أن الفكاهة اتسعت في شعر الشعراء إذ أخذوا يرصدون بها كثيراً من الحوادث السياسية وقد كثر القول بين الناس عن الفاطميين ونسبهم وهل ينسبون حقاً إلى فاطمة الزهراء أو لا ينسبون ونجد شاعراً فكهاً يتسرب من خلال هذا الشك إلى تأليف مقطوعة بلغت به جرأته أن رمى بها على منبر المسجد الجامع يوم الجمعة فلما صعد «العزيز» ثاني خلفائهم تناولها فإذا فيها:
إنا سمعنا نسباً منكراً
يتلا على المنبر في الجامع
إن كنت في ماتدعي صادقاً
فاذكر أباً بعد الأب الرابع
أو فدع الأنساب مستورة
وادخل بنا في النسب الواسع
فإن أنساب بني هاشم
يقص عنها طمع الطامع
وكان المصريون يتندرون بمثل هذا الشعر، وهكذا تقدم شاعر ثان فألقى على المنبر في يوم آخر من أيام الجمعة رقعة كتب فيها:
بالظلم والجور قد رضينا
وليس بالكفر والحماقة
إن كنت أعطيت علم غيب
فقل لنا: كاتب البطاقة
يقول د. ضيف: لعله كان يسخر بذلك من «الخليفة» الحاكم وترهاته وما كان يدّعيه من علم الغيب بل الألوهية.