تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مشـــهد النظافــــة في حمـــــاة وضبابيـــــة الحلـــــول..تلـــوث الميــــاه والبيئـــة .. وأمـراض ســــارية

تقارير
الخميس 17-9-2009م
أيدا المولى

يبدو المشهد البيئي أكثر من فوضوي في حماة حيث تشاهد تلال القمامة والنفايات فيما الجهود التي تقوم بها الجمعيات الأهلية تجد صدى ضعيفاً وتكاد لا تجد أي رد فعل إيجابي من أجل الحفاظ على بيئة نظيفة.

المهندسة اخلاص الدبيان رئيس لجنة البيئة في جمعية عاديات سلمية ترأست حملة من أجل التخلص من أكياس النايلون والاستعاضة عنها بكيس قماشي لا يحتاج لا إلى ميزانية حكومية ولا ميزانية فردية في سبيل التخفيف من أضرار أكياس النايلون على البيئة بكل مفرداتها الطبيعية والبشرية أصغى الجميع لكن أحداً لم يستجب لأسباب لا تتعلق برؤية الحملة بعيدة المدى لكن لأن هذه الجهود الأهلية التطوعية بحاجة إلى مساندة حكومية ومن القطاع الخاص الذي رخص له العمل بافتتاح معامل لأكياس النايلون.‏

ومشكلة البيئة اليوم لا تنحصر في أضرار هذه المادة التي تشكل جزءاً جديراً بالاهتمام لكن المشكلة الأكبر تكمن في تناثر مكبات القمامة في كل منطقة من محافظة حماة التي تترامى أطرافها على مساحة 8880 كم2 والطرق الخاطئة في جمع وترحيل النفايات وفي اختيار مواقعها.‏

الواقع الراهن لإدارة النفايات الصلبة‏

الدكتور المهندس محمد المحمد من جامعة البعث كلية الهندسة المدنية قسم الهندسة البيئية عرض واقعاً مخجلاً ومزرياً لمكبات النفايات بدءاً من الهيكل المؤسساتي وانتهاء بعرض نتائج وحلول بسيطة ورخيصة - كما قال - لتفادي هذا الواقع حيث يذكر أن كادر مجلس مدينة حماة من المهندسين المختصين بإدارة النفايات الصلبة هما مهندسان اثنان فقط ولا يوجد أي مهندس في البلديات الأخرى بينما تحظى مدينتا محردة والسقيلبية ومصياف بمهندس واحد ويبلغ عدد عمال النظافة في مجلس مدينة حماة 377 عاملاً و40 سائقاً بينما تتراوح أعداد عمال النظافة في صوران والطيبة وكفرزيتا واللطامنة والسقيلبية من 6 عمال إلى 18 عاملاً وتعاني المجالس الأخرى من عدم عدالة توزيع العمال حيث تبلغ في مصياف ومحردة 32 عاملاً بينما في السلمية 24 عاملاً فقط بالرغم من اتساع الرقعة الجغرافية البالغة 2050 هكتاراً في الأخيرة مقارنة بمحردة ومصياف.‏

كمية نفايات الورق والكرتون والنفايات البلاستيكية المسجلة في حماة قليلة حيث يتم فرز وإعادة استخدامها قبل وصولها إلى المكب، والنسبة الأكبر فيها هي النفايات العضوية (نفايات المطبخ) حيث تبلغ في مدينة حماة 81٪ من الكمية الكلية وبسبب إطعام هذه النفايات للحيوانات وهذا نوع من تقنيات الحد من كمية النفايات وإعادة تدويرها فإن كمية النفايات العضوية قليلة في الريف.‏

الجمع والترحيل‏

يقول الدكتور المحمد إن معظم التجمعات السكانية تعتمد أكياس النايلون لجمع النفايات والبعض الآخر يعتمد البراميل، وقليل من هذه التجمعات يوجد فيها حاويات نظامية.‏

والحقيقة لا نعرف ما هي المعايير المعتمدة لتزويد البلديات بالحاويات ففي حين تصل أعداد الحاويات في حماة إلى 2600 حاوية تبلغ في سلمية 13 حاوية والسقيلبية 65 ومحردة 75 حاوية.‏

وتعتمد معظم التجمعات السكانية على نقل النفايات عبر جرارات مزودة بقاطرة مكشوفة كوسيلة لترحيل النفايات البلدية الصلبة إلى مواقع التخلص وهي المكبات العشوائية.‏

لكن ماذا بعد ذلك؟‏

يضيف: إن عمليات المعالجة للنفايات الصلبة مفقودة ولا وجود لها البتة في كافة أرجاء المحافظة مشيراً إلى أن المفهوم السائد للمعالجة يختلط بمفهوم التخلص منها والطريقة المتبعة الوحيدة للتخلص من النفايات البلدية الصلبة في كافة الوحدات الإدارية هو ترحيلها إلى مكبات غير نظامية.‏

ويؤكد أن هذه المكبات مصدر رئيسي للتلوث عدا على أن مواقع التخلص غير معتمدة للنفايات الطبية والصناعية ونواتج الهدم والبناء التي لا يتم فرزها عن النفايات الصلبة.‏

المكبات العشوائية في المحافظة‏

تم اختيار مواقع للمكبات لا تحسد عليها المحافظة فهي في عمق الأراضي الزراعية على أطراف الطرق والمسيلات المائية وفي الوديان وقرب بحيرات السدود أو بالقرب من مداخل التجمعات السكانية، حيث نذكر أن المكب الموجود في صوران يقع في عمق الأراضي الزراعية المشجرة بالفستق الحلبي ويكلل هذا المكب نفايات مسالخ الفروج مما يزيد من حدة تكاثر الذباب وانتشار الروائح إضافة إلى نفايات مفاقس الدجاج وهذا أحد عوامل انتشار اللايشمانيا حيث تعتبر صوران إحدى بؤر انتشار ذبابة الرمل المسببة لحبة حلب، ويتشابه الأمر في طيبة الإمام حيث يقع المكب في الأراضي المزروعة بمحاصيل الزيتون والفستق، وفي مرداش تجد المواشي مرعاها في المكب الواقع على الطريق الرئيسي، أما في عنان فيتم رمي النفايات على أكتاف أقنية الصرف مباشرة وضمن مجرى الأقنية، ويزداد الأمر سوءاً في تل سلحب حيث يلاصق المكب سد دير شميل التخزيني.‏

وترمي سلمية نفاياتها بالقرب من غابة تل التوت التي تعتبر متنفساً لسكان القرية والقرى المجاورة.‏

مدير بيئة حماة يعتبر أن مواقع هذه المكبات كارثية وهي تتجمع بشكل عشوائي وتتوزع في مواقع غير مناسبة لقربها من المساكن والحراج مما ينتج عن ذلك مشكلات صحية واحتراق غابات ناتج الاحتراق الذاتي للنفايات الأمر الذي يزيد من كثافة الدخان والغازات التي تلوث هواء المنطقة وتؤثر على صحة السكان.‏

ويخص بالذكر التأثر بمادة غاز الديوكسينات التي يؤكد أنها مواد مسرطنة، كما ينتج عن تجمع المكبات دون معالجة فنية وتؤثر على التربة والمياه الجوفية والسطحية.‏

ويطرح الدكتور محمد المحمد هذه الاستراتيجية عبر تحديد مواقع المكبات العشوائية والطريقة المتبعة في تشغيل المكب وكمية النفايات والآثار البيئية وقيمة الأرض في موقع المكب ويرى أنه على الجهة الدارسة أن تعتمد على نقاط رئيسية للعمل أولها ترحيل النفايات المتراكمة إلى أقرب مطمر صحي وإعادة الفرز للمكونات وتقييم مدى صلاحية المواد الناعمة التي يمكن استخدامها كأسمدة أو محسنات للتربة وتحويل المكب العشوائي إلى مطمر صحي، وبناء على ذلك يضيف المحمد.‏

كان لابد من وجود مخطط تعتمد عليه محافظة حماة لمعالجة الوضع القائم فكان المخطط التوجيهي الذي وضعته الشركة الفرنسية لكل محافظات القطر ومنه محافظة حماة التي اعتمدت عدة مواقع للمطامر في المحافظة والذي تمت المباشرة فيه، والاعتمادات المالية هي التي أخرت بدء المباشرة.‏

وذكر المهندس محمد مشعل مدير الخدمات الفنية أنه بموجب المخطط التوجيهي لإدارة النفايات الصلبة في سورية تم تقسيم محافظة حماة إلى ثلاثة قطاعات: غربي - شرقي - أوسط، بهدف إنشاء ثلاثة مجمعات متكاملة لإدارة النفايات الصلبة في كل قطاع والتي بدورها ستخدم جميع المناطق.‏

وأشار باسم عليوي مدير دائرة النفايات الصلبة في المديرية إلى أن مهمة هذه المجمعات هي التخلص من النفايات والمكبات العشوائية الموجودة في الوحدات الإدارية بشكل آمن وسليم إضافة إلى إمكانية الاستفادة منها مجدداً عبر عمليات تدويرها وفرزها في صناعة الأسمدة العضوية وصناعة البلاستيك والورق والكرتون والزجاج ضمن خطة عمل متكاملة في مجمع النفايات.‏

وأوضح أن هذا المجمع يقوم بعملية متكاملة لإعادة الاستفادة من مخلفات الإنسان الصلبة وفق آلية عمل تمر بمجموعة من المراحل التقنية التي يحويها المجمع وأهمها المطامر الصحية ومعامل فرز النفايات الصلبة من أجل تحديد نوعيتها وصنفها ومعمل لتحويل النفايات العضوية إلى أسمدة وقبان الكتروني وأحواض لتنفيذ الرشاحة وساحات مكشوفة للتخمير ومنظومة معالجة الغازات مع توفير البنية الأساسية من كوادر بشرية عاملة وآليات لازمة للتنفيذ.‏

الصورة مشرقة.. فهل نحن مدعوون للتفاؤل؟‏

كما لوحظ فإن الدراسة أنهت وضع الواقع اللاحضاري وأبدلته إلى صورة جميلة حيث ترحل النفايات عبر آليات لاترمى معظمها على الطرق وترحلها إلى أقرب مطمر وليس أي مطمر - لكن صحي فقط - وتعيد الفرز وتحول النفايات العضوية إلى أسمدة في معمل للمعالجة.‏

لكن إدارة النفايات الصلبة بحاجة إلى توفر قاعدة معلومات إيجاد أنظمة وتشريعات، إضافة إلى التوعية البشرية.‏

أما الواقع الراهن لهذه الإدارة فهو مترد ويعود ذلك إلى عدة أسباب يرجعها الدكتور محمد المحمد وهو أول مهندس يحمل دكتوراه في سورية مختصة بمعالجة النفايات الصلبة، والتردي عائد إلى ضعف وانعدام التخطيط في هذا المجال سواء على المستوى الاقليمي والوطني خلال الفترة التي تسبق عام 2004 ومع ذلك لم يخف أن بذور معالجة النفايات بدأت في حماة في منطقة عين البارد في سوق الغنم عبر معمل بسيط يتم تجميع النفايات في العراء لستة أشهر أو سنة يحترق قسم منها ويغربل قسم آخر صالح للسماد، إلا أن انتشار الأسمدة الكيماوية منذ 1999 أوقف الطلب على المعمل البسيط.‏

حيث ذكر الدكتور المحمد أن 25 ألف م3 من الأراضي ملوثة ببقايا الزجاج والحديد وغيرها.‏

ومنذ أكثر من عشر سنوات تم تنفيذ معمل معالجة النفايات في مدينة السلمية ولم يعمل وبقي بوابة بلا حارس حتى عبث به الزمن وانتهى أمره لأجل غير مسمى وحالة واحدة للبلديات الـ 175 حيث تنقل النفايات عبر أكثر من 250 جراراً زراعياً والصعوبات كثيرة تتعلق بآليات الجمع وصعوبات فنية تتعلق بالتجهيزات وغياب طرق المعالجة السليمة وقلة الكوادر إضافة إلى الصعوبات المالية والقانونية وصعوبة تطبيق قانون النظافة حيث تعمل البلديات بكل طاقاتها على هدم مخالفات البناء لكن المحاسبة لا تطول قانون النظافة اطلاقاً.‏

هل المخطط التوجيهي هو الحل؟‏

الحلول المقترحة لإدارة النفايات هو من أرخص الحلول حيث اعتمد المخطط موقع تل سلحب ليخدم مصياف والغاب لكن الموقع صخري يصلح لأعمال المشاريع الهندسية وهذه الطبيعة تحول دون تأمين تربة التغطية المرحلية والنهائية لجسم المطمر، وفي حال حدوث انهيار جسم المطمر سيؤدي إلى كوارث بيئية، لاسيما أن الموقع يجاور بالملاصقة سد دير شميل التخزيني ومن الناحية الاقتصادية فإن عمليات النقل مربكة للآليات التي سترحل من مصياف طيلة فصل الشتاء بسبب الظروف المناخية وانقطاع الطرقات بسبب الثلوج والصقيع خاصة في وادي العيون - عين حلا قيم.‏

والحل البديل لابد أن يأخذ بعين الاعتبار توضع الموقع بحيث يكون أقرب ما يكون إلى الوحدات الإدارية ذات الكثافة السكانية العالية، السقيلبية، والقيمة المنخفضة لأرض الموقع من حيث القيمة الزراعية وأن لا تتعرض هذه الأرض للغمر بمياه السيول الخارجية، وأن تكون الأرض ملائمة لتكون مطمراً صحياً من حيث توفر التغطية ويقترح الدكتور المحمد اعتماد موقع المطمر وخط فرز في كل من موقع قلعة المضيق على بعد 3 كم من القلعة وموقع ربعو على بعد 7 كم وإضافة إلى موقع حنجور.‏

إذاً هناك ملاحظات على المخطط التوجيهي لبعض المواقع لكن بعد القيام بعمليات المسح الطبوغرافي تم اعتماد موقع كاسون الجبل الذي تبلغ مساحته 55 هكتاراً من أصل 12 مطمراً والمقرر إنشاؤه بكلفة تصل إلى 66 مليوناً ليخدم تجمع الطيبة - صوران، واعتماد موقع في مصياف وحنجور لتجمع مصياف ومحردة والسقيلبية وموقع بركان لتجمع السلمية والحمرا لمجلس بلدية الحمرا مع اعتماد 12 محطة للنقل.‏

ومؤخراً تم تعاقد الخدمات الفنية مع الإنشاءات العسكرية لتنفيذ عناصر المشروع وفق الأولويات بدءاً من تنفيذ المبنى الإداري والمطمر وملحقاته إضافة إلى موقع بركان.‏

في الجلسة الأخيرة لمجلس المحافظة ذكر أن هيئة تخطيط الدولة رصدت لمشاريع النظافة إدارة النفايات الصلبة 40 مليوناً وحالياً ترصد 750 مليوناً للأمر ذاته والمحافظة بانتظار رؤية مشروع على أرض الواقع ويستحق بالفعل رصد الملايين وصرفها لمعالجة واقع النظافة في محافظة حماة، وبانتظار مشروع يعمل وفق خطة طويلة ومبرمجة تبقى سارية المفعول لسنوات طويلة أيضاً لا أن يتبع سياسة: هون حفرنا وهون طمرنا.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية