تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أميركا وإسرائيل.. وعقدة فلسطين

جيروزاليم بوست
ترجمـــــــــــة
الأحد 7-4-2013
 ترجمة: ليندا سكوتي

لم نتعمد مغادرة مدينة القدس لأننا علمنا بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيحل بين ظهرانينا زائراً لكننا في واقع الأمر لم نجد من ضرورة تستدعي إجراء تغيير فيما سبق وأن قررنا القيام به

،ولأننا على علم مسبق بما يحل بالمدينة من هرج إبان الزيارات التي قام بها من سبقه على رئاسة الولايات المتحدة.‏

لقد حططنا الرحال في اليونان كما كنا مقررين في السابق وبفضل تلك الزيارة نأينا بأنفسنا عن الدخول في التحليل والتفسير لكل كلمة يتفوه بها الرئيس أوباما وعما يعنيه أو لا يعنيه منها ولعلمنا بشكل مسبق بأننا نستطيع الوقوف على كل ما جرى إبان تلك الزيارة عبر المصادر المطلعة على بواطن الأمور.‏

يمكننا القول بأن الرئيس الأميركي قد نجح إلى حد ما في تحقيق الهدف الذي يرمي إليه من زيارته لإسرائيل ألا وهو الاقتراب بشكل أكثر حميمية من الجمهور الإسرائيلي ،وقد أظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت إثر الزيارة تزايداً في شعبية الرئيس وانحساراً في النظرة إليه باعتباره يعطي المزيد من التأييد والدعم للشعب الفلسطيني.‏

وعلى النقيض من ذلك لم يلق من الفلسطينيين ما يأمله من ترحيب لكونه لم يتصرف معهم بشكل مناسب على غرار تصرفه مع الإسرائيليين الأمر الذي جعلهم يلجؤون للقيام بالعديد من المظاهرات قبل وإبان زيارته إلى بيت لحم ورام الله وظهر ذلك بشكل جلي من خلال ما قام به عرب إسرائيل إبان خطابه الكبير الموجه إلى الطلاب الإسرائيليين.‏

ولم يكن أوباما مصيباً عندما اتخذ قراره بعدم دعوة طلاب جامعة أرئيل لحضور خطابه الكبير في الحين الذي صرح به أحد المسؤولين في البيت الأبيض بأن المستوطنات اليهودية باتت تشكل مصدر إزعاج في الشرق الأوسط.‏

رأى العديد من المعلقين السياسيين في التصريحات والتلميحات التي أدلى بها أوباما وبعض مستشاريه بأن الرفض الفلسطيني والتباينات القائمة في النظام السياسي لدى الفلسطينيين قد أحدث اختلافا حادا في النظر إلى حل الدولتين يشابه في مضمونه العناد والتمسك الذي يبديه الإسرائيليون.‏

عبرت أميرة هاس مراسلة صحيفة الهآرتس التي اختارت الإقامة في غزة عن الواقع الذي يعيشه القطاع ومن ثم انتقلت لأسباب أمنية للإقامة في رام الله والتي ما انفكت تكتب عن المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون جراء المخاوف الإسرائيلية المفرطة حول الأمن الإسرائيلي ومن تصرفات جنود جيش الدفاع الإسرائيلي تجاههم. وفي هذا الأسبوع كتبت عن التناقضات القائمة بين ما يحلم به الفلسطينيون من استقلال وخشيتهم وتحسبهم من غضب إسرائيل والولايات المتحدة التي تعتمد عليهما في توفير الأموال اللازمة لتأمين احتياجاتهم ذلك لأن الطرفين يتحكمان بالموارد الفلسطينية وكل منهم إذا غضب عمد إلى معاقبة السلطة الفلسطينية بالحجز على أموالها أو التوقف عن تقديم الإعانات لها ويضاف إلى ذلك مشكلات أخرى تتعلق بالمنح التي تتلقاها السلطة الفلسطينية سواء من مصادر عربية أو أوروبية حيث يلاحظ عدم الالتزام بتسليم تلك الأموال في الوقت المحدد.‏

وصفت هاس الواقع الراهن حيث يخصص الجزء الأكبر من الأموال التي ترد للسلطة الفلسطينية إلى صالح الأمن أما القسم المتبقي وهو الأصغر فيذهب إلى التعليم والثقافة وإذا ما فرضنا أن الميزانيات المنشورة تقترب من الواقع فإن الأرقام الواردة بها تبين بأن معظم موارد الفلسطينيين تتوجه لحفظ النظام في الوقت الذي تتزايد به حاجة الجماهير إلى خدمات أخرى الأمر الذي جعل صبرها ينفد وأعطانا تفسيراً للأسباب التي دعت الفلسطينيين للنظر إلى حكومتهم بكثير من الازدراء تفوق وجهة نظر الإسرائيليين تجاه حكومتهم.‏

لا ريب بأن الأسباب التي دعت الفلسطينيين للغضب من أوباما تمثلت بشكل رئيس بعدم اتخاذه أفعالاً لمعالجة المعضلات القائمة مع إسرائيل يضاف إلى ذلك ما يحصل في سورية من قتل وتشريد لمئات الألوف فضلا عما يحدث في مصر الأمر الذي يعطي الدليل على أن أوباما لم يجن أي شيء من خطابه الذي ألقاه في القاهرة عام 2009 باستثناء حصوله على جائزة نوبل للسلام التي لا يستحقها أصلاً.‏

من المعلوم بأن الأميركيين في اختيارهم لقادتهم تجذبهم الخطابات الرنانة ويسعدون بما يغدقونه عليهم من وعود براقة أما بالنسبة لعلاقة الرؤساء مع دول العالم فإن مواطني الولايات المتحدة لا يضيرهم ما يمكن أن يصدر من أفعال تجاه الآخرين. وربما يكون باراك أوباما أفضل من الرؤساء الأميركيين الذين سبقوه بالنسبة إلى شعبه لكن هذا الاقتراب كان على حساب تصرفاته مع شعوب أخرى.‏

إن مبدأ حل الدولتين مازال يراوح في مكانه على الرغم من أن الكثير من دول العالم وفئات من الشعب الإسرائيلي تؤيد هذا الحل وربما يستحق الفلسطينيون أن تكون لهم دولة خاصة بهم على الرغم من ثقتنا بعدم وجود الكفاءة السياسية التي تتيح لهم قيادة مثل تلك الدولة. ويقول البعض بأن لدى الأميركيين 50 ولاية يستطيعون منح إحداها للفلسطينيين دون أن تتأثر بلادهم أو يفقدوا الكثير من ثرواتهم الوطنية لكن هذا الإجراء عصي على التطبيق لأن ثمة مشاكل أخرى في العالم تماثل ما يحدث مع الفلسطينيين برغبتهم إنشاء دولة خاصة بهم مثل الباسكيين والكتالونيين والاسكوتلنديين والكنديين الفرنسيين وغيرهم. كما وأنه من المسلم به بأن شعب أي ولاية لا يقبل بالتنازل عن جزء من أرضه لإقامة دولة فلسطينية ويرى الإبقاء على الشعب الفلسطيني حيث هو.‏

لم يتسن لي التعرف بعمق وعن كثب على اميرة هاس ،لكني على ثقة بأن معظم اليساريين الإسرائيليين لن يضحوا من أجل الفلسطينيين ويعودوا إلى البلاد التي قدموا منها.‏

من السابق لأوانه توقع النتائج والتأثيرات الناجمة عن الزيارة التي قام بها الرئيس إلى إسرائيل والتي جاءت قبل عيد الفصح اليهودي حيث تعطل سائر المؤسسات في إسرائيل وتغص الحدائق والمواقع السياحية والفنادق والأسرة والمطاعم في القدس والجليل بالزوار وتصرف وسائل الإعلام جل اهتمامها للحوادث المرورية والمآسي ضاربة صفحاً عن القضايا السياسية وسيمضي الكثير من الأيام قبل المباشرة الجدية في البحث في نتائج تلك الزيارة وحتى يحين الوقت المناسب دعونا نعش حالة من الأمل والتفاؤل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية