من الملاحظ أن السياسة الغربية عموماً لا تزال تعيش في أجواء الحرب الباردة، تحاول أن تمارس عاداتها وطقوسها البائدة رغم كل التغيرات التي طرأت على المشهد الدولي في السنوات الماضية، إذ ما زال سيف الحصار والعقوبات الصدئ يشهر في وجه المعارضين والخصوم على أمل تحقيق مكاسب اقتصادية جديدة أو فرض إملاءات وشروط سياسية.
ورغم فشل هذه السياسة وانتهاء صلاحيتها منذ زمن بعيد ـ والمثالان الكوبي والإيراني حاضران بقوة ـ ما زال الغرب يجرب نفس أسلحته القديمة، ما يؤشر إلى عقم نظرته وإفلاس خياراته الإستراتيجية في مواجهة المد الروسي الصاعد، فما حققته روسيا في عهد بوتين من نهوض وتقدم وتطور في جميع المجالات لم يكن صدفة أو صدقة من الغرب أو منة من أحد، ولذلك يدخل الغرب في حمى حساباته الخاطئة إذا توهم بأن روسيا العائدة بقوة إلى المسرح العالمي ستتخلى عن دورها المستعاد أو تساوم على مكانتها التي تتعزز يوماً بعد آخر مقابل بعض التسهيلات التجارية أو تحت ضغط بعض العقوبات الاقتصادية أو التهديدات الارهابية.
وأمام هذه الحقائق الساطعة يبدو بوتين واثقاً من قدراته وقدرات شعبه، وهو بالتأكيد لم يطلق هذا التحدي من فراغ بل استند إلى تاريخ طويل من الانتصارات الروسية على الخصوم والأعداء، ولا ضير في مواجهة جديدة مع الغرب تعزز دور روسيا المتعاظم بين الكبار وتنهي إلى غير رجعة حقبة الأحادية القطبية والتفرد الأميركي بمصير العالم.