تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رســـالة إلى يـــوري افـنيري

الترانفو Alter inFo
ترجمة
الثلاثاء 29-9-2009م
ترجمة: دلال ابراهيم

في الآونة الأخيرة نشر داعية السلام اليساري، وزعيم كتلة السلام (غوش شالوم) يوري أفنيري عدة مقالات دعا فيها قراءه إلى التخلي عن (حلم) الصهيونية،

وعبر عن رفضه للنداء الفلسطيني الداعي إلى مقاطعة اسرائيل. الكاتب الأميركي اليهودي جيف بلانكفورت رد عليه في رسالة نشرها موقع الترانفو:‏

عزيزي يوري:‏

قرأت ردود الأفعال لبعض من النقاد التي أثارتها معارضتك لمقاطعة اسرائيل، وكنت أدرك منذ زمن أن ثمة حدوداً لأفكارك النضالية ورؤيتك للعالم، ولذلك فهذا لم يثر دهشتي. لقد كرست جهداً كبيراً ووقتاً طويلاً، منذ سنوات عديدة، بهدف تطبيع احتلال اسرائيل للأراضي الفلسطينية لنزع الاعتراف أن الظلم لم يرافق إنشاء دولة اسرائيل فحسب، بل كان ضرورياً لها.‏

ولم يكن الزمن كفيلاً بمحو آثار هذا الظلم، كما لايهم عدد المرات التي ذكرت فيها الآخرين بالهولوكست النازي.‏

إن إقامة اسرائيل على أساس طرد الفلسطينيين من قراهم وبيوتهم جرى التخطيط له قبل أعوام طويلة من وصول هتلر إلى السلطة، ومع ذلك لم يحتل موضوع هتلر موقعاً له في الجدال الدائر.‏

إن حجج معارضة قيام اسرائيل يعود تاريخه إلى الأعوام الأولى من القرن الماضي، وهي معروفة جيداً وقد تقدم بها يهود مناهضون للصهيونية وغير صهاينة، والكل قدم البرهان على صحة حجته، وبالتالي ليس مستغرباًَ أن شرعية قيام اسرائيل لم يتم الاعتراف بها من قبل الفلسطينيين ولامن قبل شعوب أخرى في منطقة الشرق الأوسط.‏

والحقيقة لقد استخدمت الصهيونية الدعاية في العالم أجمع، ونجحت في تصوير نفسها في تلك الدعاية كمشروع استعماري إعماري في وقت كان مصطلح استعماري يتنحى عن الاستخدام. لقد زامن إنشاء اسرائيل الحقبة التي كانت فيها باقي دول العالم تخوض كفاحها من أجل التخلص من الاستعمار، ولولا تأثير هذه المجموعات المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة وأوروبا، ولولا السلاح الذي انهال عليها من أجل دعمها ماكانت اسرائيل لتكون على غرار الجزائر الفرنسية سوى فصل قصير شاذ في كتاب التاريخ ( ومن المناسب الإشارة هنا أن الدعم الاسرائيلي للنظام الاستعماري الفرنسي ضد المقاومة الجزائرية قاد إلى أن تكون فرنسا هي المورد الرئيسي للسلاح إلى اسرائيل لغاية عام 1967).‏

وأنت تعرف حق المعرفة أنه ومن أجل الحفاظ على اسرائيل، اسبارطة الشرق الأوسط يتخذ (اللوبي المؤيد لاسرائيل) ومنذ زمن طويل، من الكونغرس الأميركي أداة للضغط من أجل خنق القليل مما تبقى من الديمقراطية الأميركية.‏

ألا تتذكر أنك نددت بالطريقة التي كان يحاول فيها الرؤساء الأميركيون الواحد تلو الآخر حل الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني، وأن كل واحد منهم كان يرغم من قبل اللوبي الاسرائيلي على الانسحاب من ساح المعركة ويجرون ذيول الخيبة؟‏

وعقب فشل كل واحد منهم تعود إسرائيل إلى سرقة الأراضي الفلسطينية، وتوسيع مستوطناتها، ومن دفع ثمن ذلك برأيك؟ كما نعرف بلا ريب أنني ضد وجود دولة اسرائيل ووجود أي دولة يهودية مهما كانت تسميتها، دولة مبينة على مفهوم أن أي يهودي من أي رقعة من العالم له الحق في أن يعيش في تلك الأرض التي يعرفها كل العالم، ويعترف بها بأنها فلسطين، وأن العرب الفلسطينيين هم أهلها منذ ولدوا.‏

وإن كنا لانستطيع أن نصف الوضع الحالي باللاأخلاقي واللاعنصري علينا أن نجد لتلك الصفات تعاريف أخرى، ولكن أنت في الظاهر لاتفكر بها، أنت ترفض آراء أولئك الذين يقولون (إن المفهوم القائل بأن اسرائيل أو أي دولة أخرى بإمكانها أن تصبح وطناً لكل شخص لم يولد منها ولايعرف أي قريب له ولد فيها) وهذا ليس سوى مثال إضافي لمعرفة إلى أي درجة شوهت الصهيونية اللغة، في محاولة منها لتسويغ مالا يمكن تسويغه.‏

ونشك في إيجاد حجة تدحض فيها فكرة دولة وحيدة كان واضحاً وحينما كتبت أن الفرنسيين والألمان لم يتفقوا على العيش معاً هل كان في اعتقادك أن أي شخص كان يمكنه أن يجري مقارنة ومقايضة بين الوضعين؟ هل معنى ذلك أن الفرنسيين كانوا على وشك احتلال ألمانيا؟ أو أن العكس صحيح؟‏

ومازالت تدهشني جهودكم الرامية إلى الفصل بين المستوطنين من اليهود الذين يعيشون داخل الخط الأخضر، وكأن معظم سكان اسرائيل، بحصر المعنى، ليسوا مسؤولين عن انتخاب ثلة من القتلة المجرمين المحترفين، وبصفتهم رؤساء حكومة سعى جميعهم الواحد تلو الآخر إلى توسيع المستوطنات وليس ثمة استطلاع للرأي في اسرائيل منذ عام 1988 ( وقد اطلعت عليهم جميعاً) وكان هذا التاريخ بداية الانتفاضة الأولى، حيث لم يدع فيه نصفهم إلى التطهير العرقي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.‏

ألم يكن هناك الكثير من المستوطنين خلال عام 1988؟ كن جدياً..‏

في جنة ديمقراطيتك كل يهودي أو يهودية هو شرعي، وهؤلاء لعبوا دور الممثل طيلة 42 عاماً في الضفة والقطاع، هل هؤلاء هم أبرياء؟ البارحة كنت أشاهد على قناة الجزيرة جنوداً اسرائيليين يطلقون غازات مسيلة للدموع وسائلاً أخضر مثيراً للغثيان ضد فلسطينيين عزل يتظاهرون ضد جدار الفصل الذي قضم أراضيهم في قرية نعلين.‏

وبعدها استهدف هؤلاء الجنود مندوب الجزيرة، هل ينتظرون منا أن ندعم هؤلاء الشباب البلطجية، بثياب العسكرية الاسرائيلية؟‏

من يكرههم يحكمون عليه، ولايحكمون على هؤلاء ومن أرسلهم إلى هناك.‏

أنت تستخدم كلمة سلام في كل حين، أما كلمة عدالة فلا يخشى عليها أن تبلى من قلة استخدامها، هذا مايميزك أنت وأصدقاءك الصهاينة عن الفلسطينيين ومن يدعمهم بصدق وإخلاص.‏

إن الاحتلال يثقل ضميرك، ويسيء إلى شعورك بالانتماء والهوية بصفتك اسرائيلياً، ولكن إلى أي حد تتأثر به حياتك؟‏

إن إنهاء الاحتلال، بأي طريقة كانت سيحمل السكينة لروحك وفكرك، وترتاح من ذكرياتك.... وهنا حاول إن استطعت أن تتخيل نفسك في جسد فلسطيني، وأنك تخضع لتعسف هذا البلطجي الاسرائيلي طوال حياتك، هل كنت ستبحث عن السلام، وغياب هذا البلطجي أم ستبحث وتطالب بتحقيق العدالة؟‏

ولايمكن لخاتمتك أن تعبر سوى عن الالتباس والغموض.‏

كتبت أنك تريد أن تكون (اسرائيل دولة ينتمي إليها كل مواطنيها دون تمييز بالعرق والجنس، والدين واللغة، والحقوق متساوية للجميع) ومع ذلك فقد افترضت أن ثمة أغلبية يهودية ستسمح لمواطنيها العرب بتعزيز روابطهم الوثيقة مع إخوانهم الفلسطينيين إن لم يكن هناك فرق بين مواطن وآخر، بين يهودي وعربي، فكيف تخيلت أن الأغلبية ستستمر يهودية؟‏

أو ربما ارتأيت إمكانية أن يصبح السكان العرب الفلسطينيون في اسرائيل، وهم منذ الآن، بأغلبيتهم ثنائيو الجنسية عربي - عبري هم الأغلبية. وهذا معناه أن اسرائيل حينها لن تعد دولة يهودية.‏

وإن كانت تلك هي الحالة، مازالت هناك بقية أمل فيك.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية