بعد شهر ونيف من بدء الحرب في مالي وتحرير عدة مناطق من سيطرة الجماعات المتطرفة، ورغم شدة الصراع وضراوة الحرب..
تبدو مدينة تمبكتو عصية على التدمير والخضوع والاحتلال، وكأن حضارتها وجذورها الضاربة في أعماق التاريخ أكسبتها المناعة والحصانة للوقوف في وجه الغزاة والمتمردين. وتمثلت خسائر الحرب في إتلاف بعض المخطوطات وتدمير أضرحة شيوخ وعلماء، لكن هذه الخسائر لم تؤثر في كنوز تمبكتو النفيسة.. أما فوائدها فكانت وعي المجتمع الدولي بأهمية المدينة والتفاف المنظمات الثقافية حولها لتعويض خسائر الحرب وسنوات الإهمال. ولعل إعلان منظمة اليونسكو عن استعدادها إعادة بناء الأضرحة بتمبكتو، ووضعها خطة عمل بقيمة تتجاوز عشرة ملايين دولار للحفاظ على مخطوطاتها القديمة، وترميم الإرث الثقافي، يؤكد ان تمبكتو لم تخرج خاسرة من الحرب.
يقول الباحث في مشروع مخطوطات تمبكتو الشيخ ولد بابانا إن غالبية المخطوطات القديمة بالمدينة قد سلمت من الإتلاف، باستثناء بعض المخطوطات التي اختفت وربما احترقت حين أضرم المسلحون -الفارون من المدينة- النار في معهد أحمد بابا للتوثيق والأبحاث، ويضيف أن «مكتبة المعهد التي تحتوي على آلاف المخطوطات التاريخية النفيسة التي كتب أغلبها علماء عرب، سليمة بفضل الباحثين الذين نقلوا كنوزها إلى مكان آمن وحفظوها خلال الأزمة التي عاشتها تمبكتو».
ويقول الباحث: «في الأشهر التي استولى فيها المتمردون الإسلاميون على شمال مالي وسيطروا على تمبكتو، ظل المسؤولون عن المكتبات والباحثون يعملون بهدوء لحفظ المخطوطات وضمان سلامتها من الصراع الدائر حيث تم نقل بعضها إلى مكان آمن وحفظت أخرى في حقائب خشب ودفنت في سراديب تحت الرمال».
ويشير الباحث إلى أن مكتبات تمبكتو تحتاج إلى الدعم المالي وجهود الأكاديميين والباحثين لدراسة مخطوطاتها وتقييمها ويضيف: «نحن في انتظار التفاتة المنظمات الثقافية وجهود الباحثين وخاصة بعد أن تضع الحرب أوزارها لتقييم خسائر الحرب والفترة التي سيطر فيها المتمردون الإسلاميون على تمبكتو». وتحفظ في معهد أحمد بابا للدراسات العليا والأبحاث الإسلامية ما بين 60 ألفاً الى 100 ألف من المخطوطات بحسب وزارة الثقافة المالية، كما تضم مدينة تمبكتو مكتبات عائلية يقدرها الباحثون ما بين 60 إلى 80 مكتبة خاصة تحتوي على أكثر من 20 ألف مخطوطة في كل شيء من علم الفلك والرياضيات إلى قوانين الشريعة الإسلامية والصوفية والفلسفة.
***
الســــــــينما فــــــــي قبضـــــــة «كبار الســـــــن»
تجاهلت السينما طويلاً الفترات الأخيرة من حياة الإنسان مثل فترات الشيخوخة والموت. في السنوات الأخيرة ظهرت مجموعة من الأفلام تعرض مسارات حياة العجزة ومعاناتهم، كما تم السماح لهم بلعب الأدوار الرئيسية في عدد من الأفلام.
بعد بلوغهما السبعين من العمر، جاء الموت ليفرق آرتور الزوجَ البريطاني عن زوجته، فوجد الزوج نفسه وحيداً من دون ونيس. ويتعاطى الزوج لهواية زوجته المتوفاة، الغناء في الكورال. إنها قصة فيلم «أغنية لماريون»
الذي يعرض حالياً في دور السينما الألمانية ضمن مجموعة من الأفلام التي تعالج موضوع التقدم في العمر والمسنين. لقد ازداد عدد الأفلام التي يلعب فيها المتقدمون في العمر فوق الستين دور البطولة. وهذا لا يقتصر على السينما الألمانية فحسب، وإنما ينطبق أيضاً على عدد كبير من الأفلام التي صنعت في هوليود أو خارجها على السواء.
وتلاقي تلك الأفلام نجاحاً لافتاً، سواء الأفلام التي تمّت معالجتها من خلال قالب الميلودراما كفيلم «غلوريا» الفائز بعدة جوائز في الدورة الأخيرة لمهرجان برلين السينمائي، أم بقالب كوميدي.
ومع تنوع تلك الأفلام، اختلفت زوايا المعالجة للموضوع. ومن ثم ظهرت أفلام مثل «الحب» الفائز بجائزة أوسكار والذي عالج موضوع الموت الرحيم والخرف؛ إضافة إلى فيلم «الرباعية» لمخرجه داستين هوفمان حول العجوز الذي صمم على ترك بصمات خالدة في حياته قبل وفاته
صناع السينما والشيخوخة
وحول الأسباب التي دفعت صناع السينما إلى الاهتمام بتلك الفئة العمرية، يقول ديتر هيرتل مدير مسرح ريكس في مدينة بون الألمانية، إن» «فئة «المسنين» تواظب على الذهاب إلى السينما التي تعتبرها سلوكاً ثقافياً ضرورياً. على عكس الفئات العمرية الشابة التي تفضل مشاهدة الأفلام عبر الإنترنت أو جهاز بلو راي. وهذا يعني أن المتقدمين سناً أصبحوا زواراً يتوافدون على دور السنيما بشكل دائم»