من منبج في سورية إلى ديالى في العراق، ليلاقي بذلك استراتيجيا المشروع الغربي وإسرائيل في إتباع سياسة (فرّق تسد) القديمة الحديثة في المنطقة العربية، لتفتيت وتقسيم دولها وتحويلها إلى دويلات طائفية مذهبية، تمهيدا لإعلان الدولة اليهودية في فلسطين، وبما يتماشى مع مشروع (رأس الأخطبوط) واشنطن، في إقامة مشروع الشرق الأوسط الجديد.
إن ضربات التحالف الاستعراضية قد حولته إلى هيكل مسطح لا مقرات فيه ولا مراكز قيادة ثابتة، وعليه فان جعبة التحالف من الأهداف سرعان ما تنضب، في حين يستمر الدواعش في قضم المزيد من الأراضي وجذب الآلاف من المتطوعين كما ذكرنا ليشكل تهديدا ليس لدول الإقليم فحسب بل للعالم أيضا، وما كان هذا ليكون لولا السياسة المترددة والبطيئة والضبابية لرأس هذا التحالف (أميركا) المتعددة المعايير، التي تهدف إلى طرد إرهابيي داعش من العراق، ولكن لم يخبرنا اوباما وتحالفه إلى أين سيتم طردهم!! وخاصة أن الفراغ الذي سيخلفه غيابهم يمكن أن يخلق وحوشا ضارية أسوأ من داعش نفسها، ومن المؤكد أن اوباما يريد طردهم إلى سورية فقط لإسقاط الدولة السورية حكومة وشعبا وجيشا، ولكن عليه وعلى حلفائه الأجراء، أن يعلموا أن هذا الخيار قد يدخلهم جميعا في حقل ألغام جيوسياسي لاتحمد عقباه.
إن القضاء على الإرهاب الذي بات يهدد العالم بأسره، يتطلب صحوة دولية شاملة ومواقف حقيقية صادقة وصارمة ضده وضد داعميه ومموليه.