وقد تعهدت طهران بأن ترد في اللقاء على كل الأسئلة وأن تتعامل معه بجدية منطلقة من موقع قوة داخلي هذه المرة، يستند الى المشاركة الواسعة في الانتخابات الرئاسية الاخيرة، رغم كل الجدل الذي أثير حولها. أما واشنطن، فرأت فيه “خطوة اولى مهمة” بينما طلب الاتحاد الأوروبي ان يسبقه التركيز على المفاوضات مع إيران، وليس على تشديد العقوبات المفروضة عليها.
وقد اعلن الممثل الاعلى لسياسة الاتحاد الاوروبي الخارجية خافيير سولانا ان الاجتماع المذكور بين ايران والدول الست الكبرى سيتم على الارجح في تركيا.
وسيشارك في الاجتماع الى جانب سولانا والمفاوض الايراني في الملف النووي سعيد جليلي ممثلون عن الدول الست التي تفاوض طهران منذ سنوات في ملفها النووي وهي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا) اضافة الى المانيا. وعقد آخر اجتماع مماثل بمشاركة مندوب اميركي في تموز 2008 في جنيف.
ولم يستبعد سولانا مبدأ فرض العقوبات على ايران قائلا ان القوى الكبرى لم تتخل عن استراتيجية “المقاربة المزدوجة”.
وفي اطار هذه السياسة، تقترح القوى الكبرى مساعدة ايران على ان تمتلك طاقة نووية لغايات سلمية تحت رقابة دولية مع تهديد ايران في الوقت نفسه بعقوبات جديدة في حال رفضها الاشراف الدولي للتأكد ان ايران لا تستخدم برنامجها النووي لغايات عسكرية.
وحول ما اذا كانت طهران يمكن أن توافق على ابطاء او وقف عمليات تخصيب اليورانيوم كما يطالب مجلس الامن الدولي، قال المفاوض الايراني جليلي انه ما دام الحق بالتخصيب قائماً لا توجد اي مشكلة.
وطلب المسؤول الإيراني من الوكالة الذرية إقرار قانون يحظر مهاجمة المنشآت النووية لدولة عضو فيها، وقال إن طهران تتعرض لتهديدات بضرب منشآتها النووية لكنها واثقة من قدرتها على الدفاع عن نفسها، متهماً الولايات المتحدة بنشر التخويف والأسلحة في الخليج.
وكان المتحدث باسم الخارجية الايرانية حسن قشقوي ذكر ان حزمة المقترحات الايرانية بشأن البرنامج النووي تهدف الى تبديد القلق الدولي حول هذا الموضوع من خلال التركيز على نزع عالمي للاسلحة ورفع شعار مفاده ان الطاقة النووية للجميع والقنبلة النووية ليست لاحد.
واوضح قشقوي ان مسألة قضية نزع عالمي للسلاح النووي يشكل قاعدة جيدة للمباحثات بين ايران والدول الست الكبرى .
ويرى مراقبون ان المقترحات الجديدة التي قدمتها إيران بشأن ملفها النووي ومع قرب انتهاء الموعد الذي حدده الرئيس باراك أوباما للحكم على طريقة تعاطي إيران بشأن هذا الملف والتقرير الأخير للوكالة الدولية بهذا الخصوص.. كل ذلك يدخل الجدل بشأن الملف النووي الإيراني مرحلة جديدة، خاصة بعد اعتبار الدول الست خلال اجتماعها الأخير في ألمانيا أن تقرير الوكالة الدولية يؤسس لموجة رابعة من العقوبات ضد إيران.
في مواجهة بوادر التصعيد المحتمل سمحت ايران لمفتشي الوكالة الدولية بزيارة مفاعل أراك للأبحاث النووية ، اضافة الى تقديم حزمة جديدة من المقترحات للدول الست بشأن ملفها النووي وسط مطالبتها بإعادة هذا الملف من مجلس الأمن إلى الوكالة الدولية.
وإذا كان هناك تأكيد من الدول الكبرى على أهمية قراءة متأنية للمقترحات الإيرانية إلا أنه من الواضح أن هذه المقترحات أثارت خلافات بين الدول الكبرى في كيفية التعامل معها، حيث اقسم تلك الدول بين من رأى أنها لم تقدم أي جديد، ومن رأى ضرورة عقد جولة حوار مع طهران قبل الحكم عليها . وبانتظار اتضاح الصورة فإن هذه التطورات تضع الملف النووي الإيراني أمام خيارين : إما أن يتجه نحو الانفتاح من خلال سحبه من مجلس الأمن الدولي إلى الوكالة الدولية كما تطالب إيران واعتماد لغة الحوار للتوصل إلى تسوية على أساس المقترحات الإيرانية الجديدة، أو أن تستغل الدول الغربية التقرير الأخير للوكالة وتقفز فوق هذه المقترحات لفرض مجموعة رابعة من العقوبات على إيران تزامنا مع انتهاء المهلة التي وضعها اوباما لطهران من أجل الحكم على سلوكها بشأن هذا الملف قبل مباشرة الحوار بين الجانبين.