تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الســــابع مـــن نيســـان.. صــورة إنجاز ومشــهد حيــاة

مجتمع
الأحد 7-4-2013
غصون سليمان

في هذه الذكرى الغالية، وفي هذا اليوم العظيم من تاريخ سورية النضال لن نتحدث عن أدبيات الحزب بين النظرية والتطبيق على أهميته الكبرى ولاعن كم الإنجازات والمكاسب التي تحققت تحت راية وقائد مسيرته.

بل نشيرإلى بعض أوجه الحياة التي عاشها أفراد هذا المجتمع في ظل تطور إيقاع الحياة على امتداد الخارطة السورية ريفاً ومدينة منذ تحمل هذا الحزب أعباء النهوض والتحدي حتى استطاع إنجاز دولة القانون والمؤسسات والتقدم الاجتماعي والسياسي والعسكري والاقتصادي والثقافي.‏

وفي شريط الذاكرة أستعرض بعضاً مما شاهدناه نحن أبناء هذا الجيل في بعض الصور ففي عام 1979 تخرج أخي الكبير من جامعة دمشق قسم الجغرافية، ومن كانوا في قريتي يدرسون في التعليم العالي لايتعدون أصابع اليد في تلك الفترة، وكان أغلب أبناء سورية ريفاً ومدينة من أصحاب الدخل المحدود وإن كانت الغالبية العظمى تعمل في الأرض والزراعة وبعض الصناعات والورش الصغيرة.‏

بعض الوفرة‏

وفي أواخر الستينات وبداية السبعينات كان جيلنا يتمتع بشيء من البحبوحة الحياتية، من حيث المدرسة الابتدائية موجودة في كل قرية وفي حال عدم وجودها لأسباب مختلفة يمكن للتلميذ أو الطالب الذهاب إلى قرية أخرى مجاورة، فيما كان اللباس المدرسي، المريول الخاكي وربطة العنق الأنيقة (فُلار الطلائع والقبة البيضاء)، تزين جيد الذكور والإناث كنّا كل صباح نحيّي علم البلاد برفعة على سارية المدرسة، نحيّي معلمنا ومعلمتنا نصطف بانتظام، ندخل قاعات الصف لنتبارى في حفظ حروف اللغة العربية، وجدول الضرب، وبعض أبيات الشعر.‏

وفي حصة الطلائع كنّا نفرح كثيراً ونشعر بالسعادة ونحن نردد شعارات وهتافات وأناشيد الوطن والطفولة والحياة، والتي نمت فينا كما النسغ لنعرف اليوم أهمية ذاك الغذء الوطني ونحن نتحدى أعتى الهجمات الوحشية.‏

في المرحلة الابتدائية لم يكن هناك هم في تأمين الكتاب فهو مؤمن حتى مستلزمات القرطاسية كانت متواضعة جداً والاعتماد عليها كان يتم حسب الإمكانات المادية، بمعنى أنها لم تثقل كاهل العائلات المعدمة مادياً والميسورة بعض الشيء.‏

وفي المرحلة الإعدادية تطورت مسيرة الحياة إذ أصبح هناك تجمعات مدرسية ضخمة بنتها الدولة في معظم مناطق الريف بحيث تستقطب العدد الأكبر من أبناء القرى المجاورة والذين بإمكانهم القدوم إليها سيراً على الأقدام ما وفّر أيضاً الجانب المادي على الطالب والأهل كذلك لم تكن هناك فروقات بين أبناء القرى والأحياء والمدن الأخرى سوى بسلوك الطالب وأدبه واجتهاده وتميزه وتفوقه الدراسي، لأن اللباس يوحدنا والنهج التربوي الوطني يغذي حالة عشقنا للأرض، للمدرسة للوطن، للعلم، لحماة الديار، ولكل المعالم السامية.‏

بناء المستقبل‏

نال معظمنا شهادة الثانوية العامة بفروعها المعروفة، بعضنا دخل الجامعة والبعض الآخر التحق بمعاهد دور المعلمين (الصف الخاص) ومعاهد التربية الرياضية والعسكرية (الفتوة) والمعاهد الأخرى المتخصصة.‏

وآخرون اختاروا أن يكونوا جنوداً في كليات الوطن العسكرية من حربية وبحرية وجوية وفنية.‏

وفي هذه المساحة مازلت أذكر وأبناء جيلي في ثمانينات هذا القرن حين دخلنا الجامعة كيف أنّ تلك الورقة النقدية الزرقاء والتي كانت «تسمى أم الطربوش أي الـ 500ل.س» وبهذه القيمة استطعنا أن نسجل في السكن الجامعي برسم 125 ل.س عن كامل العام الدراسي وما تبقى يمكن شراء ربع مانحتاجه من المقرر الدراسي ربما وتعود إلى محا فظتك وقريتك التي خرجت منها وبجيبك بعض النقود.‏

في الجامعة تتسع المدارك وتتسع مساحة الوعي، وتتبلور معاني الشخصية أكبر، فأنت في صرح تعليمي عالٍ جداً يضم في حرمه أبناء وطلاباً من كل أنحاء سورية ودول العالم العربي والأجنبي.‏

في الجامعة لم نكن نعرف من الطائفية إلا اسمها، مجرد اسم فقط دون أي خلفية لذلك، دون أي تفصيل مايهمنا أن ننهل من معين الجامعة فن العلم والحياة وبناء المستقبل.‏

أما في السكن الجامعي فكان وجه ولون سورية بأبهى صوره كنّا نعيش أربع فتيات من محافظات أربع حماة درعا حمص دير الزور وفي أوقات الامتحان يتضاعف العدد ومع بداية كل عام أيضاً، فالطالب الراسب أو من يتأخر صدور قوائم سكنه كان ضيفاً وأخاً وأختا عند الأ صحاب والأصدقاء الذين تعرف عليهم في السنة السابقة وربما في الفصل الأول، كنّا نؤازر بعضنا نحب سوريتنا نعتز بخصائلنا نتعاون ندرس سوية في الممرات والكوريدورات وأحياناً فوق سطح الوحدة التي نسكنها وحتى بيت الدرج، هناك عالم آخر من التحدي لاجتياز الامتحان والنجاح نهاية العام.‏

النشاط الاجتماعي‏

ولم يكن النشاط الاجتماعي يقتصر على الدراسة بل كانت هناك فعاليات رائعة تقام كل عام على مدرج كلية الهندسة المدنية وكلية الآداب والتي كانت تعرف بحفلات التعارف وتقدم على المسرح أكثر من لغة يمثلها ويقوم بإعداد مشاهدها وصورها طلاب سوريون، وحسب هموم كل كلية في جامعة دمشق من علمية وأدبية كان يعزف عليها الهواة الطلاب، وحين انتهاء العرض كانت باصات النقل الداخلي والتكاسي الصفراء عامرة في الليل كما حركة النهار فلاحاجة للانتظار بإمكانك أن تصعد أي حافلة دون توتر وبأجر رمزي فأنت مخير أمام بحبوحة الجيبة دون أي إحراج.‏

في الجامعة كان الحراك السياسي متفاعلاً فذاك ينتمي إلى حزب البعث العربي الاشتراكي وذاك إلى الحزب القومي السوري الاجتماعي وآخر إلى الحزب الشيوعي وآخر إلى الحزب الناصري، إضافة إلى المستقلين ومن كان ينتمي إلى حركات وتيارات لم يفصحوا عنها ربما إلى اليوم؟!.‏

وكنّا نتعاطى في نقاشاتنا وحواراتنا بكثير من المسؤولية وإن وصل بعض النقاش حدّ الصراع وتعالي الأصوات، ولكن سرعان ماكانت تبرد القلوب وتجمعنا على الطاولة كأس من الشاي أو فنجان القهوة مع قراءة قصيدة شعر لنزار قباني أو معلومة في كتاب الطب علم التشريح أو ذكر عنوان مثير في عالم السياسة أو الاقتصاد أو الأدب.‏

وفي الصباح أو المساء حسب موعد المحاضرات نتوجه سوية إلى فروع كلياتنا حيث مدرجات علمنا وعلومنا المعنونة بأسماء أعلام الوطن من مفكرين وأدباء وفلاسفة تنحني أمام نتاجهم ونضالهم الهامات.‏

الحياة العملية‏

أنهينا الدراسة الجامعية، وانطلقنا إلى الحياة العملية المنتجة وبالتأكيد لم تكن سهلة وتأمين الوظيفة كان يحتاج إلى كذا واسطة، لكن الحياة بمعناها التفصيلي لم تكن معقدة إلى هذا الحد.‏

فالوفرة والخيرات بادية في جميع أسواقنا ومتاجرنا ومعاملنا ومصانعنا وفلاحنا ينشد عذوبة الأرض بما يحصده ويجنيه، فيما الطرقات بشبكاتها وعقدها الطويلة والقصيرة قد حوّلت سورية إلى عائلة تكاد تعيش في مكان واحد متقارب جداً إذ ليس صعباً أن تغادر طرطوس صباحاً لتحلّ مساء في السويداء وفي اليوم الثاني تغادر إلى حلب أو أي محافظة أخرى.‏

وإذا مرض البدن واعتلت الصحة لا أحد يتفضل عليك أو يُمننك أيها المواطن السوري بشيء فأنت سرعان ماتذهب إلى مشافي الدولة المجانية ومراكزها الصحية المنتشرة في كل مكان وتجري أعقد العمليات عند الحاجة والضرورة بأبسط التكاليف.‏

لم تقصر‏

إن دولة المؤسسات لم تقصر مع أبنائها فهي أعطت كل ذي حق حقه إلى حد كبير من ثورة العامل والفلاح إلى ثورة المعلوماتية والتقنية.‏

ولولا المفهوم التربوي والقيمي والأخلاقي والوطني والرعاية الأبوية للدولة التي تغذت عليه براعم الطفولة من طلائع البعث وفتيان شبيبة الثورة وعقول طلبة سورية من نهج قويم وصحيح إلى جانب فاعلية المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والجمعيات الأهلية بكل فروعها وتسمياتها من عمال وفلاحين وحرفيين وصيادلة وأطباء ومهندسين و محامين ومقاولين ومعلمين وغيرهم الكثير، وبالتالي لولا هذا البنيان المتكامل بالحجر والبشر هل كان بإمكانه أن يصمد أمام الهجمة الشرسة في هذه الأيام لو لم يكن الأساس متيناً وقائد سفينة سورية وربانها القائد الخالد حافظ الأسد، وكل من أخلص لمسيرة الحزب من شرفاء هذه الأمة، واستمر النهج القويم لسياسة السيد الرئيس بشار الأسد الذي حافظ على إرث وثوابت ومقومات سورية العظيمة على جميع الأصعدة.‏

فهل هناك أعظم من الحرية حين تستطيع أن تنتقل الفتاة السورية من أقصى الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب لوحدها دون خوف أو وجل سواء أكانت طالبة أو عائلة أو في رحلة أو مهمة وظيفية؟.‏

في سورية خلال الـخمسين عاماً الماضية لايحتاج من ليس لديه قدرة مادية أن ينزل في فندق إذا جاء متأخراً ليلاً ليلتحق بقطعته أو مكان عمله فالحدائق العامة تستقبلك على مقاعدها الخشبية وعشبها الأخضر دون أي خوف فالبواب يحرس لوحده وهذا يكفي.‏

كما لاتحتاج إلى مطعم لتطلب وجبة عشاء أو غداء ترهقك أسعارها، فمحلات الفول والفلافل والأكلات الشعبية التي تعتز بها وتحبها تحصل عليها بأسعار زهيدة ودون طول انتظار على عكس ماهو قائم اليوم.‏

وإذا عطشت فمشارب السبيل منتشرة ومتواجدة في الشوارع الرئيسية والفرعية والساحات تروي ظمأك بيدك وكأنك تنهل من نبع ماء أو ساقية تجري في ريفنا الجميل.‏

في سورية من النعم والخيرات ومقومات الحياة الكريمة مالايعد ولايحصى فهي الدولة الوحيدة من دول بلدان العالم الثالث والقليلة من بين دول العالم المتقدم التي استطاعت أن تحصن استقلال قرارها السياسي باستراتيجية الدعم الإنتاجي الزراعي والصناعي والخدمي فكان القمح والقطن والنفط وشبكة الاتصالات والمياه والكهرباء ورأس المال البشري الذي أثبت قدرته على الصمود في وجه رياح التغيير وما تحمله من ويلات وكوارث على هذه الأمة وهذا الشعب فكل من تنكر لمنجزات حزب البعث العربي الاشتراكي وتاريخه النضالي الطويل نسأله لولا مدرسة هذا الحزب وما بنته وعززته وأنجزته لو لم يكن عظيماً وقوياً ومقاوماً وممانعاً هل كانت سورية تعرضت لمثل هذه الهجمة الشرسة بأنيابها الطويلة والقصيرة بل لنقل هل كان هناك شيء من سورية الموحدة؟!.‏

الإرهابيون «الثورجيون» المتطفلون الرجعيون، كشفوا المستور فبانت العورات على حقيقتها وحسب مقاس كل جسد ونمرة عربية وأجنبية ومحلية.‏

كل عام والجمهورية العربية السورية بألف خير قائداً وجيشاً وشعباً ومدرسة وطنية نكمل على مقاعدها وفي صفوفها مشوار دربنا الطويل في الصمود والعطاء ومكافحة الإرهاب .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية